مادورو: فنزويلا لن تُستعمر أبدا وستواصل تجارتها مع العالم

اتهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الولايات المتحدة بالسعي إلى تغيير النظام في فنزويلا وفرض حكومة تابعة لها، في تصعيد خطابي يأتي في ظل استمرار العقوبات الأمريكية على قطاع النفط الفنزويلي. وأكد مادورو أن أي تدخل أمريكي “لن يدوم أكثر من 48 ساعة”، مشدداً على وحدة الشعب الفنزويلي في الدفاع عن سيادته واستقلاله، ورفضه لأي محاولة “استعمار” جديدة. هذا يأتي في وقت يشهد فيه قطاع النفط الفنزويلي، وهو شريان الحياة للاقتصاد، ضغوطًا متزايدة.
وتأتي هذه التصريحات كرد فعل على أحدث الإجراءات الأمريكية، والتي تتضمن تهديداً بفرض حصار بحري وجوي على فنزويلا، وفقاً لما ذكره مندوب فنزويلا الدائم لدى الأمم المتحدة، والذي اتهم الإدارة الأمريكية بانتهاك ميثاق الأمم المتحدة. ويُركز هذا الخلاف على مسألة السيطرة على موارد النفط الفنزويليّة، وهي قضية أساسية في العلاقات المتوترة بين البلدين.
تصعيد التوترات حول النفط الفنزويلي
يمكن اعتبار تصريحات مادورو بمثابة رد مباشر على جهود الإدارة الأمريكية للضغط على فنزويلا من خلال استهداف قطاع النفط. ويعتبر النفط المصدر الرئيسي للدخل القومي في فنزويلا، والعقوبات الأمريكية تهدف إلى تقويض قدرة الحكومة الفنزويليّة على تمويل نفسها. لكن مادورو يصر على أن بلاده ستواصل تجارتها مع العالم، متحدياً بذلك القيود الأمريكية.
ورداً على هذه التهديدات، دعت فنزويلا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، بحسب ما أفاد مندوبها لدى الأمم المتحدة. وأكدت كراكاس أن الإجراءات الأمريكية تمثل “عدواناً مستمراً” وتنتهك القانون الدولي. وتعزز هذه الخطوة من الأبعاد الدبلوماسيّة للأزمة، وتسعى إلى حشد الدعم الدولي لفنزويلا.
تأثير العقوبات على الإنتاج والتصدير
أدت العقوبات الأمريكية المتراكمة إلى انخفاض حاد في إنتاج النفط الفنزويلي، والذي تراجع إلى أقل من مليون برميل يومياً، مقارنةً بمستويات الإنتاج السابقة التي كانت تتجاوز ثلاثة ملايين برميل. وتشير التقارير إلى أن مستودعات النفط في فنزويلا تقترب من طاقتها القصوى بسبب القيود المفروضة على التصدير.
بالإضافة إلى ذلك، أثرت العقوبات على واردات الاتحاد الأوروبي من النفط الفنزويلي، حيث انخفضت بنسبة 75٪، مما يعكس مدى الضرر الذي لحق بقطاع الطاقة الفنزويلي.
ومع ذلك، أبدت فنزويلا تحديها لهذه الإجراءات، مؤكدة أن صادراتها النفطية لم تتأثر بفرض الحصار على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات. وأعلنت شركة النفط الوطنية أن عمليات التصدير تسير بشكل طبيعي وأن الناقلات تواصل الإبحار بأمان. لكن مراقبين يشككون في مدى استدامة هذا الوضع على المدى الطويل، نظراً للقيود المتزايدة.
في السياق، كشفت صحيفة بوليتيكو أن شركات النفط الأمريكية أبدت تحفظها على العودة إلى فنزويلا حتى بعد رحيل مادورو، مما يشير إلى أن المخاطر لا تزال مرتفعة بالنسبة للمستثمرين الأمريكيين. وقد ناقشت الإدارة الأمريكية مع هذه الشركات إمكانية العودة في حال حدوث تغيير في النظام، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حتى الآن.
بالإضافة إلى ذلك، تشير تقارير بلومبيرغ إلى أن الولايات المتحدة تبحث عن طرق للتعامل مع شركات النفط التي قد تكون على استعداد للعودة إلى فنزويلا في حال تغير النظام. ويعكس هذا الاهتمام الأمريكي الرغبة في استعادة السيطرة على موارد النفط الفنزويليّة، والتي تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبيرة.
وفي تطور آخر، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض حصار على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات والمتجهة إلى فنزويلا، مؤكداً أنه لن يسمح لأحد بخرق هذا الحصار. ويعتبر هذا الإجراء بمثابة تصعيد إضافي في التوترات بين البلدين، ويهدف إلى زيادة الضغط على الحكومة الفنزويليّة.
الوضع في فنزويلا معقد للغاية، ويتأثر بعوامل سياسية واقتصادية وجيوسياسية متعددة. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الأزمة قد تتفاقم في المستقبل القريب، مما يتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة لحلها.
من المتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة الأسبوع المقبل لمناقشة الوضع في فنزويلا، وربما في وقت أبكر حسب التطورات. وسيكون من المهم مراقبة رد فعل فنزويلا على هذه الجلسة، وكذلك موقف الدول الأخرى الأعضاء في المجلس. كما يجب متابعة تطورات قطاع النفط الفنزويلي، وتأثير العقوبات الأمريكية على الإنتاج والتصدير.





