سيف بن زايد يشهد محاضرة «أعمال فنية إسلامية من التراث»

شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، أولى محاضرات «مجلس محمد بن زايد» الرمضانية هذا العام.
والتي عقدت أول من أمس (الخميس) في مقر المجلس، بجامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، تحت عنوان «أعمال فنية إسلامية من التراث»، بحضور عدد كبير من الشيوخ والمسؤولين والمهتمين بالتراث والفن الإسلامي.
محاور
وركّزت المحاضرة التي ألقاها المؤرّخ وعالم الآثار التونسي، الدكتور إبراهيم شبوح، على 3 محاور رئيسة، شملت نظرة عامة على الفن الإسلامي وتأثره بمختلف العناصر الثقافية والدينية، وعرض لبعض الأعمال الفنية الفريدة من التراث مثل الأنماط الإسلامية والخط العربي، بالإضافة إلى الإشارة لدور الفن الإسلامي في تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمعات.
وبدأت المحاضرة، التي قدّمتها فنانة الخط العربي الإماراتية، المهندسة مريم البلوشي، بعرض فيلم تسجيلي عن الفن العربي الأصيل بمختلف أنواعه من رسوم وخطوط وزخارف وجداريات وطرز معمارية، ومدى تأثيرها الحضاري.
وأعرب المحاضر الدكتور شبوح عن سعادته بالتواجد في هذا المجلس العامر، مقدماً عرضاً تناول فيه العمارة الإسلامية، بدأه من الزيارة التي قام بها الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إلى المدينة التاريخية في القيروان بتونس في سبعينيات القرن الماضي، ومدى تأثرّه بما شاهده من معالم مبنية على الطراز الإسلامي.
وقدم المحاضر عرضاً عن أهم جوانب الفن الإسلامي ونشأته وتطوره ومدى تأثره بمختلف العناصر الثقافية والدينية والفكرية ودور الفن الإسلامي في تعزيز التواصل الثقافي بين الحضارات، كما استعرض مجموعة من المعالم والأعمال الفنية الفريدة من التراث الإسلامي ومن أبرزها تصاميم الهندسة المعمارية وفنون الخط العربي والزخرفة وغيرها، والتي تميزت بالتنوع والحيوية والتفاعل مع غيرها من الفنون تأثراً وتأثيراً.
وتطرق في محاضرة إلى أن الفنون الإسلامية تجلت في نماذج بناء العواصم والمدن والجوامع والقصور خلال المراحل التاريخية، بدءاً من المخطط الأول لبناء المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم.
كما تطرق في هذا السياق إلى نموذج جامع الشيخ زايد في أبوظبي الذي تتجلى في تصميمه وبنائه وتفاصيله جماليات فنون العمارة الإسلامية الثرية والزخرفة، والذي يعد معلماً بارزاً من معالم العمارة الإسلامية.
واستذكر مرافقته المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أثناء زيارته المعالم التراثية الإسلامية في مدينة القيروان التونسية واهتمامه، رحمه الله، بأدق تفاصيلها ووعيه بأهمية المحافظة على جميع عناصرها الأصلية كونها موروثاً إنسانياً حضارياً، وذلك خلال زيارته الرسمية.
وأفاد: خلال زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى تونس، تم تكليفي بمرافقة سموّه عند توجهه إلى مدينة القيروان، وأذكر عندما دخل جامع عقبة بن نافع (مسجد القيروان) وهو إحدى التحف الإسلامية التاريخية المتأثرة بفنون سامراء، ورأى مساحته الشاسعة وأعمدته البيزنطية القديمة، حيث التفت إليّ حينها وسألني، عمّا إذا كانت الأرض المبني عليها المسجد صخرية ؟ فأدركت على الفور أن سموّه، يطمئن على مدى استقرار البناء.
وتابع: «على الفور شرحت لسموّه أن مخطط هذا الجامع يعتمد على بناء تحت الأرض ومثله فوق الأرض، إذ تلتقي الجدران والأعمدة بأساسات مماثلة لها تحت الأرض، ما يجعل البناء شديد الصلابة والإحكام، وهو ما ساعد الجامع على البقاء منذ القرن الثالث الميلادي، فلاحظت نظرة ارتياح على عين سموّه آنذاك».
وانتقل المحاضر إلى الحديث عن الفنون التراثية الإسلامية، إذ عرّف الفن بأنه «العناء والتعب والمبالغة في الجهد لصناعة الشيء»، لافتاً إلى أن ظهور الفن الإسلامي كان في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، وارتبط بالتخطيط لبناء مسجد قباء بالمدينة المنورة، والذي يعد أول مسجد في تاريخ الإسلام، حين راعت هندسته المعمارية آنذاك ما يحتاجه المصلون من الوقوف صفوفاً متراصة ومظلات لتجنب أشعة الشمس، وغيرها من الأمور التي تطوّرت وألهمت الأمويين مثلاً إلى المزيد من الهندسة المعمارية عند بناء المساجد في الكوفة والبصرة وبيت المقدس وحتى في المدينة المنورة، بالإضافة إلى دمشق التي كانت مقراً للخلافة.
وأضاف المحاضر: «ظهرت المآذن في المساجد حين استخدمها الأمويون واستمرت حتى يومنا هذا، كما أثرت الحضارات كذلك في الفن الإسلامي من جانب الزخارف التي يمكن ملاحظة العناصر النباتية فيها، وهي زخارف تزين العديد من المباني في دول العالم الإسلامي، هذا إضافة إلى دخول الفسيفساء والمقرنصات والخط العربي وغيرها إلى مختلف أنماط العمارة الإسلامية»، مستشهداً بنماذج مختلفة من مدن العالم العربي التاريخية.
وتحدث الشبوح عن «لوحة الرواق الغربي» في الجامع الأموي بدمشق، التي تمثل نهر بردى وعلى ضفافه القصور والدارات والجسور، قائلاً: «مكّنتني إقامتي بعض الوقت في دمشق خبيراً للآثار الإسلامية بعد التخرج في الجامعة، أن أعيد تأمل الفسيفساء، وأشهد أعمال الترميم التي كانت تجري بعناية، وقد خرجت بتفسير أنها تشير إلى الجنة، كما رُسمت في القرآن الكريم، وهي أحبَّ شيء إلى قلب المسلم».