هل تكبح واشنطن إسرائيل أم يتجه لبنان إلى مواجهة جديدة؟

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن شبح الحرب قد ابتعد عن لبنان، معربًا عن تفاؤله بمستقبل أكثر إيجابية. يأتي هذا التصريح في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتحديدًا الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة جنوب لبنان، ويثير تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على كبح جماح إسرائيل ومنع تصعيد واسع النطاق. هذا المقال يناقش الوضع الأمني في لبنان، وجهود التهدئة، ودور الأطراف الفاعلة في المنطقة.
الوضع الأمني في لبنان: هل ينجح التفاؤل الرئاسي؟
يرى المحلل السياسي اللبناني خليل نصر الله أن تصريح الرئيس عون يحمل بعض النقص، موضحًا أن الإشارة إلى ابتعاد شبح الحرب لا تحدد الآليات التي أدت إلى ذلك. وأضاف أن هذا التفاؤل قد يستند إلى مفاوضات غير مباشرة أو تطمينات أمريكية، لكن التجربة السابقة لا تشجع على الثقة الكاملة في هذه التطمينات.
وأشار نصر الله إلى أن الضمانات الأمريكية السابقة لم تُنفذ بالكامل، مستشهدًا بالضربة التي استهدفت الضاحية الجنوبية في بيروت بعد وعود أمريكية بمنع ذلك. هذا يشير إلى أن السلوك الإسرائيلي في لبنان يتسم بالتصعيد المستمر، مدفوعًا بعقيدة أمنية تركز على استباق التهديدات، بحسب قوله.
تصعيد إسرائيلي وتنازلات لبنانية
وأضاف نصر الله أن إسرائيل هي الطرف الذي يرفع سقف المطالب، بينما يقدم لبنان تنازلات متزايدة. ويثير اعتبار الوضع الحالي مجرد “خلاف” أو “مسار تفاوضي” تساؤلات حول طبيعة هذه المفاوضات، خاصةً في ظل استمرار الاعتداءات اليومية على جنوب لبنان.
ضمانات مفقودة واستحقاقات مؤجلة
من جهته، يرى الكاتب الصحفي اللبناني أمين قمورية أن هناك سباقًا جاريًا بين جهود التهدئة والتصعيد الإسرائيلي. ويؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار الأحداث، وأنها الطرف الذي يمتلك القدرة على التأثير في إسرائيل.
وأوضح قمورية أن واشنطن وتل أبيب تتفقان على هدف إبعاد سلاح حزب الله عن جنوب الليطاني، لكن الخلاف يكمن في كيفية تحقيق ذلك وماذا بعد ذلك. ويشير إلى أن إسرائيل تسعى إلى استكمال المواجهة، خاصةً في ظل الأجواء الانتخابية الداخلية وهيمنة اليمين المتشدد.
ويؤكد قمورية أن الحكومة اللبنانية قد وافقت سابقًا على بعض المتطلبات المتعلقة بنزع السلاح، لكن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقات السابقة، وتواصل انتهاك السيادة اللبنانية. الوضع الأمني في لبنان يتطلب ضمانات حقيقية والتزامًا دوليًا.
دور الولايات المتحدة والضمانات المطلوبة
ويرى قمورية أن الضمانة الوحيدة الممكنة من الجانب الأمريكي هي فهم الواقع اللبناني المعقد، وإدراك أنه لا يمكن نزع سلاح حزب الله في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية. ويشير إلى أن إسرائيل تسيطر فعليًا على مناطق أوسع بكثير مما تعترف به، مما يعيق أي تقدم نحو تحقيق الاستقرار.
حلقة مفرغة واحتمالات مفتوحة
ويؤكد قمورية أن الملف اللبناني، مثل ملف غزة والملف الإيراني، يظل أسيرًا للتباينات بين واشنطن وإسرائيل. ويتساءل عما إذا كانت هذه التباينات ستمنع اندلاع حرب جديدة، أم ستؤدي إلى مواجهة أوسع في المنطقة. التوتر الإقليمي يلقي بظلاله على الوضع في لبنان.
ويختتم نصر الله بالقول إن التعقيد الأساسي يكمن في السياسة الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن حزب الله التزم بالقرار 1701، بينما لا تزال إسرائيل تنتهكه. ويضيف أن آلية المراقبة الحالية منحازة لمطالب إسرائيل. الوضع السياسي في لبنان هش ويتطلب حوارًا وطنيًا.
في الختام، يظل الوضع في جنوب لبنان متقلبًا، مع استمرار التوترات والاعتدءات الإسرائيلية. من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية، بوساطة أمريكية، في محاولة احتواء التصعيد. ومع ذلك، فإن مستقبل هذه الجهود يبقى غير مؤكد، ويتوقف على التطورات الإقليمية والمواقف المتغيرة للأطراف المعنية. يجب مراقبة تطورات الوضع عن كثب، خاصةً مع اقتراب المواعيد النهائية المحتملة لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن مستقبل التهدئة.





