وزير الطاقة والمياه الأفغاني للجزيرة نت: بأموالنا نبني السدود ونواجه الجفاف

كابل- بينما تحيي أفغانستان هذه الأيام الذكرى الرابعة من حكم حركة طالبان، يقول مسؤولوها إن الحكومة شرعت ببناء السدود من ميزانيتها الوطنية؛ حيث شيدت حتى الآن 400 سد صغير وتسعى لبناء سدود أخرى كبيرة.
وتعاني أفغانستان كغيرها من الدول الإقليمية والمحيطة من الجفاف، وتؤكد على حقها في الاستفادة من مواردها الوطنية بما لا يضر في الوقت نفسه بدول الجوار لا سيما إيران.
ويقول وزير الطاقة والمياه الأفغاني الملا عبد اللطيف منصور، في حوار خاص مع الجزيرة نت، إنهم لم يتلقوا أي استثمار أو تشجيع من أحد كالصين وتركيا، بل إنهم دعوا رجال أعمال أفغانيين للاستثمار فيها.
وفي مديرية زرمت بولاية باكتيا ولد الملا عبد اللطيف منصور عام 1968، وفيها أنهى دراسته الابتدائية، ولجأ بعد الانقلاب الشيوعي عام 1978 مع عائلته إلى باكستان، وواصل دراسته في أبرز مدارسها الدينية.
وبعد اغتيال المولوي نصر الله منصور، اختير خلفا له، وانضم إلى حركة طالبان بعد ظهورها عام 1994 في ولاية قندهار، وتقلد مناصب عدة بحكومتها الأولى من العام نفسه، كوزير للزراعة.
وبعد الغزو الأميركي عام 2001، عُيّن الملا منصور مسؤولا عسكريا في ولاية باكتيا، وشغل أيضا عضو لجنة المفاوضات مع الولايات المتحدة في دولة قطر، وبعد انسحاب القوات الأميركية، تولى منصب وزير الطاقة والمياه.
وإليكم نص الحوار الخاص الذي أجرته الجزيرة نت:
-
سيادة الوزير، مع الجفاف المتزايد، كيف تقيّمون الوضع المائي في أفغانستان؟
كما يعرف الجميع، شهدت القارة الآسيوية والدول المجاورة موجة من الجفاف، والآن وصلت إلى أفغانستان، ونشهد حاليا آثارها بمناطق متفرقة من البلاد.
وقد تضررت كميات المياه وتدفقات الأنهار، ولكن في الوضع الراهن لا أحد يمكنه تقديم أرقام دقيقة. رغم ذلك، لدينا في أفغانستان موارد مائية جيدة، ولدينا خطة لإدارتها تدريجيا، حتى نستفيد منها بشكل أفضل.
-
ما أولوياتكم في مشاريع بناء السدود، وهل هناك مشاريع أخرى جديدة؟
الحمد لله، مع وصول الإمارة الإسلامية للسلطة، توفَّرت فرص العمل، واستتب الأمن في عموم البلاد، وأنهينا العمل في 4 سدود كبيرة مثل سد كمال خان، وشاه وعروس، وعمري، وسد باشدان، الذي يُخزِّن حوالي 54 مليون متر مكعب من المياه، وهذا إنجاز عظيم.
كما يجري العمل على سدود كبيرة أخرى في ولاية باكتيكا، ولغمان وهلمند وأرزوغان، وبإمكان المستثمرين الأجانب أو مهندسينا الأفغان، الذهاب إلى أي نقطة في أفغانستان لتقييم أعمال البناء.
لا شك أن هناك مشاكل اقتصادية، ونحتاج ميزانية ضخمة لإنشاء هذه السدود، ولكن الحكومة تخصص لنا كل عام ميزانية إنمائية بقدر استطاعتها، وقد منحتنا الآن ميزانية كافية، وندعو رجال الأعمال للاستثمار بمشاريع بناء السدود بأفغانستان.
وبني حتى الآن أكثر من 400 سد صغير، ونهتم بالسدود الكبيرة التي لها دور مهم في الاقتصاد، وإعادة الإعمار، والزراعة في أفغانستان، وخصصنا ميزانية لبناء سدود كبيرة في ولايات هرات، وتخار، وبغلان وباكتيا، وسيبدأ العمل ببنائها قريبا.
-
هل واجهتم أي اعتراض من الدول المجاورة على بناء السدود؟ وكيف تعاملتم معها؟
لدينا اتفاقية واحدة فقط مع إيران بشأن نهر هلمند، ولا يوجد اتفاقيات مع أي دول أخرى. وعندما يشتد الجفاف، لا يقتصر الأمر على إيران، بل حتى أهالي نیمروز وهلمند يطالبون بحقهم في المياه، وهم محقون، ففي ظروف الجفاف الحاد لا نستطيع تلبية حاجة أهل هلمند ونيمروز أنفسهم.
ذلك أن نهر هلمند يمتد على طول 260 كيلومترا إلى سد كمال خان نیمروز، ثم يصبح مجرى النهر جافا، وعندما تتوفر المياه -إذا لم تكن سيولا- تتبخر أو تمتصها الرمال قبل أن تصل إلى إيران، لذلك، نفضل توفير المياه لأهالينا في ولاية نيمروز قبل الآخرين.
وعندما تأتي السيول وتتوفر المياه، نحاول أن نمنح إيران حصتها وفقا للاتفاقية، وقد وصلت إليهم مياه كافية هذا العام، وعندما أثاروا القضية، تفاوضنا معهم وأقنعناهم أن الجفاف يصيب أفغانستان أيضا، وأرسلت إيران وفدا لزيارة المناطق التي تضررت بسبب الجفاف، واعترفوا بأن الأرض هناك قاحلة وأن الناس نزحوا منها.
-
إيران تطالب بحقها في مياه نهر هلمند وتتهمكم بمنع المياه عنها، كيف تردون على تصريحات وزير الخارجية الإيراني؟
في مثل هذه الحالة، نقول لشعبنا والعالم وخاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا تريد الحكومة الأفغانية أن تضر بعلاقتها مع جيرانها وخاصة الدول الإسلامية، بهذه المسائل الصغيرة.
وفي عهد الملك الراحل محمد ظاهر شاه كانت المياه وفيرة في أفغانستان لدرجة أن إيران طلبت منّا منعها وتنظيمها بتكلفة إيرانية، وبعض زملائنا حضروا الاجتماع المشترك بين الأفغان وإيران آنذاك، واليوم تتراجع المياه فكيف نوفرها؟
وأتذكر أن إيران طلبت بناء سدود لتنظيم الفيضانات، بل عَرَضت دفع ملياري دولار لذلك، وهي تعرف أن سد كمال خان بُني للتحكم بالفيضانات فقط. وأهالي ولاية نيمروز يشتكون مع الإيرانيين، وضعنا صعب جدا في الجنوب حيث ترتفع أصوات الناس مطالبة بالمياه، وعلى إيران أن تدرك صعوبة ذلك.
-
ما دور المستثمرين المحليين والدوليين في تمويل مشاريع الطاقة؟ وهل تكفي الميزانية الوطنية لتحقيق أهدافكم؟
الحمد لله، كل هذه المشاريع تم تنفيذها بميزانيتنا الوطنية، ولم يُقدم لنا أي بلد أو شركة أجنبية أي مساعدة فيها. وكما سمعتم، فقد حضر رجل الأعمال الأفغاني المعروف، ميرويس عزيزي، ووعد باستثمار 10 مليارات دولار.
ويُتوقع أنه حتى عام 2032 -أي خلال 7 سنوات- سنتمكن بإذن الله من إنتاج 10 آلاف ميغاواط من الكهرباء من مصادر مختلفة: مائية، ورياح، وغاز، وطاقة شمسية، أو فحم حجري. وخلال هذه السنوات السبع نوصل الكهرباء لجميع أنحاء أفغانستان بإذن الله.

-
تتحدث التقارير عن نقص مياه الشرب في العاصمة كابل، كيف تعالجون هذه المشكلة؟
نعم، يتفاقم الجفاف يوما بعد يوم، وحتى مياه كابل الجوفية تنخفض، لكن الحكومة أخذت هذا الموضوع بمنتهى الجدية. ووضعنا عدة خطط لمعالجة هذه المشكلة حتى تُحل أزمة المياه في العاصمة، ولا داعي للقلق.
ومن بين هذه الخطط:
- العمل جارٍ على تحويل مياه من بنجشير إلى كابل.
- ومع بناء سد “شاه وعروس” أصبح بإمكاننا تزويد 10 آلاف إلى 15 ألف عائلة بالمياه.
- كما أن بناء سد “شاه توت” سيحل 99% من مشكلة المياه، وتم تخصيص الميزانية له هذا العام، وخلال الأيام القليلة المقبلة ستبدأ مراحله التنفيذية.
مشكلة نقص المياه في كابل موجودة، لكنها ليست بتلك الخطورة التي تدعو الناس للقلق من أن العاصمة ستجف تماما.
-
باكستان تعارض بناء سدود على نهر كونر شرقي أفغانستان، ما مدى صحة ذلك؟
رسميا، لم نتلقَّ أي رد فعل حول نهر كونر، قرارنا بيدنا، وسنستفيد من مواردنا الوطنية. وما يُقال عن اعتراض الدول على بناء السدود على نهر كونر لا أساس له من الصحة، بل على العكس، فإن هذه المشاريع ستعود بالنفع عليهم، فبناء السدود يساعد في التحكم بالفيضانات، كما أن المياه ستعود لتتدفق في مجرى نهر كونر.
وبحسب معلوماتي، حتى أيام الحكومة السابقة لم يُبدِ الباكستانيون أي اعتراض، بل قالوا “لن نتضرر من ذلك وليس لدينا ملاحظات”.
بدأنا العمل على شق قناة في لغمان وطلبت من الشركة التي تعمل هناك بتسريع ذلك، ولدينا خطة شاملة لتوفير مياه الري لصحراء غمبيري شرقي أفغانستان.
نحن ملتزمون بتنفيذ هذه المشاريع، فإذا بُنيت السدود على نهر كونر، فيمكننا إنتاج ما يصل إلى 1200 ميغاواط من الكهرباء، لكن ذلك يتطلب ميزانية ضخمة، وقد تحدثنا مع كل الشركات الأجنبية بهذا الشأن، وأحرزنا تقدما مع شركة صينية.
نرغب ببناء السدود على نهر كونر، وحال توفير الأموال ستباشر الحكومة الأفغانية بنفسها بذلك، ولن نتنازل عن حقوقنا المائية، هذه المياه حق للأفغان ويجب أن تُستثمر لمصلحة شعبنا.

-
هناك حديث عن استثمار وتخطيط تركي في بناء السدود الأفغانية، ما صحة ذلك؟
هذه شائعات، وأفغانستان تخطط بنفسها وحسب ضرورتها، ونعرف حساسية هذه الأمور، ونعرف مواقف دول الجوار، ولم يحدث أبدا أن شجّعتنا الصين أو تركيا على بناء السدود، فالحكومة لديها سياستها الاقتصادية، وسنبني حيثما نستطيع بإذن الله.
وغير صحيح أننا نركز تنظيم المياه في الأنهار التي تتدفق تجاه إيران، سنبني سدا على نهر بالا مرغاب، حيث تتدفق المياه نحو تركمانستان.
وحتى الآن، لم تعترض هذه الدول، فجميع هذه المشاريع ستُموَّل من الميزانية الوطنية، والتصريحات الإيرانية عادة تكون لإرضاء الشعب، وإيران تدرك حجم المعاناة التي تعاني منها الولايات الجنوبية والغربية.