أصدرت محكمة فيدرالية أمريكية، يوم الخميس الماضي، حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً على دو كوون، مؤسس شركة تيرافورم لابس، بتهمة الاحتيال المتعلق بانهيار العملات الرقمية “تيرا يو إس دي” و”لونا” في عام 2022. ويعتبر هذا الحكم علامة فارقة في الرقابة القانونية على قطاع العملات المشفرة، الذي شهد تقلبات حادة وخسائر فادحة للمستثمرين. وتقدر الخسائر الإجمالية الناجمة عن انهيار هاتين العملتين بنحو 40 مليار دولار أمريكي.
دو كوون وانهيار سوق العملات المشفرة
كان دو كوون، البالغ من العمر 34 عاماً، قد أقر بالذنب في تهمتي التآمر للاحتيال والاحتيال الإلكتروني في أغسطس الماضي. واعترف بتضليل المستثمرين بشأن آلية عمل عملة “تيرا يو إس دي” المستقرة، والتي كان من المفترض أن تحافظ على سعر ثابت مرتبط بالدولار الأمريكي. وقد اعتذر كوون للمحكمة، معرباً عن أسفه العميق للأذى الذي تسبب به للمستثمرين المتضررين.
يأتي هذا الحكم في أعقاب انهيار مفاجئ لأسعار العديد من العملات الرقمية في عام 2022، مما أدى إلى تصفية شركات كبرى في هذا المجال. وقد سلط هذا الانهيار الضوء على المخاطر الكامنة في الاستثمار في الأصول الرقمية غير المنظمة، وأثار دعوات لتعزيز الرقابة التنظيمية على هذا القطاع.
تفاصيل عملية الاحتيال
وفقًا للوثائق المقدمة إلى المحكمة، قام كوون بتضليل المستثمرين في عام 2021 بشأن قدرة عملة “تيرا يو إس دي” على الحفاظ على قيمتها. وعندما انخفضت قيمة العملة عن مستوى ربطها بالدولار، زعم كوون أن خوارزمية “بروتوكول تيرا” قد نجحت في استعادة قيمتها.
لكن الادعاء العام أثبت أن كوون رتب سراً مع شركة تداول عالية التردد لشراء كميات كبيرة من العملة المشفرة بهدف دعم سعرها بشكل مصطنع. هذه الممارسة، التي تهدف إلى التلاعب بالسوق، تعتبر غير قانونية وتضر بالمستثمرين.
تسوية مع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية
بالإضافة إلى الحكم بالسجن، وافق دو كوون في عام 2024 على دفع غرامة مدنية قدرها 80 مليون دولار أمريكي، وتم منعه من التداول في العملات الرقمية كجزء من تسوية شاملة بقيمة 4.55 مليار دولار مع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC). تهدف هذه التسوية إلى تعويض المستثمرين المتضررين واستعادة بعض الخسائر التي تكبدوها.
وتشمل التسوية أيضاً قيوداً على أنشطة شركة تيرافورم لابس، مما يمنعها من إصدار أو تداول أي أوراق مالية في المستقبل. هذه الخطوة تهدف إلى حماية المستثمرين من عمليات احتيال مماثلة.
تعتبر قضية دو كوون مثالاً بارزاً على المخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأصول المشفرة. وتؤكد على أهمية الشفافية والمساءلة في هذا القطاع، وضرورة وجود إطار تنظيمي قوي لحماية المستثمرين.
التداعيات القانونية في كوريا الجنوبية
يواجه كوون أيضاً اتهامات مماثلة في كوريا الجنوبية، حيث بدأ التحقيق في انهيار “تيرا يو إس دي” و”لونا”. وبموجب اتفاق الإقرار بالذنب في الولايات المتحدة، لن تعارض النيابة العامة الكورية الجنوبية طلب كوون بنقله إلى الخارج بعد قضاء نصف مدة عقوبته في الولايات المتحدة.
هذا يعني أن كوون قد يواجه محاكمة منفصلة في كوريا الجنوبية بعد إكمال جزء من عقوبته في الولايات المتحدة. وتعتبر هذه القضية ذات أهمية خاصة في كوريا الجنوبية، حيث فقد العديد من المستثمرين مدخراتهم بسبب انهيار العملات الرقمية.
تتزايد الدعوات لتشديد الرقابة على تكنولوجيا البلوك تشين والعملات الرقمية على مستوى العالم. وتسعى الحكومات والهيئات التنظيمية إلى إيجاد توازن بين تشجيع الابتكار وحماية المستثمرين من المخاطر المحتملة.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات في قضية دو كوون وتداعياتها في الأشهر والسنوات القادمة. وستراقب الأوساط المالية والقانونية عن كثب تطورات هذه القضية، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على مستقبل قطاع العملات الرقمية. كما ستنتظر المحكمة قراراً بشأن نقل كوون إلى كوريا الجنوبية، وهو ما قد يستغرق بعض الوقت نظراً للإجراءات القانونية المعقدة.
