Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

وقفة السويداء تضامن مع الساحل أم الانفصال؟

السويداء – نظم ناشطون في محافظة السويداء جنوب سوريا، الأربعاء، وقفة تضامنية مع أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري، وسط مخاوف متزايدة من تصاعد التوترات الطائفية وتداعياتها على وحدة الأراضي السورية. ورفع المشاركون صورًا للشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للدروز، والشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى، في سوريا والمهجر، تعبيرًا عن التضامن بين الطائفتين. هذه الوقفة، التي أثارت جدلاً واسعًا، تأتي في سياق تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، وتصاعد المخاوف من سيناريوهات تقسيم أو صراع طائفي.

وشهدت الوقفة الاحتجاجية رفع لافتات تطالب بـ “حماية دولية فورًا” و “الحفاظ على ما تبقى منا” و “الفدرالية واللامركزية كحل وحيد بعد الدماء التي سالت”. وتعكس هذه المطالبات حالة من الإحباط واليأس لدى بعض الفئات في السويداء، نتيجة سنوات من الحرب والصراع، وغياب الأفق السياسي الواضح.

هل نشهد اصطفافًا طائفيًا في سوريا؟

يرى الكاتب والناشط المدني أدهم مسعود القاق أن هذه الوقفة، وما رافقها من تعاطف مع علويي الساحل، لا يمكن تفسيرها إلا في إطار اصطفافات طائفية أقلوية، محذرًا من أن ذلك قد يمهد لانزلاق البلاد نحو حرب أهلية جديدة. وأضاف أن هذه التطورات لا تثير استياء السوريين فحسب، بل تزيد أيضًا من غضب العرب والمسلمين، معتبرًا أن فئة محدودة في السويداء تمارس ما أسماه “التجاوز السياسي” وتتحرك بناءً على وهم الانفصال عن سوريا.

في المقابل، يؤكد القاق أن غالبية الشارع الدرزي في السويداء تميل إلى خيار وطني يسعى لإنهاء الأزمة بالتفاهم مع حكومة دمشق، استنادًا إلى خارطة الطريق التي طُرحت في عمّان. ويرى أن الحوار والتوافق السياسي هما السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

رفض الممارسات الطائفية

من جانبه، يلفت الناشط الحقوقي بسام الشوفي إلى أن الوقفة الاحتجاجية جاءت رفضًا للممارسات ذات البعد الطائفي المنسوبة إلى بعض العشائر البدوية، معتبرًا أن رفع صورة الشيخ غزال إلى جانب صورة الشيخ الهجري يمثل رسالة تضامن مع الضحايا الذين استُهدفوا بدافع طائفي. ويشير إلى أن هذه الممارسات تزيد من حدة التوتر الطائفي، وتقوض جهود المصالحة الوطنية.

ويضيف الشوفي أن شكل الوقفة أثار استياء واسعًا بين أصحاب الرأي في السويداء، ولا سيما بسبب توظيفها من جهات دولية تسعى إلى تفكيك سوريا. ويرى أن المسؤول عن ردات الفعل الشعبوية الداعية للانفصال ليست الوقفة بحد ذاتها، بل ما تسببت به ممارسات هيئة “تحرير الشام” والفصائل السلفية المرتبطة بها.

تطورات متسارعة: تطرف أم انفصال؟

كما شهدت محافظة السويداء قبل أيام قليلة مسيرة شاركت فيها سيارات تابعة لما يُعرف بـ”الحرس الوطني” ورفعت خلالها الأعلام الإسرائيلية إلى جانب صور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والشيخ الهجري. ويثير هذا الأمر تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين بعض الفصائل في السويداء وإسرائيل، ودورها في التطورات الأخيرة.

ويرى الأكاديمي والسياسي مهيب صالحة أن تلك الوقفة جاءت تضامنًا مع احتجاجات اللاذقية وطرطوس وجبلة، ردًا على ما حدث في بعض أحياء حمص من أعمال عنف. ويضيف أن المشهد السياسي السوري يشهد تصاعدًا في النزعات المتطرفة والانفصالية، وتقاطع مصالح قوى إقليمية، مما يزيد من تعقيد الوضع.

تضامن الأقليات ومخاوف من التقسيم

من جانبه، يعتبر محمود السكر القيادي في حزب “شباب الاستقلال” أن التضامن بين الأقليات في سوريا أمر طبيعي، في حين تطرح السلطة السورية نفسها كسلطة لأكثرية دينية سنية. ويوضح أن الوقفة الاحتجاجية تعكس موقفًا مناهضًا لحكومة دمشق، وأن هناك مخاوف من حدوث تغيير ديموغرافي وجيوسياسي في سوريا بفعل ممارسات السلطة.

ويشير جمال درويش (عضو مؤتمر الحوار الوطني) السوري إلى أن أغلب الذين وُجدوا في الوقفة الاحتجاجية كانوا من المهجّرين من أبناء القرى الغربية والشمالية، بهدف التضامن مع المكون العلوي. ويلفت إلى أن كلا المكونين ارتفعت لديه درجة القلق الوجودي، وتحوّل خوفه إلى ورقة سياسية تدفع باتجاه المطالبة بإدارة ذاتية.

وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية في سوريا، وغياب أي حلول واضحة. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من التوترات والمواجهات، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي شامل يضمن حقوق جميع السوريين ويحفظ وحدة الأراضي السورية. وستظل السويداء، بموقعها الاستراتيجي وتنوعها الطائفي، نقطة جذب رئيسية للتفاعلات السياسية والأمنية في البلاد.

الوضع في السويداء يتطلب مراقبة دقيقة، خاصةً مع استمرار التوترات الطائفية والسياسية. من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حلول سياسية، ولكن يبقى مستقبل سوريا غير واضح، ويتوقف على مدى قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى توافقات حقيقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى