هل نعرف أصدقاءنا فعلاً؟
هل نستطيع القول وبثقة إننا نعرف الأشخاص المحيطين بنا بشكل حقيقي بمن فيهم أفراد عائلتنا وأصدقاؤنا المقربون؟ بعيداً عن خفايا القلوب التي لا يعلمها إلا خالق القلوب، هل يعبر هؤلاء الأصدقاء والأقارب القريبون منا وهم يتعاملون معنا عن حقيقة ما بداخلهم، أم أنهم يظهرون لنا أوجهاً ليست حقيقية، فنظن أننا نعرفهم بينما نحن في الحقيقة نراهم بالطريقة التي يقدمون أنفسهم بها، فينجحون في إقناعنا وكسب ثقتنا بينما الحقيقة خلاف ذلك؟
هناك من سيغضب أو سيستنكر هذه التساؤلات، لكن لماذا؟ لأننا جميعاً لا نود أن نبدو أشخاصاً مغفلين أو عديمي الخبرة في معرفة الناس، أو أن نكتشف أو نعترف بحقيقة بعض من نحبهم، لكن مهلاً من هو هذا الإنسان الذي لم يخدع في بعض من حوله؟ من منا لم يكتشف وجهاً آخر يختفي خلف ذاك الصديق وتلك الصديقة أو ذاك القريب وتلك القريبة؟ هل كان يخطر ببال هابيل أن شقيقه قابيل سيقتله يوماً دون ذنب «من وجهة نظره»؟ لقد تسببت مشاعر الغيرة والحسد في أكبر الخيانات والصدمات عبر التاريخ وحتى اليوم داخل علاقات الصداقة والحب والأخوة والعلاقات الزوجية وحتى في علاقات الزمالة؟
إن القيصر في مسرحية شكسبير حين صرخ في وجه صديقه قائلاً «حتى أنت يا بروتس؟» كان يعبر عن واحد من أشهر مواقف خيانة الأصدقاء غير المتوقعة، فبلا شك لم يتوقع يوليوس قيصر خيانة صديق عمره بروتس الذي شارك في اغتياله مع البقية، وبعيداً عن دوافع القتل وكون القيصر دكتاتوراً فإن للصديق نظرة واعتبارات مغايرة دوماً!
إن الصراعات التي نعيشها في الحياة، والتنافسات في بيئة العمل وغير بيئة العمل تجعلنا نظن دوماً أننا في مرمى حسد الزملاء ومؤامرات المحيطين باستثناء أصدقائنا، الذين لم نتخذهم أصدقاء إلا عبر بوابة الثقة وحسن الظن في مشاعرهم تجاهنا، فكيف يمكن للصديق أن ينقلب أو يحسد أو يخون؟ كيف لا ننتبه لذلك فنكتشف متأخرين؟ هل هذا لفرط المحبة والثقة أم لزيادة حسن الظن؟ أم لقدرة الآخر على الكذب؟ أم أن المحبة تحولنا إلى أشخاص أغبياء أحياناً؟