3 سيناريوهات لمستقبل وقف إطلاق النار بغزة
![](https://dailygulfnews.com/wp-content/uploads/2025/02/D984D8B3D984D8B3D8A8D984D8B322-1738392829-780x470.jpg)
غزة- أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة معاريف العبرية أن أكثر من نصف الجمهور الإسرائيلي يعتقد أن هَم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الحفاظ على ائتلافه الحكومي، لذلك لن تكتمل صفقة تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
يأتي ذلك بعدما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن نتنياهو يخطط لعرض مطالب إسرائيل بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، التي تشمل إبعاد قيادة حماس من غزة، وتفكيك جناحها العسكري ونزع سلاحها، وإطلاق جميع سراح المحتجزين الإسرائيليين.
الجزيرة نت تكشف -عبر الأسئلة التالية- عن صعوبات المرحلة الثانية من الصفقة، والسيناريوهات المتوقعة لمصير الاتفاق.
-
لماذا مر اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل عبر مراحل؟
منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، فتح أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الباب أمام إمكانية تبادل الأسرى دفعة واحدة، أو عبر مراحل.
وخلصت المفاوضات التي قادتها الوساطة القطرية المصرية إلى تطبيق وقف إطلاق النار على مراحل لعدة أسباب أبرزها:
- وجد الوسطاء في اتفاق المراحل فرصة لوقف إطلاق النار بعد 470 يوما من العدوان، وتأجيل النقاط الخلافية بين الجانبين إلى مراحل لاحقة، في إطار إقناعهما بالبدء بتنفيذ المرحلة الأولى.
- يعطي هذا الاتفاق فرصة لنتنياهو لإقناع ائتلافه الحكومي “المتطرف” للموافقة على البدء بالاتفاق، والنظر لاحقا ببقية المراحل، بسبب رفض حكومته وقف إطلاق النار بشكل نهائي قبل القضاء على حماس، وذلك حسب أهدافه المعلنة للحرب.
- يمنح الاتفاق المقاومة الفلسطينية مساحة للمناورة والضغط للحصول على مطالبها بحكم بقاء محتجزين إسرائيليين لديها عبر إلزام الاحتلال بتنفيذ البروتوكول الإنساني، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين حسب المعايير المتفق عليها، وصولا لإنهاء الحرب، وذلك في ظل عدم الثقة بين الجانبين وتهديدات الاحتلال باستكمال العدوان.
-
هل بدأت مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة؟
ينص اتفاق وقف إطلاق النار على بدء التفاوض على المرحلة الثانية بعد مرور 16 يوما على سريان المرحلة الأولى، أي في 3 فبراير/شباط الجاري، لكن نتنياهو أجّل إرسال وفده التفاوضي للدوحة بعد لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 4 من الشهر نفسه، وبعث بوفد فني غير مخول بالتفاوض حول المرحلة الثانية من الاتفاق.
لم تبدأ هذه المفاوضات بعد، لكن مصادر قيادية فلسطينية مطلعة رجحت -في حديثها للجزيرة نت- بدءها منتصف الأسبوع الجاري، أي بعد تأخير أسبوعين على الموعد المحدد.
-
لماذا يتحدث نتنياهو عن فرض شروط جديدة؟
أخذت لهجة نتنياهو منحى تصاعديا في حديثه عن فرض مطالب بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، تشمل إبعاد قيادة حماس من غزة، وتفكيك جناحها العسكري، ونزع سلاحها، وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت.
تأتي شروطه تماشيا مع مصالحه السياسية وبما يحافظ على ائتلافه الحكومي من الانهيار، وخشية انسحاب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش من الحكومة بعدما أعلن معارضته بشدة الانتقال إلى المرحلة التالية من الصفقة.
وقال عبر منصة إكس “حكومتنا لن تستسلم لهذا الجنون، وستواصل العمل بحزم لإعادة جميع المحتجزين، ولن تتوقف لحظة واحدة قبل تدمير حماس الكامل”.
يشار إلى أن انسحاب سموتريتش ووقف دعمه الحكومة في الكنيست يعني انهيار الائتلاف الحكومي، ولا سيما بعد استقالة وزير الأمن إيتمار بن غفير واثنين من حزبه منها مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
-
هل هناك علاقة بين شروط نتنياهو وحديث ترامب عن تهجير سكان غزة؟
حصل رئيس الوزراء الإسرائيلي على دعم كبير من الرئيس الأميركي خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، حينما طرح ترامب خطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعطي مؤشرا بأن المرحلة الثالثة المتعلقة بإعادة إعمار القطاع لن تتم، وبالتالي لن تُستكمل مراحل اتفاق وقف إطلاق النار.
كما شعر نتنياهو بالدعم المفتوح من ترامب بعدما أطلق تهديدا ضد حركة حماس بضرورة إطلاق سراح المحتجزين لديها مع حلول ظهيرة يوم السبت 15 فبراير/شباط الجاري.
وانعكس ذلك على سلوك الحكومة الإسرائيلية التي تهربت من استحقاقات البروتوكول الإنساني في المرحلة الأولى عبر عرقلتها إدخال المنازل المتنقلة “الكرفانات” وعدم توريد الخيام بالعدد الكافي، إضافة إلى عدم الالتزام بإدخال ما يكفي من مساعدات إنسانية ووقود.
وفي هذا السياق، رصد عضو المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف أكثر من 270 خرقا ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، واستشهاد 92 مواطنا، وإصابة أكثر من 800 آخرين، جراء استهداف الاحتلال المباشر.
-
على ماذا تستند المرحلة الثانية؟ ومن أين تكمن أهميتها؟
تُعد المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الأهم والأصعب نظرا لأنها تشمل الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، ومنهم من يحمل رتبا عسكرية عالية. وبالتي يتضمن الإفراج عنهم أن تقبل إسرائيل بإطلاق سراح معظم الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبدات، والذين كانت ترفض الإفراج عنهم سابقا.
وبما أن المرحلة الأولى من الاتفاق تشمل الإفراج عن 33 محتجزا من مجمل 99 أسيرا بقوا لدى الفصائل الفلسطينية، فإن المرحلة الثانية تتضمن إطلاق سراح ممن هم على قيد الحياة من بين 66 جنديا وضابطا إسرائيليا، على أن يتم تبادل رفات الموتى منهم في المرحلة الثالثة.
وبالنظر إلى مفاتيح التبادل التي شملتها المرحلة الأولى، فإنه مقابل كل مجندة أفرجت عنها فصائل المقاومة الفلسطينية، أطلقت قوات الاحتلال مقابلها 50 أسيرا من أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية، فإن ذلك يعني أن ما ستقدمه إسرائيل مقابل كل جندي وضابط سيكون أكبر من ذلك، مما سيلاقي معارضة من قِبَل مكونات الحكومة اليمينية الإسرائيلية “المتطرفة”، وبالتالي وضع عراقيل جديدة أمام استكمال الصفقة.
-
ما السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة؟
لم تقدم الحكومة الإسرائيلية أي ضمانات واضحة بعدم استئناف القتال، ما يثير المخاوف بشأن نواياها الحقيقية تجاه الاتفاق، خاصة مع تعنت اليمين الإسرائيلي “المتطرف”، واحتجاجه على مشاهد تسليم المحتجزين في غزة، حيث اعترف مهندس خطة الجنرالات غيورا آيلاند بفشل الحرب الإسرائيلية على القطاع في تحقيق أهدافها.
وفي مقال له، في صحيفة يديعوت أحرونوت، قال إن “النصر المطلق الذي كانت تتطلع إليه إسرائيل في غزة تحوّل إلى الفشل المطلق، حيث عجزت عن تحقيق أهداف الحرب الأربعة المتمثلة في تدمير القوة العسكرية لحماس، وإسقاط نظام حكمها، وإعادة سكان الغلاف بأمان، أما بخصوص استعادة الأسرى فقد نجحت فيه جزئيا من خلال الصفقة”.
أمام ما سبق تبرز 3 سيناريوهات محتملة لمستقبل وقف إطلاق النار هي:
- انهيار الاتفاق بعد المرحلة الأولى، نظرا للانتهاكات المتكررة والتباطؤ الإسرائيلي المتعمد في تنفيذ الالتزامات، ووضع نتنياهو شروطا جديدا لاستكمال الاتفاق.
- النجاح في الوصول للمرحلة الثانية وهو ما سيحرص عليه الوسطاء نظرا لأن تنفيذ جميع مراحل وقف إطلاق النار سيسهم في تهدئة المنطقة برمتها، وإفشال مخطط التهجير الذي يتبناه ترامب. وهذا يتطلب ضغوطا قوية على حكومة الاحتلال من الدول العربية والمجتمع الدولي، ولا سيما بعد تأخر البدء بالمفاوضات حولها واحتمالية أن تؤدي لتفكك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي.
- التوصل إلى حل وسط والذهاب لتمديد المرحلة الأولى والحفاظ على وقف إطلاق النار، بما يضمن لنتنياهو الهروب من انهيار الائتلاف الحكومي، وذلك باتفاقات جزئية يتم بموجبها الإفراج عن كل أسير لدى المقاومة بصفقة منفردة على غرار ما جرى مع المجندة الإسرائيلية أربيل يهودا.