40% ضريبة على السيارات الكهربائية في الأردن تثير مخاوف القطاع
عمّان – أقرت حكومة الأردن السابقة، قبل رحيلها بيومين، رفع الضرائب تصاعديًا على الشرائح الأعلى سعرًا من السيارات الكهربائية وتخفيض الضريبة الخاصَّة على مركبات البنزين، وهو القرار الذي لاقى ردود فعل رافضة، وموجة من الجدل في الشارع الأردني، وفي أوساط المستثمرين في قطاع المركبات، مما جعل الحكومة الجديدة في مواجهة صعبة مع تبعات القرار.
ينص القرار الحكومي على أن فرض ضريبة 10% على استيراد السيارات الكهربائية بالكامل والتي لا تتجاوز قيمتها 10 آلاف دينار (14 ألفا و110 دولارات)، وترتفع النسبة إلى 40% على السيارات التي تتراوح قيمتها بين 10 آلاف دينار و25 ألف دينار (35 ألفا و271 دولارا)، وإلى 55% على السيارات التي تتجاوز قيمتها 25 ألف دينار.
وبررت الحكومة تلك الزيادة بتقليص الفجوة ما بين سيارات البنزين والسيارات الكهربائية، بقصد الحفاظ على حقوق المستثمرين في سوق المركبات، وهي الخطوة التي لاقت استحسان بعض تجار المركبات لا سيما من أصحاب وكالات السيارات العالمية التقليدية الذين رأوا في القرار إنصافا لهم.
يأتي ذلك وسط توجه كثير من الأردنيين إلى شراء المركبات الكهربائية لما تحققه من وفر مالي في مقارنة بنظيرتها التي تستهلك الوقود، وكذلك تدني أسعارها قياسا بسيارات البنزين، مع الرسوم المخفضة التي كانت مطبقة عليها قبل رفعها.
مخاوف وعزوف
وترك رفع الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية، آثارًا سلبية على القطاع ككل وفقا لنائب رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة، شرف الدين الرفاعي، الذي أكد أنه لم تتم أي عملية تخليص جمركي لأي من السيارات الكهربائية التي تتراوح قيمتها ما بين 10 آلاف دينار و25 ألف دينار منذ صدور قرار التعديل الضريبي الأخير.
ويقول الرفاعي في حديث لـ(الجزيرة نت) إن ثمة “حالة عزوف تام” من المواطن عن شراء السيارات الكهربائية، نظرا لارتفاع قيمة الجمرك عليها، موضحًا أنه قبل صدور قرار الحكومة السابقة برفع الضريبة على السيارات الكهربائية كان يتم التخليص الجمركي لـ4 آلاف سيارة كهربائية يوميًا، وبعد القرار الحكومي فإن التخليص على المركبات الكهربائية توقف تماما في المنطقة الحرة.
وأعرب الرفاعي عن أمله في أن تعيد الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور جعفر حسان النظر في قرار رفع الضريبة الخاصة على السيارات الكهربائية، قائلا: “ننظر لحكومة الدكتور حسان بالكثير من التفاؤل لا سيما وأنه رجل ميداني، وبالتالي ندعوه لزيارة المنطقة الحرة، للحوار والوصول معا للحلول المرجوة.. لسنا ضد أي قرار أو قانون يصدر، لكن ما نريده أن يكون إصدار القرارات الحكومية بالتشاركية مع القطاع الخاص، وأصحاب العلاقة”.
موقف الحكومة
من جانبه، وفي أول تعليق رسمي على قرار رفع الضريبة على السيارات الكهربائية، قال وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني من أن “القناعة لدى الحكومة بأن الأصل في القرارات الاستمرارية، وأن أي قرار لا بد أن يأخذ فترة من الزمن لقياس أثره الحقيقي قبل أن يعاد تقييمه”.
وأضاف الوزير الأردني في تصريحٍ لـ(الجزيرة نت) أن السياسة التي كانت مطبقة قبل ما يقرب العشر سنوات مع السيارات الكهربائية تم تقييمها من قبل الحكومة السابقة، وعليه جرى التغيير، ومن الطبيعي أن يتم مراجعة القرارات وأثرها بعد هذه الفترة الزمنية، وفق قوله.
وأضاف: “مع ذلك فالحكومة على تواصل مع الجهات ذات العلاقة، وتحترم كافة الآراء ومستعدة للنقاش وسماع آراء جميع المعنيين”.
وعلمت الجزيرة نت أن المعاملات التجارية المتعلقة بإجراء معادلات جمركية على سيارات كهرباء جديدة لا تزال معلقة بقرار من أكثر من 400 تاجر يعملون في قطاع السيارات، نظرًا لارتفاع سعر المركبة الكهربائية الواحدة بموجب القرار الحكومي الجديد بما بين 6 آلاف دينار (8 آلاف و465 دولارا) إلى 15 ألف دينار (21 ألفا و162 دولارا)، في حين ارتفع سعر بعض السيارات بنحو 20 ألف دينار (28 ألفا و217 دولارا) حسب الطراز وسنة الصنع.
تأثيرات سلبية
بدوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن الحكومة أكدت منذ بداية العام أن لا ضرائب جديدة على المواطنين، ولا رفع للضرائب لكنها جاءت قبيل تشكيل حكومة جديدة لترفع الضرائب على السيارات الكهربائية، وبشكل مفاجئ ومن دون تحذير مسبق، مؤكدا أن هذا سيؤثر بشكل سلبي على سوق السيارات، وسيؤدي إلى إضعاف الإقبال على شرائها.
وأضاف عايش في حديث لـ(الجزيرة نت) أنه في العام الماضي 2023 ارتفع التخليص الجمركي للسيارات الكهربائية بنسبة 146%، واليوم نجد تراجعا كبيرا في نسبة التخليص على السيارات الكهربائية، وبالتالي تجار السيارات في مأزق، والحكومة لن تحصل على الإيرادات المطلوبة، في الوقت ذاته لن يتوجه المواطن إلى سيارات البنزين لكلفة المحروقات المرتفعة.
وارتفع الطلب على السيارات الكهربائية في الأردن بشكل قياسي خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 122% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وسط منافسة شديدة بين وكالات السيارات والتجار، ويعود ارتفاع الطلب إلى تزايد أسعار المشتقات النفطية والكلف العالية التي تترتب على اقتناء السيارات العاملة بالوقود وتشكل جزءا كبيرا من الإنفاق على حساب متطلبات أساسية أخرى.