موجة غلاء إثر قطع إسرائيل الطريق الدولي بين بيروت ودمشق
دمشق- زادت كُلفة الشحن التجاري البري بين لبنان ومناطق سيطرة النظام السوري خلال الأسبوع الماضي 40%، بعد قطع الطريق الدولي بين البلدين إثر قصف إسرائيل الذي استهدف محيط معبر المصنع في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وقال رئيس اتحاد شركات شحن البضائع في سوريا صالح كيشور، لوسائل إعلام محلية الخميس، إن ارتفاع كلف الشحن جاء على خلفية تغيير سائقي الشاحنات مسار رحلتهم من معبر المصنع إلى معابر الدبوسية والعريضة، التي تبعد حوالي 400 كيلومتر عن دمشق، إذ تعادل نحو 4 أضعاف المسافة التي تحتاجها الشاحنات للوصول إلى مركز مدينة دمشق من معبر المصنع.
وسبّب ذلك اضطرابا في حركة الاستيراد والتصدير بين البلدين، مما أفضى إلى موجة غلاء ضربت أسواق دمشق وريفها وبعض مناطق سيطرة النظام، وسط أزمة اقتصادية تشهدها البلاد، وواقع معيشي هو الأشد بؤسا منذ 12 عاما، وفق مراقبين.
عقبات إضافية
لم تقتصر العقبات التي يواجهها سائقو الشاحنات، ومن خلفهم شركات الشحن والنقل التجاري، على تغيير مسار الرحلات، وازدياد كلفة الشحن من حيث المحروقات وأجور اليد العاملة، بل أضيفت إليها عقبات أخرى مع تغييرهم مسار الرحلات إلى معبري الدبوسية في حمص والعريضة في طرطوس، والتي كان من أبرزها ارتفاع عدد الحواجز العسكرية التابعة للنظام، التي تمر عبرها الشاحنات في طريقها إلى دمشق، مما زاد “عدد الإتاوات التي يضطر سائقو الشاحنات لدفعها لهذه الحواجز، لقاء مرور شاحناتهم من دون تفتيش صُوري يعطّل الرحلة ساعات”، وفق قول سيمون. ن (37 عاما) سائق براد شحن على خط دمشق بيروت.
وأضاف سيمون. ن في حديث للجزيرة نت “حاجز بغداد وحده على طريق حمص دمشق قد يكلّف عبوره 50 ألف ليرة سورية (3.5 دولارات) وما فوق للسيارة الواحدة، هذا إذا توفرت الفواتير الخاصة بالبضائع، أما إذا لم تتوفر الفواتير، فإنك قد تضطر لدفع مبلغ يصل إلى مليوني ليرة (135 دولارا) للعبور”.
وبالإضافة لإتاوات الحواجز، تبرز عقبة تأمين المحروقات لسيارات الشحن من السوق السوداء، إذ إن المخصصات الحكومية من مادة المازوت للشاحنات التجارية لا تغطي كامل مستلزماتها من المادة، لذا يلجأ سائقو الشاحنات إلى تعبئة المستلزمات المتبقية من المادة من السوق السوداء بأسعار مرتفعة جدا.
وتراوح سعر لتر مادة المازوت الحر، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، في عموم مناطق سيطرة النظام بين 16 و18 ألف ليرة (1.1-1.3 دولار) بدلا من 12 ألفا (0.8 دولار)، وفي المقابل ارتفع سعره في السوق الرسمية (المدعوم حكوميا) إلى 5 آلاف (0.36 دولار) بدلا من ألفي ليرة (0.14 دولار).
ويعدّ (المصنع) المعبر الرئيسي بين البلدين، وكان يشهد، قبل العدوان الإسرائيلي على محيطه، عبور 30 إلى 40 شاحنة نقل تجاري يوميا، في حين أدى خروجه عن الخدمة إلى ركود كبير في حركة الاستيراد والتصدير بين سوريا ولبنان، كما أشار رئيس اتحاد شركات شحن البضائع في سوريا في حديثه لوسائل إعلام محلية.
ارتفاع أسعار السلع الغذائية
وكان لخروج معبر المصنع عن الخدمة، وارتفاع كلفة الشحن، وتراجع حركة تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا، وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، تداعيات على أسعار معظم السلع والخدمات في مناطق سيطرة النظام، والتي شهدت ارتفاعا مفاجئا خلال الأسبوع الماضي.
ورصدت الجزيرة نت -في جولة لها على أسواق دمشق وريفها- ارتفاعا في أسعار بعض السلع الغذائية والاستهلاكية والخدمات بنسبة تراوحت بين 15% و30% في ظرف أسبوع حيث:
- قفز سعر الزيت النباتي إلى 30 ألف ليرة (دولارين) مقارنة بـ22 ألفا (1.5 دولار) الشهر الماضي.
- ارتفع سعر كيلو السمن النباتي إلى 40 ألف ليرة (2.7 دولار) بدلا من 30 ألفا (دولارين).
- زاد كيلو التفاح الأخضر إلى 15 ألف ليرة (دولار) بدلا من 10 آلاف (0.73 دولار).
وسجلت أجور الشحن الداخلي بين المحافظات ارتفاعا ملحوظا، ومثال ذلك ارتفاع أجرة شاحنة اللاذقية/دمشق إلى 13 مليون ليرة (885 دولارا) بدلا من 10 ملايين (680 دولارا) الشهر الماضي.
وأقرت جمعية حماية المستهلك التابعة للنظام بارتفاع الأسعار بنسبة 15% في الأسواق منذ العدوان الإسرائيلي على معبر المصنع، وفق ما أشار إليه تقرير في صحيفة الوطن المحلية قبل أيام.
ويقول حسام. ز (30 عاما)، وهو محامٍ في دمشق، تعليقا على ارتفاع الأسعار للجزيرة نت “كان الأمر مفاجئا، لقد نمنا على أسعار وأصبحنا على أخرى، وصدمنا بارتفاع أسعار معظم البضائع من خضار وفواكه، وحفاظات وحليب أطفال، ودخان أجنبي، ووصل سعر عبوة الحليب لابني ذي العام و4 أشهر إلى 125 ألف ليرة (8.5 دولارات) بينما كان سعرها الأسبوع الماضي لا يتجاوز الـ100 ألف (6.8 دولارات)”.
من جهته، أرجع عضو غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم، في حديث لصحيفة البعث الرسمية، ارتفاع أسعار بعض البضائع محلية الصنع في سوريا إلى كونها تعتمد في صناعتها على مواد أولية مستوردة من لبنان.
أزمة شح محروقات
وتترافق موجة الغلاء في أسواق مناطق سيطرة النظام، مع أزمة شح محروقات متفاقمة أدّت إلى شلل حركة النقل العام ومضاعفة تكاليف وأجور النقل الخاص، بالإضافة إلى أزمة سكن مستجدة على خلفية الارتفاع الكبير الذي شهدته بدلات إيجار الشقق السكنية تزامنا مع نزوح آلاف العائلات اللبنانية والسورية إلى تلك المناطق بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير في لبنان.
(المصنع).. انقطاع الشريان
ويعد (المصنع) المعبر الرئيسي بين سوريا ولبنان، ويبعد عن دمشق حوالي 40 كيلومترا، وعن العاصمة اللبنانية بيروت حوالي 100 كيلومتر، ومثّل خلال سنوات الصراع المسلح في البلاد، بعد عام 2012، أحد الشرايين الرئيسية لدمشق مع خروج معظم المنافذ البرية عن سيطرة النظام السوري.
https://x.com/k7ybnd99/status/1842146399602815296?t=DaIX8xAety7uCic8WINTrg&s=19
وتصل شحنات من المواد الأولية لعدد من الصناعات الدوائية والغذائية الأساسية، من خلال المعبر، فضلا عن بعض البضائع الأجنبية من أدوية وحليب أطفال وأرز ومواد غذائية مختلفة، وأنواع من الخضر والفواكه، ويستخدم لتهريب كمّيات من مادة البنزين إلى دمشق.
وكان القصف الإسرائيلي على محيط المعبر قد أحدَثَ، قبل أسبوعين، حفرة بقُطر 4 أمتار على الطريق الدولي بين البلدين، مما أدى إلى تعطل حركة الاستيراد والتصدير النشطة عبره.
وقال حينها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القصف استهدف “بنية تحتية في محيط معبر المصنع، كانت تستخدم لنقل السلاح إلى جماعات حزب الله”.
معابر رئيسية
وبالإضافة لمعبر المصنع، ثمة 5 معابر رسمية تربط البلدين بريا، هي كالتالي:
- معبر الدبوسية الجسري: يربط بين قريتي العبودية في لبنان والدبوسية في حمص السورية.
- معبر الجوسية: بين منطقة القصير في ريف حمص والبقاع الشمالي اللبناني.
- معبر تل كلخ: بين تل كلخ في حمص ووادي خالد في قضاء عكار اللبناني.
- معبر مطربا: يربط بين حمص ولبنان، واستهدفته إسرائيل بغارات على الجانب السوري عند مركز الأمن العام، في سبتمبر/أيلول الماضي.
- معبر العريضة: يربط لبنان بمحافظة طرطوس السورية الساحلية.
- معابر غير نظامية: طول الحدود بين البلدين وتنشط فيها عمليات تهريب البشر والمواد الغذائية والمحروقات.