ميرا غنيم.. فتاة فلسطينية ترسم القدس وتفوز بجائزة عربية

اتخذت الفنانة الشابة ميرا غنيم من منزلها في بلدة الخضر بالضفة الغربية مرسما لها، مُحوّلةً الألم والأمل إلى لوحات فنية تعكس الحكاية الفلسطينية. وقد حازت غنيم على المركز الثالث في مسابقة فنية على مستوى جامعات العالم العربي، مما سلط الضوء على موهبتها المتفوقة وقدرتها على التعبير عن هويتها الوطنية من خلال الرسم الفلسطيني. وتُعدّ أعمالها تعبيراً بصرياً قوياً عن التراث والذاكرة الجماعية.
بدأت قصة ميرا مع الفن في سن مبكرة، حيث اكتشفت شغفها بالرسم في الخامسة من عمرها. وتفوقت في دراستها الثانوية قبل أن تلتحق بجامعة القدس لدراسة الفنون الجميلة. وقد أثمرت هذه الرحلة الفنية عن جوائز وتقديرات، آخرها المركز الثالث في مسابقة “إشراقات فنية” التي نظمتها الجامعة القاسمية في الشارقة، والمركز الرابع في مسابقة “باقون كجذور الزيتون” على مستوى فلسطين.
القدس حاضرة في أعمال الفنانة ميرا غنيم
على الرغم من صعوبة الوصول إلى مدينة القدس بالنسبة للفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية، إلا أنها تحتل مكانة مركزية في قلب ميرا وإبداعاتها الفنية. فقد صرحت ميرا بأنها محرومة من زيارة القدس إلا في مناسبات خاصة مثل شهر رمضان، ولكنها تحتفظ بصورة حية للمسجد الأقصى ومعالمه المهيبة في ذاكرتها. وقد تجلى هذا الارتباط العميق في لوحاتها المتعددة التي تتضمن زخارف قبة الصخرة والمصليات القدسية.
تذكر ميرا بأن الهبة الشعبية في حي الشيخ جراح عام 2021 أثرت فيها بعمق، وألهمتها لإنتاج عمل فني يعبر عن التضامن مع سكان الحي المُهدَّدين بالإخلاء. وترى أن الفن وسيلة قوية للتعبير عن المعاناة والمقاومة، وأنه لا يحتاج إلى كلمات إضافية لنقل الرسالة.
رموز فلسطينية في لوحاتها
تتميز أعمال ميرا غنيم بتنوع الرموز الفلسطينية التي تستخدمها للتعبير عن الهوية الوطنية والتراث الثقافي. فالشجرة – وخاصة شجرة الزيتون – تمثل الأصالة والتمسك بالأرض. كما أن الخريطة الفلسطينية هي تذكير دائم بالوحدة والتطلعات نحو الدولة المستقلة. إضافة إلى ذلك، تستخدم غنيم رموزًا مثل طيور الحمام ومفتاح العودة، التي تحمل معاني السلام والأمل في العودة إلى الديار.
ولم تغفل لوحاتها عن تصوير الواقع المؤلم، حيث ظهرت الأسلاك الشائكة والجدار العازل والصواريخ كرموز للاحتلال والقمع. لكنها في المقابل، استخدمت الألوان والتقنيات الفنية لإضفاء لمسة من الأمل والتحدي على هذه الأعمال. وتُظهر لوحاتها استخدامًا متقنًا للألوان الزيتية، بعد تجاربها السابقة مع الغواش والأكريليك.
“الرسم الفلسطيني” كوسيلة للتعبير عن الهوية
تعتبر ميرا أن الرسم الفلسطيني ليس مجرد مهارة فنية، بل هو وسيلة للتعبير عن الهوية والانتماء. وتؤمن بأن الفنان الفلسطيني يحمل مسؤولية تمثيل قضايا شعبه وتاريخه وثقافته. وتسعى من خلال أعمالها إلى إيصال رسالة إلى العالم حول معاناة الفلسطينيين وتطلعاتهم نحو الحرية والعدالة.
وفي مسابقة “إشراقات فنية” في الشارقة، قدمت ميرا لوحة زيتية متقنة الزخارف مستوحاة من العمارة الإسلامية في المسجد الأقصى. وقد نالت اللوحة إعجاب لجنة التحكيم والجمهور على حد سواء، مما ساهم في فوزها بالمركز الثالث. وفي مسابقة “باقون كجذور الزيتون”، دمجت ميرا بين الرموز الفلسطينية التقليدية والأساليب الفنية الحديثة، مما أضفى على اللوحة طابعًا مميزًا.
تعمل ميرا غنيم حاليًا على لوحة جديدة بعنوان “الوطن بين يديّ” تجمع بين الواقعية والسريالية، وتصور مسنة فلسطينية تلتف الكوفية حول عنقها وتحمل مصلى قبة الصخرة. وهي تعتقد أن هذه اللوحة ستكون تعبيرًا قويًا عن ارتباط الفلسطينيين بوطنهم وأرضهم.
تتطلع ميرا إلى مواصلة دراستها في مجال الفنون الجميلة، وتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات. وتأمل في أن تتمكن من تنظيم معرض فني لأعمالها في المستقبل القريب، وأن تساهم في إثراء المشهد الفني والثقافي الفلسطيني. وتشير ميرا إلى أنها تحضر حالياً لمعرض جامعي لأعمال الخريجين، مع توقعات بمشاركة واسعة النطاق في الأيام القادمة.





