Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

منتدى الدوحة يناقش ازدواجية المعايير الأوروبية تجاه غزة

الدوحة – لم تعد الحرب الإسرائيلية على غزة مجرد أزمة إنسانية، بل تحولت إلى اختبار حاسم لمصداقية الخطاب الأوروبي حول العدالة الدولية وسيادة القانون. هذا ما أكده مشاركون في منتدى الدوحة 2025 خلال جلسة ناقشت ترسيخ نظم العدالة وسيادة القانون، معتبرين أن الأزمة تكشف عن فجوة متزايدة بين المبادئ المعلنة والتطبيق الفعلي على أرض الواقع.

الجلسة، التي أقيمت بالشراكة مع المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والإستراتيجية، سلطت الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن عودة الحرب كـ”خيار مقبول” في إدارة الأزمات الدولية. وحذر مسؤولون وقانونيون من أن جوهر المشكلة لا يكمن في نقص القوانين، بل في غياب الإرادة السياسية لتطبيقها بشكل عادل ومنصف، دون انتقائية أو تحيز.

تحديات تطبيق مبادئ العدالة الدولية

المدعي العام في مكتب النائب العام السويسري، شتيفان بلاتلر، أكد أن الاكتفاء بانتقاد بعض الأطراف المتورطة في النزاعات، بينما يتم التغاضي عن انتهاكات حلفائهم، يقوض شرعية اتفاقيات جنيف ويفرغها من مضمونها العملي. وأضاف أن هذا السلوك يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب، مما يشجع على تكرار الانتهاكات.

من ناحية أخرى، استعاد وزير خارجية البوسنة والهرسك، إلمدين كوناكوفيتش، تجربة بلاده مع الحرب والسلام، مشيراً إلى أن السلام المستدام لم يكن ممكناً إلا من خلال محاسبة مرتكبي الجرائم. وأوضح أن ما يجري اليوم في غزة وأوكرانيا والسودان يعكس أزمة عميقة في مبدأ العدالة المتساوية داخل النظام الدولي.

تجربة البوسنة والهرسك والإفلات من العقاب

وأضاف كوناكوفيتش أن إدانة استهداف المدنيين لا يمكن أن تكون ذريعة لتبرير القتل الجماعي أو التدمير الشامل. وأشار إلى أن تجارب الحروب السابقة أثبتت أن الإفلات من العقاب لا ينهي النزاعات، بل يعيد إنتاجها بأشكال أكثر عنفاً.

في سياق متصل، سلطت الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، ديمة اليحيى، الضوء على البعد الرقمي للأزمات الدولية، محذرة من أن التضليل الإعلامي والأخبار الزائفة باتا شريكين فعليين في تشويه الحقائق وتقويض العدالة، خاصة في مناطق النزاع.

انتقادات للخطاب الأوروبي حول العدالة

المداخلة الأكثر إثارة للجدل جاءت من السياسي الفلسطيني، مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية. وتساءل البرغوثي عن معنى القيم الأوروبية حين تطبق بصورة انتقائية، مستنكراً التناقض في التعامل مع النزاعات المختلفة. وأشار إلى تصريحات لممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية، كايا كالاس، حول عدم إمكانية المساواة بين المعتدي والضحية في الحرب الروسية الأوكرانية، متسائلاً عما إذا كان هذا المبدأ ينطبق أيضاً على الحرب الإسرائيلية على غزة.

واعتبر البرغوثي أن هذا التناقض يعكس إخفاقاً أخلاقياً ويحول القانون الدولي إلى أداة سياسية تستخدم وفق المصالح، لا المبادئ. وحذر من أن استمرار هذا الكيل بمكيالين لا يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل يقوض أسس النظام الدولي القائم على القواعد، ويدفع العالم نحو منطق القوة بدل القانون.

النقاشات في المنتدى ركزت أيضاً على دور التكنولوجيا في تشويه الحقائق وتقويض العدالة، حيث أكدت اليحيى أن اتساع الفجوة الرقمية يحرم مليارات البشر من إيصال أصواتهم ومطالبهم، مما يساهم في انتقال العالم من نظام قائم على القواعد إلى نظام تحكمه أدوات القوة والتكنولوجيا.

وشدد المشاركون على أهمية حوكمة دولية مشتركة للمجال الرقمي، تشمل الذكاء الاصطناعي والحقوق الرقمية ومكافحة التضليل، بما يضمن ألا تتحول التكنولوجيا إلى أداة جديدة لإدامة الظلم. كما تم التأكيد على ضرورة تعزيز آليات المساءلة والمحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

من المتوقع أن يصدر منتدى الدوحة توصيات بشأن تعزيز العدالة الدولية وسيادة القانون، والتي سيتم تقديمها إلى القادة وصناع القرار في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذه التوصيات إلى إجراءات فعلية على أرض الواقع، في ظل استمرار النزاعات وتصاعد التوترات الدولية. وسيكون من المهم مراقبة ردود الفعل على هذه التوصيات، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات ملموسة في السياسات والممارسات الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى