Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

هل يقترب عصر الامتياز المفرط للدولار من نهايته؟

|

حذر الصحفي الاقتصادي المخضرم كلايف كروك -في تحليل موسّع نشره في وكالة بلومبيرغ- من أن ما يُعرف تاريخيًا بـ”الامتياز المفرط” للدولار الأميركي، أي قدرته على تمويل العجز بتكاليف منخفضة نتيجة مكانته كعملة احتياط عالمية، قد يواجه خطر التآكل في ظل إستراتيجية اقتصادية خارجية غير مستقرة ومتشعبة تتبناها إدارة ترامب.

ويصف كروك خطة الإدارة بأنها محاولة “للحصول على مزايا العملة القوية في التمويل، ومزايا العملة الضعيفة في التصدير، في وقت واحد” وهي معادلة وصفها بأنها طموحة إلى حد التناقض.

دولار ضعيف بلا فائدة مرتفعة؟ خطة مارالاغو

وتستند الخطة، وفقًا لكروك، إلى تصور رسمه ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس ترامب، يقوم على خفض تدريجي لقيمة الدولار دون إثارة هلع الأسواق أو ارتفاع الفائدة طويلة الأجل.

الأسواق المالية بدأت تظهر توترًا واضحًا من خلال تراجع الدولار وارتفاع عوائد السندات (شترستوك)

ويقول كروك في تحليله “ترى الإدارة أن فرض رسوم جمركية أولية يشكل مدخلاً لضبط شروط التجارة والمال عالميًا، عبر الضغط على الشركاء لتعديل سياساتهم وتبني ترتيبات نقدية جديدة تسمح بانخفاض منظّم للدولار، من دون الإضرار بعائدات الخزينة الأميركية أو بقوة العملة”.

وتطمح الإدارة الأميركية، بحسب التقرير، إلى تكرار تجربة اتفاق بلازا في الثمانينيات، ولكن هذه المرة ضمن إطار جديد أطلق عليه محللون اسم “اتفاق مارالاغو” حيث تستخدم واشنطن أدوات الضغط التجاري والأمني لإعادة هيكلة النظام النقدي العالمي لصالح الدولار.

انكماش الثقة وتصاعد الفائدة

لكن النتائج الأولية لا تبعث على الاطمئنان، فقد تسببت التهديدات المتتالية بفرض رسوم جمركية في خفض قيمة الدولار فعليًا، بدل رفعها، في وقت ارتفعت عوائد سندات الخزينة الأميركية طويلة الأجل، وهو مزيج غير معتاد يشير إلى توتر متزايد لدى المستثمرين العالميين.

ويقول كروك إن “الهبوط المفاجئ للدولار، مقترنًا بارتفاع الفائدة، يُذكّرنا بلحظة تراس في بريطانيا عام 2022، حين فقدت الأسواق ثقتها في السياسة المالية نتيجة قرارات غير منسقة”.

ويضيف “القلق لا يرتبط فقط بتأثير الرسوم الجمركية، بل أيضًا بالغموض الإستراتيجي المحيط بكيفية تنفيذ الخطة، وتضارب الرسائل الصادرة عن الإدارة، مما يجعل من الصعب على الأسواق والشركاء التجاريين فهم الاتجاه”.

الإدارة الجديدة قد تظن أنها تُعيد التوازن، لكنها في الواقع تُعيد تعريف الهيمنة الأميركية بطريقة تجعلها أكثر أنانية، وأقل قابلية للثقة.

غموض مقصود أم ارتباك إستراتيجي؟

ويُقر مسؤولو الإدارة الأميركية، بحسب الكاتب، بأن “عدم الوضوح الإستراتيجي” مقصود ويُستخدم أداة تفاوض. وقد صرّح وزير الخزانة سكوت بيسنت بأن إبقاء الخصوم في حالة تخمين يعطي الولايات المتحدة ميزة على طاولة المفاوضات.

لكن كروك يشكك في هذه الفرضية، ويرى أن غياب خطة واضحة النهايات يضعف الثقة العالمية في القيادة الأميركية وفي الدولار ذاته.

ويحذر من أن “رغبة الإدارة في فرض نظام متعدد جديد يخدم مصالحها فقط، دون تقديم بديل موثوق عن الترتيبات متعددة الأطراف السابقة، قد تجعل النظام بأكمله هشًا، وتُغري الشركاء بالبحث عن بدائل بعيدة عن الدولار”.

تحذيرات بريكس وأزمات محتملة بالمدى المتوسط

ويشير التقرير إلى أن إدارة ترامب هددت صراحةً -دول مجموعة بريكس الموسعة- بعقوبات جمركية إن واصلت جهودها لإقامة نظام تجاري يستخدم عملات بديلة للدولار.

كما تفكر الإدارة الأميركية، وفق رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس، في مطالبة البنوك المركزية الأجنبية بتعديل تركيبة احتياطاتها من الدولار لتقليل أثر هذه الاحتياطات على عوائد السندات الأميركية.

“عدم الوضوح الإستراتيجي” أصبح أداة تفاوضية رئيسية تعتمدها الخزانة الأميركية (رويترز)

لكن كروك يرى أن هذه السياسات ترتكز على منطق تنافسي لا تعاوني، وقد تؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية. ويقول “الامتياز المفرط للدولار لا يستند إلى القوة فقط، بل إلى الثقة المتبادلة والبنية التحتية العالمية التي بنيت حوله”.

ويتابع “إذا بدأت الثقة تتآكل، فقد تتسارع محاولات تقليل الاعتماد على الدولار، ليس فقط في التجارة، بل أيضًا في الاحتياطات، مما يؤدي إلى حلقة رد فعل سلبية تضرب مكانة الدولار العالمية”.

نهاية الامتياز أم بداية ترتيبات جديدة؟

ويختتم كروك مقاله في بلومبيرغ بتحذير حاد بالقول “إذا كانت الإدارة الأميركية تريد الحفاظ على موقع الدولار، فهي بحاجة إلى خطة نهائية واضحة، وسياسات تخلف استقرارًا لا تشكك فيه”.

ويضيف أن “الإدارة الجديدة قد تظن أنها تُعيد التوازن، لكنها في الواقع تُعيد تعريف الهيمنة الأميركية بطريقة تجعلها أكثر أنانية، وأقل قابلية للثقة، وهو أمر لا يمكن أن يبقى بلا عواقب طويلة المدى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى