25 ضعفاً.. معاقبة مدينة تركية فرضت رسوماً باهظة على زواج اللاجئين

فرض مجلس حقوق الإنسان والمساواة التركي، وهو هيئة حكومية مستقلة معنية بمكافحة التمييز، غرامة إدارية بقيمة 204 آلاف ليرة تركية (ما يعادل نحو 5300 دولار أمريكي) على بلدية «أفيون قرا حصار» في غرب تركيا، بعد ثبوت انتهاكها لمبدأ المساواة وحظر التمييز، إثر قيام البلدية برفع رسوم عقود الزواج للاجئين الأجانب إلى 10 آلاف ليرة تركية، أي 25 ضعفًا مقارنة برسوم الزواج المحددة للمواطنين الأتراك والتي تبلغ 400 ليرة فقط خلال عام 2024.
ووفقا لبيان رسمي صادر عن المجلس، تبين أن البلدية اعتمدت سياسة تمييزية واضحة ضد اللاجئين، معظمهم من السوريين الذين يشكلون أكبر جالية لاجئة في تركيا، حيث تستضيف البلاد نحو 2.9 مليون سوري، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة لعام 2025. وأشار المجلس إلى أن هذا الإجراء ينتهك المادة 3 من قانون المساواة التركي رقم 6701، الذي يحظر التمييز على أساس الجنسية أو الوضع القانوني، كما يتعارض مع التزامات تركيا الدولية بموجب اتفاقية جنيف للاجئين لعام 1951.
بدأت القضية عندما تقدم عدد من اللاجئين بشكاوى إلى المجلس في أوائل 2024، بعد أن واجهوا صعوبات مالية كبيرة لتسجيل زواجهم في البلدية، حتى كشفت التحقيقات أن بلدية «أفيون قرا حصار» التي تقع في منطقة تعيش فيها جالية لاجئين كبيرة، استهدفت هذه الفئة برسوم باهظة دون مبرر قانوني، فيما اعتبره المجلس «استغلالا واضحا» لظروف اللاجئين الهشة، وأن البلدية لم تقدم تبريرا منطقيا لرفع الرسوم، مما عزز الاشتباه بأن القرار كان مدفوعا بتوجهات تمييزية تجاه الأجانب.
وأمر المجلس البلدية بدفع الغرامة خلال 30 يوما، مع التزامها بإعادة تعديل الرسوم لتتماشى مع مبدأ المساواة، محذرا من عقوبات إضافية في حال تكرار المخالفة، كما دعا المجلس السلطات المحلية في عموم تركيا إلى مراجعة سياساتها لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
أخبار ذات صلة
وتأتي هذه الواقعة في ظل تصاعد التوترات الاجتماعية في تركيا تجاه اللاجئين، لا سيما السوريين، الذين واجهوا موجات من الرفض الشعبي والسياسي في السنوات الأخيرة. وبحسب تقرير لـ«هيومن رايتس ووتش» (15 يناير 2025) شهدت تركيا ارتفاعا في الحوادث التمييزية ضد اللاجئين منذ 2023، بما في ذلك فرض قيود إدارية وقانونية غير عادلة.
من الناحية القانونية، ينظم زواج الأجانب في تركيا القانون المدني التركي رقم 4721 واللائحة التنفيذية للزواج، حيث يطلب من الأجانب تقديم وثائق مثل جواز السفر وشهادة العزوبية، لكن لا يوجد نص قانوني يبرر فرض رسوم إضافية على أساس الجنسية، ويعد قرار المجلس خطوة بارزة في حماية حقوق اللاجئين وسط جدل متزايد حول دمجهم في المجتمع التركي.
وأثارت العقوبة تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، وكتب أحد النشطاء على «X»: «غرامة 204 آلاف ليرة لن توقف العنصرية، نحتاج تغييرا في السياسات». فيما رحب آخرون بالقرار، معتبرينه رسالة قوية ضد التمييز، ولم تصدر البلدية تعليقًا رسميا حتى الآن.