نشطاء: التظاهر حق مشروع لكنّ الفتنة وتقسيم سوريا مرفوضان

أثارت التظاهرات الأخيرة في مناطق الساحل السوري، والتي تضمنت مطالبات بالفدرالية وتقرير المصير، ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى مظاهرات مضادة تؤكد على وحدة الأراضي السورية. وتأتي هذه الأحداث في سياق التطورات السياسية والاجتماعية التي تشهدها سوريا، وتحديداً بعد أن كفل الدستور الجديد حق التظاهر السلمي. هذا المقال يستعرض تفاصيل هذه التطورات وتأثيرها المحتمل على مستقبل سوريا.
تطورات الأحداث في الساحل السوري
بدأت الأحداث بدعوة من الشيخ العلوي غزال غزال، المقيم خارج سوريا، لأبناء الطائفة العلوية في اللاذقية وطرطوس للتظاهر والمطالبة بتقرير المصير واللامركزية والفدرالية للساحل السوري. ويرى محللون أن هذه الدعوة قد تكون محاولة لإثارة انقسامات طائفية وجغرافية في سوريا، التي تسعى لبناء دولة موحدة لجميع مكوناتها.
ردود الفعل على الدعوة
أثارت هذه الدعوة ردود فعل متباينة. فقد خرجت مظاهرات مؤيدة للحكومة تدعو إلى وحدة الأراضي السورية، بينما عملت عناصر الأمن السوري على حماية المظاهرات من كلا الطرفين، في محاولة لمنع أي اشتباكات.
ومع ذلك، تعرضت قوات الأمن لهجمات بالأسلحة النارية والحجارة والسكاكين من قبل أفراد وصفتهم الحكومة بـ “فلول النظام المخلوع” الذين تسللوا بين المتظاهرين. أسفرت هذه الهجمات عن سقوط قتلى وجرحى، بما في ذلك عناصر من قوات الأمن، مما أدى إلى تصعيد خطير في التوترات الأمنية.
التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي
شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلاً كبيراً مع الأحداث الجارية في الساحل السوري. انقسمت الآراء بين معارضي دعوات الانفصال والفدرالية، والمطالبين بعرض القضية على الشعب السوري للاستفتاء، والذين ركزوا على ضرورة تحقيق العدالة والتهدئة لتجنب الانزلاق نحو الفوضى الأمنية.
وتداول رواد تويتر العديد من الآراء والتعليقات. تساءل نزار عن الآليات الديمقراطية للتعامل مع هذه المطالب، قائلاً: “طيب لو نفترض وافقنا على الفدرالية لماذا لا تطرح على الشعب السوري للاستفتاء والشعب يقرر بعدها؟”. في المقابل، عبرت لام عن رفضها لمحاولات التقسيم، مؤكدة: “شاركت في المظاهرات ورفعت لافتات “أنا علوي ضد التقسيم”، نحن على قلب واحد ووطن واحد.” ودعت شام إلى التهدئة، مشددة على أن “ما يريده الشعب هو العدالة لجميع المكونات السورية”. بينما أعرب خالد عن تشاؤمه بشأن الاستقرار القريب، معتبراً أن “استقرار سوريا يحتاج من 20 إلى 30 سنة”.
الوضع الجغرافي والاجتماعي للساحل السوري
يتميز الساحل السوري بتنوعه الطائفي، حيث يضم محافظتي اللاذقية وطرطوس خليطاً من الطوائف السورية، بما في ذلك العلوية والمرشدية والإسماعيلية والسنية. وقد أعرب وجهاء من مدينة القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد، عن رفضهم القاطع لدعوات الانفصال وإثارة الفتنة.
مستقبل سوريا والتوترات الداخلية
تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه سوريا إلى تعزيز الاستقرار وإعادة الإعمار بعد سنوات من الحرب. وتشكل قضية الفدرالية تحدياً كبيراً للحكومة السورية، حيث تثير مخاوف بشأن وحدة البلاد وسيادتها. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات الطائفية والاجتماعية قد تعيق جهود المصالحة الوطنية.
من المتوقع أن تستمر الحكومة السورية في جهودها للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، مع التركيز على تحقيق العدالة والمساواة لجميع المكونات السورية. كما من المرجح أن تشهد الساحة السياسية السورية نقاشات حادة حول مستقبل البلاد، بما في ذلك قضية اللامركزية والإدارة المحلية.
في الأيام القادمة، من المهم مراقبة تطورات الوضع الأمني في الساحل السوري، وردود فعل القوى السياسية المختلفة، والخطوات التي ستتخذها الحكومة السورية للتعامل مع هذه التحديات. كما يجب متابعة التطورات المتعلقة بالتحقيقات في الهجمات التي استهدفت قوات الأمن، والجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية. يبقى مستقبل سوريا غير مؤكد، ويتطلب جهوداً مشتركة من جميع الأطراف لتحقيق الاستقرار والازدهار.



