“يحتجزون الشباب ويطلبون الفدية”.. نازح من الفاشر يروي قصة نجاته

كشف النازح السوداني محمد الحافظ إبراهيم حامد عن تفاصيل مروعة حول الوضع الإنساني في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، مؤكداً استمرار المعاناة الشديدة للسكان جراء القصف والحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع. وتشير الشهادات إلى تدهور كبير في الأوضاع المعيشية، مما أدى إلى نزوح جماعي وتفاقم الأزمة الإنسانية في المدينة. هذه الأحداث تلقي الضوء على الأزمة الدائرة في السودان وأثرها المدمر على المدنيين.
وروى الحافظ كيف فقد أفراد من عائلته، بالإضافة إلى عشرات الضحايا الآخرين، في القصف المستمر على الفاشر، بينما أصيب هو شخصياً. وذكر أن الحياة تحت القصف أصبحت مطاردة دائمة للبقاء على قيد الحياة، حيث يضطر السكان للاختباء في المنازل والأزقة الضيقة.
أزمة الفاشر وتداعياتها الإنسانية
تتفاقم الأوضاع الإنسانية في الفاشر بشكل حاد، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والماء. وقد أدى الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع إلى منع وصول المساعدات الإنسانية، مما زاد من معاناة المدنيين. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فإن الوضع الغذائي في الفاشر قد وصل إلى مستويات حرجة، مع انتشار سوء التغذية بين الأطفال والنساء.
كما تحدث الحافظ عن اعتماد السكان على وجبات بديلة مثل “الأمباز” (مخلفات عصر الزيوت) كمصدر رئيسي للغذاء، نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقصها. وأوضح أن هذه الوجبة، التي كانت تعتبر رخيصة في السابق، أصبحت نادرة ومكلفة مع استمرار الحصار.
تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية
الأزمة الأمنية في الفاشر مرتبطة بشكل وثيق بالتدهور في الأوضاع المعيشية. فقد أدت الاشتباكات المستمرة بين القوات المتناحرة إلى تعطيل حركة التجارة ونقص السلع الأساسية. إضافة إلى ذلك، فإن الاستهداف المتعمد للمناطق المدنية من قبل قوات الدعم السريع قد أدى إلى تدمير البنية التحتية وزيادة عدد الضحايا المدنيين.
أشار الحافظ إلى أن قوات الدعم السريع تقوم بممارسات قاسية تجاه المدنيين، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية وطلب الفدية مقابل إطلاق سراحهم. وتستهدف هذه الممارسات بشكل خاص الشباب، الذين يعتبرون مصدراً للدخل بالنسبة لعائلاتهم.
على إثر هذه الظروف القاسية، اتخذ الحافظ وعائلته قرار الخروج من الفاشر على الرغم من المخاطر المحدقة. واعتمدوا على إستراتيجية محكمة لتفادي نقاط تمركز قوات الدعم السريع، حيث قاموا بإرسال زوجته وأطفالهم أولاً للبحث عن طريق آمن، ثم تبعهم لاحقاً هو وأشقاؤه. ومع ذلك، فإن عملية الهروب هذه كبدتهم ثمناً غالياً، وهو تفكك الأسرة وفقدان الاتصال ببعض الأقارب.
وواجه الحافظ خلال رحلة الهروب صعوبات إضافية، حيث تعرض للاستجواب والتدقيق من قبل نقاط التفتيش المختلفة. وأشار إلى أن مجرد كونه قادماً من الفاشر جعله موضع شك واتهام. وقد وثق أيضاً ممارسات قاسية من قبل قوات الدعم السريع، مثل احتجاز الشباب وابتزاز عائلاتهم.
المستقبل المجهول للمدنيين في الفاشر
تستمر الأوضاع في الفاشر في التدهور، مع تزايد المخاوف بشأن مصير المدنيين المحاصرين. وتدعو المنظمات الدولية إلى فتح ممرات إنسانية آمنة للسماح بوصول المساعدات الغذائية والطبية إلى السكان المحتاجين. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة لفرض وقف إطلاق النار وحماية المدنيين من العنف. وتعتبر أزمة الفاشر جزءاً من صراع أوسع في السودان، حيث تتنافس قوات الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة. ويؤثر هذا الصراع بشكل كبير على الأوضاع الإنسانية في البلاد، مما يستدعي تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي.
ويشير المحللون إلى أن استمرار الحصار والقصف في الفاشر قد يؤدي إلى كارثة إنسانية حقيقية، مع احتمال وقوع مجاعة واسعة النطاق وانتشار الأمراض. ويدعو هؤلاء المحللون إلى ممارسة ضغوط دولية على جميع الأطراف المتناحرة لوقف العنف واحترام القانون الدولي الإنساني.
من المتوقع أن تصدر الأمم المتحدة تقريراً مفصلاً حول الأوضاع في الفاشر في الأيام القادمة، والذي قد يتضمن توصيات بشأن الخطوات اللازمة للتخفيف من معاناة المدنيين. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه التوصيات قد يواجه صعوبات كبيرة نظراً لتعقيد الوضع السياسي والأمني في السودان. ويجب على المجتمع الدولي أن يراقب الوضع في الفاشر عن كثب وأن يكون مستعداً لتقديم المساعدة اللازمة للمدنيين المتضررين.





