Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

مظاهرات طلابية في ألمانيا احتجاجا على قانون التجنيد

شهدت ألمانيا اليوم الجمعة مظاهرات واسعة النطاق نظمتها مجموعات طلابية في حوالي 90 مدينة، احتجاجًا على قانون الخدمة العسكرية الجديد الذي أقره البرلمان الفيدرالي (بوندستاغ). ويهدف القانون المثير للجدل إلى تعزيز قدرات الجيش الألماني، لكنه أثار مخاوف بين الشباب وأولياء الأمور بشأن مستقبلهم والتركيز على القضايا العسكرية بدلاً من التعليم والتدريب المهني.

وتأتي هذه المظاهرات بعد أيام قليلة من الموافقة النهائية على القانون، حيث شارك آلاف الطلاب في التجمعات الاحتجاجية التي بدأت في مدن مثل برلين وهامبورغ وكولونيا، وامتدت لتشمل مدنًا أخرى في جميع أنحاء البلاد. وتعد المظاهرات تعبيرًا عن القلق المتزايد بشأن التوجهات الأمنية الجديدة في ألمانيا وتأثيرها على المجتمع.

أهداف ومضمون قانون الخدمة العسكرية

ينص القانون الجديد على إمكانية تطوع الرجال والنساء الذين بلغوا 18 عامًا لأداء الخدمة العسكرية لمدة لا تقل عن ستة أشهر. بالإضافة إلى ذلك، يسمح القانون بإعادة تطبيق شكل من أشكال الخدمة العسكرية الإلزامية في المستقبل، في حال عجزت وزارة الدفاع عن تحقيق أهدافها في التجنيد التطوعي. ووفقًا لوزارة الدفاع، فإن الهدف من هذه الخطوة هو زيادة عدد أفراد الجيش الألماني النشطين إلى 270 ألفًا، بالإضافة إلى 200 ألف فرد احتياطي، بحلول عام 2035.

خلفية القرار وأسباب إقراره

جاءت هذه الخطوة بعد نقاشات مطولة حول قدرة الجيش الألماني على مواكبة التحديات الأمنية المتزايدة، خاصة في ظل الحرب في أوكرانيا وتصاعد التوترات الجيوسياسية. وقد دعت الحكومة الألمانية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية، مع التأكيد على أن القانون الجديد يهدف إلى ضمان أمن البلاد والمساهمة في الأمن الأوروبي. وقد دعى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) إلى العودة إلى نظام تجنيد إجباري قائم على القرعة، لكن هذا الاقتراح واجه معارضة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الشريك الرئيسي في الائتلاف الحاكم.

ومع ذلك، أشار وزير الدفاع بوريس بيستوريوس إلى أن الخدمة العسكرية ستبقى تطوعية “إذا سارت الأمور على ما يرام”، لكنه حذر من أن توسيع البرنامج قد يكون ضروريًا إذا “تدهور” الوضع الأمني ولم تحقق القوات المسلحة أهدافها. وقد أثار هذا التحذير قلق العديد من المراقبين بشأن إمكانية تحول الخدمة العسكرية إلى إلزامية في المستقبل القريب.

وركزت الاحتجاجات بشكل خاص على فكرة الخدمة العسكرية كبديل للتعليم والتدريب المهني، حيث اعتبر المتظاهرون أن القانون الجديد قد يحرم الشباب من فرص الحصول على تعليم جيد وفرص عمل واعدة. ورفعت اللافتات شعارات مثل “أماكن للتعليم المهني بدلاً من الحرب” و”الانضمام إلى الجيش ليس من أولوياتي”.

بالإضافة إلى ذلك، أعرب بعض المتظاهرين عن قلقهم بشأن التكاليف المالية والأثر الاجتماعي المحتمل للقانون الجديد. وتعتبر ألمانيا بالفعل من بين الدول التي تنفق أكثر على الدفاع في أوروبا، وقد يؤدي زيادة الإنفاق العسكري إلى تقليص الموارد المتاحة للخدمات العامة الأخرى، مثل التعليم والرعاية الصحية.

وتشير التقارير إلى أن المظاهرات سارت بشكل سلمي في معظم المدن، لكن الشرطة اضطرت إلى التدخل في بعض الحالات لمنع وقوع اشتباكات أو أعمال تخريب. كما أظهرت استطلاعات الرأي العام تباينًا كبيرًا في المواقف تجاه القانون الجديد، حيث يدعمه البعض باعتباره ضروريًا لتعزيز الأمن القومي، بينما يعارضه آخرون باعتباره خطوة غير ضرورية ومكلفة.

الخلاف حول التجنيد الإجباري أو الخدمة العسكرية الاختيارية ليس جديدًا في السياسة الألمانية. ففي عام 2011، تم إلغاء التجنيد الإجباري الذي كان سارياً لأكثر من 50 عامًا. ويدور النقاش الآن حول ما إذا كانت الظروف الأمنية المتغيرة تتطلب إعادة النظر في هذا القرار. كما أن قضية الاستعداد العسكري أصبحت أكثر أهمية في ظل التحديات الجيوسياسية المتزايدة.

الخطوة التالية لتفعيل القانون هي موافقة المجلس الاتحادي (Bundesrat)، الذي يمثل الولايات الألمانية. ومن المتوقع أن تتم مناقشة القانون في المجلس الاتحادي في الأشهر المقبلة، وقد يشهد ذلك معارضة من بعض الولايات. في حال تمت الموافقة عليه، من المتوقع أن يبدأ تطبيق القانون في منتصف عام 2027. ويجب مراقبة ردود فعل الولايات الألمانية، بالإضافة إلى تطورات الوضع الأمني في أوروبا، لتقييم التأثير الفعلي لهذا القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى