Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تكنولوجيا

“من “إكس” إلى “غروك”.. كيف يغير “كولوسس” قواعد اللعبة؟

تشهد عالم الحوسبة تطورات غير مسبوقة، حيث أصبحت الحواسيب العملاقة ركيزة أساسية للتقدم العلمي والتكنولوجي في مجالات متنوعة مثل التنبؤات المناخية، وتطوير الأدوية، وأبحاث الفيزياء النووية، وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. ومع اقتراب عام 2025، يشتد السباق العالمي لتطوير هذه الحواسيب، وتحديدًا للوصول إلى قدرات حوسبة تصل إلى مستوى الإكزافلوب، أي مليار مليار عملية حسابية في الثانية.

تهيمن الولايات المتحدة حاليًا على قائمة أقوى الحواسيب العملاقة في العالم، حيث يتصدر “إل كابيتان” و “فرونتير” هذه القائمة. بينما يحقق حاسوب “أورورا” أداءً يبلغ 1012 “بيتافلوب”. يمثل هذا التفوق الأمريكي في مجال الحوسبة الفائقة مؤشرًا على الاستثمارات الضخمة التي تبذلها البلاد في هذا القطاع الحيوي.

صعود الحواسيب العملاقة للذكاء الاصطناعي

في السنوات الأخيرة، شهدنا تحولًا ملحوظًا في طبيعة الحواسيب العملاقة، حيث بدأت الشركات الكبرى بالتركيز على بناء حواسيب مخصصة للذكاء الاصطناعي بدلًا من الاعتماد على الحكومات. هذا التحول أدى إلى زيادة المنافسة في هذا المجال، وأصبح عدد رقائق الرسوميات (GPUs) هو المقياس الرئيسي للأداء.

وبرز في هذا السياق حاسوب “كولوسس” التابع لشركة “إكس إيه آي” (xAI) كأكبر حاسوب عملاق مخصص للذكاء الاصطناعي في العالم، على الرغم من أنه غير مدرج رسميًا في قوائم الحواسيب العملاقة التقليدية. يركز “كولوسس” على تسريع عمليات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا نماذج “غروك” (Grok) اللغوية الكبيرة.

يتميز “كولوسس” بقدرته على دمج البيانات الحية والمتغيرة باستمرار، مثل الأخبار، وحالة المرور، وحتى مشاعر الجمهور عبر منصة “إكس” (X) وبيانات استشعار شركة “تسلا” (Tesla)، مما يمنحه ميزة فريدة على النماذج التقليدية التي تعتمد على مجموعات بيانات ثابتة.

بنية “كولوسس” وقدراته

لم يقتصر استخدام “كولوسس” على تدريب نماذج “غروك” فحسب، بل يمتد ليشمل تطوير تقنيات القيادة الذاتية في “تسلا”، والروبوتات البشرية، والمحاكاة في “سبيس إكس” (SpaceX)، وأبحاث واجهة الدماغ والحاسوب التي تجريها “نيورالينك” (Neuralink).

وقد نجحت “إكس إيه آي” في بناء “كولوسس” بسرعة قياسية، حيث حولت مصنعًا مهجورًا إلى مركز تدريب ضخم للذكاء الاصطناعي في غضون 122 يومًا فقط، وهو ما يمثل تناقضًا كبيرًا مع المدة التي تستغرقها مراكز البيانات التقليدية (عادةً 4 سنوات).

في البداية، امتلك الحاسوب 100 ألف رقاقة رسوميات من نوع “إتش 100” (H100) من “إنفيديا” (Nvidia). ومن ثم، تم توسيع الحاسوب ليضم 50 ألف رقاقة إضافية من نوع “إتش 100” و 50 ألفاً من نوع “إتش 200″، بالإضافة إلى 30 ألف رقاقة من نوع “جي بي 200”. ليصل إجمالي رقائق الرسوميات إلى 180 ألفًا، ليستهلك الحاسوب حوالي 300 ميغاواط من الطاقة.

وبفضل هذه القدرات الهائلة، يوفر “كولوسس” سرعة نقل بيانات للذاكرة تبلغ 194 “بيتابايت” (Petabytes) في الثانية، ونقلًا شبكيًا لكل خادم بسرعة تصل إلى 3.6 “تيرابت” (Terabits) في الثانية، بالإضافة إلى سعة تخزين تتجاوز “إكسابايت” (Exabyte). يعتمد “كولوسس” على أنظمة التبريد السائل المتقدمة للحفاظ على أداء مستقر وموثوق.

توسع “إكس إيه آي” نحو “كولوسس 2”

يعكس نجاح “كولوسس” الطموحات الكبيرة لشركة “إكس إيه آي” في مجال البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن قدرة “كولوسس” الحالية (300 ميغاواط) قد تبدو متواضعة مقارنة بالمشاريع المستقبلية التي تخطط لها الشركات المنافسة، والتي قد تصل إلى سعات تبلغ غيغاواط واحد أو أكثر.

لذلك، أطلقت “إكس إيه آي” مشروع “كولوسس 2″، الذي يمثل خطوة نوعية في تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن يستهلك “كولوسس 2” ما يصل إلى 1.2 غيغاواط من الطاقة، مما يجعله واحدًا من أكبر مراكز البيانات في العالم.

تخطط “إكس إيه آي” لتزويد “كولوسس 2” بـ 550 ألف رقاقة رسوميات من نوع “جي بي 200” و “جي بي 300″، مع هدف الوصول إلى مليون رقاقة رسوميات في المستقبل القريب. هذا التوسع الهائل سيزيد بشكل كبير من قدرات “إكس إيه آي” في مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.

بالتزامن مع ذلك، يشهد مجال الحوسبة الكمومية تطورات واعدة. فقد أثبت معالج “سيكامور” (Sycamore) من شركة “غوغل” قدرته على التفوق على أسرع الحواسيب العملاقة في بعض المهام المحددة. كما تعد شريحة “ويلو” (Willow) الكمومية بتحسينات كبيرة في دقة الحسابات وتصحيح الأخطاء.

وفي الختام، يمثل تطوير الحواسيب العملاقة، وخاصة تلك المخصصة للذكاء الاصطناعي، محركًا رئيسيًا للابتكار في العديد من المجالات. مع استمرار التنافس بين الشركات الكبرى، من المتوقع أن نشهد المزيد من التطورات المثيرة في هذا المجال خلال السنوات القادمة. يجب متابعة تطور الحوسبة الكمومية عن كثب، حيث قد تمثل نقطة تحول في عالم الحوسبة، فضلاً عن انتظار إطلاق توسعة “كولوسس 2” المتوقعة في منتصف عام 2026 وتقييم تأثيرها على المشهد التنافسي للذكاء الاصطناعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى