أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، يوم الاثنين، عن وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، محمد الحداد، ومرافقيه في حادث تحطم طائرة بالقرب من أنقرة في تركيا. يمثل هذا الحادث خسارة كبيرة للجيش الليبي في ظل جهوده المستمرة لتحقيق الاستقرار وتوحيد المؤسسة العسكرية، ويطرح تساؤلات حول مستقبل هذه الجهود. التحقيقات جارية لتحديد أسباب حادث الطائرة.
وقع الحادث أثناء عودة الوفد الليبي من زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة. وذكرت التقارير أن الطائرة من طراز “فالكون 50” طلبت الهبوط الاضطراري قبل أن تنقطع الاتصالات بها. بالإضافة إلى رئيس الأركان، لقي حتفهم كل من رئيس أركان القوات البرية، الفريق ركن الفيتوري غريبيل، ومدير جهاز التصنيع العسكري، العميد محمود القطيوي، ومستشار رئيس الأركان، محمد العصاوي، والمصور محمد عمر أحمد محجوب.
محمد الحداد ومسيرته العسكرية
شغل محمد الحداد منصب رئيس الأركان العامة للجيش الليبي منذ عام 2020، وكان يعتبر من الشخصيات العسكرية البارزة في ليبيا بعد ثورة 17 فبراير. كان الحداد قائداً عسكرياً مؤثراً، وساهم بشكل كبير في جهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية التي عانت من الانقسام لسنوات.
ينحدر الحداد من مدينة مصراتة، ولعب دوراً محورياً في محاولة بناء جيش ليبي موحد وقادر على حماية السيادة الوطنية. كما شارك في اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وتوحيد القوات المسلحة الليبية.
وبرز اسم الحداد خلال التصدي للهجوم على طرابلس في عام 2019، حيث قاد القوات المدافعة عن العاصمة. كما شارك في احتواء العديد من الصراعات العسكرية في غرب ليبيا، مما جعله شخصية مؤثرة في المشهد السياسي والعسكري.
جهود توحيد الجيش الليبي
منذ توليه منصبه، تعهد الحداد بالعمل على بناء جيش ليبي نظامي موحد، قادر على حماية السيادة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام داخل المؤسسة العسكرية. وقد اتخذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، بما في ذلك عقد اجتماعات مع قادة من مختلف المناطق والتشكيلات العسكرية.
وقبل تعيينه رئيساً للأركان، شغل الحداد منصب آمر المنطقة الدفاعية الوسطى، وكان عضواً في الغرفة العسكرية المشتركة بالمنطقة الغربية. هذه المناصب أكسبته خبرة واسعة ومعرفة عميقة بالتحديات التي تواجه الجيش الليبي.
العلاقات العسكرية الدولية
نسج الحداد علاقات عسكرية واسعة مع دول مختلفة، لا سيما تركيا وإيطاليا. أجرى عدة زيارات رسمية إلى تركيا، ووقّع اتفاقيات عسكرية تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات التدريب والتسليح. كما وقّع اتفاقاً مع إيطاليا لتدريب القوات الخاصة الليبية وتعزيز قدراتها. التعاون العسكري مع هذه الدول كان يهدف إلى تطوير قدرات الجيش الليبي.
بالإضافة إلى ذلك، شارك الحداد في سلسلة لقاءات مع رئيس أركان قوات “القيادة العامة” الفريق أول عبد الرازق الناظوري، بهدف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية. جرت هذه اللقاءات في مدن مختلفة، بما في ذلك القاهرة وروما، وتناولت قضايا تتعلق بأمن الحدود ومكافحة الإرهاب.
أعلنت السلطات التركية أنها بدأت تحقيقاً شاملاً في ملابسات الحادث، بالتعاون مع الجانب الليبي. من المتوقع أن يستغرق التحقيق بعض الوقت لتحديد الأسباب الدقيقة لتحطم الطائرة. التحقيق في الحادث سيشمل فحص الصندوق الأسود للطائرة وتحليل البيانات الفنية.
من المرجح أن يؤدي هذا الحادث إلى فترة حداد وطنية في ليبيا، وقد يؤثر على مسار جهود توحيد الجيش الليبي. من المتوقع أن يتم تعيين رئيس أركان جديد في أقرب وقت ممكن، ولكن يبقى السؤال حول ما إذا كان سيتمكن من مواصلة جهود الحداد في بناء جيش ليبي موحد وقادر على حماية البلاد. المتابعة الدقيقة لتطورات الوضع السياسي والعسكري في ليبيا ستكون ضرورية في الفترة القادمة.
