Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

5 نقاط تشرح ما يجري في جنوب السودان

تشهد دولة جنوب السودان توترات عسكرية وسياسية متواصلة بين شريكي السلطة الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار وصل حد المواجهات العسكرية خلال الأسابيع الأخيرة، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب أهلية جديدة.

وشهدت مناطق متفرقة من البلاد زيادة ملحوظة في أعمال العنف، كما حدثت سلسلة من الاشتباكات الدامية والاعتقالات السياسية، مما أثار مخاوف من انهيار اتفاق السلام الهش الموقع عام 2018 الذي أنهى حربا أهلية عقب فترة قصيرة من انفصال الجنوب عن السودان في استفتاء عام 2011.

كيف بدأت الأحداث الراهنة؟

بعد خلافات بشأن تبديل القوات في منطقة الناصر في ولاية أعالي النيل أدت إلى مواجهات عسكرية قادتها مجموعة مسلحة محسوبة على رياك مشار نائب الرئيس وأسفرت عن قتلى -بينهم الجنرال المسؤول عن المنطقة وعدد آخر من الجنود الحكوميين- أجرى الرئيس سلفاكير ميارديت تغييرات واسعة في مناصب قيادية في الدولة أبعد بموجبها مؤيدي وأنصار نائبه مشار.

وشملت التغييرات جيمس واني إيقا نائب الرئيس، والذي حل محله صهر الرئيس رجل الأعمال، وهو شخصية متنفذة ومركزية ومقربة من الرئيس وأسرته.

كما أقيلت قبل ذلك شخصيات معروفة بالتقارب مع السودان، وعلى رأسها المستشار الأمني توت قلواك الذي عيّن سفيرا في الكويت.

وغزت تلك التطورات شائعات بأن حكومة سلفاكير قررت تجريد بعض شباب القبائل من السلاح، خاصة من يسمون الجيش الأبيض المنتمي إلى قبيلة النوير، وهي قبيلة نائب الرئيس، مما أدى إلى مواجهات راح ضحيتها قائد الجيش في مدينة الناصر بولاية أعالي النيل وعدد من الجنود الحكوميين في هجوم على طائرة أممية كانت تقلهم، وهو ما أدانته المنظمة الدولية.

وردّت الحكومة بحملة اعتقالات طالت عددا من الجنرالات والوزراء من الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة بقيادة مشار.

ما الأطراف المتورطة فيما يجري؟

الصراع الحالي وعلى مدى سنوات طويلة هو في الأغلب تنافس بين طرفين هما قبيلتا الدينكا والنوير، وهو ما أدى إلى جولات عديدة من المواجهات العسكرية، بما في ذلك الحرب الأهلية التي استمرت 5 سنوات بين عامي 2013 و2018، وأودت بحياة نحو 400 ألف شخص، وانتهت باتفاق سلام هش عام 2018.

سلفاكير يعتمد على المقربين منه لتثبيت أركان حكمه (رويترز)

1- سلطة الدولة من جيش وقوى أمنية ومؤسسات حكومية في مواجهة خصومه السياسيين من أجل تثبيت أركان حكمه، ولذلك اعتقلت قوات الأمن العديد من الشخصيات المعارضة.

2- قبيلته الدينكا، وهي من كبرى قبائل جنوب السودان وأفريقيا تعدادا، ولعبت دورا كبيرا إبان الصراع الطويل مع السودان قبل الانفصال، وتعتبر نفسها ذات أحقية في حكم الجنوب.

3- حلفاء الرئيس من القبائل الصغيرة التي يغريها الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية من الدولة.

4- حلفاء الرئيس الإقليميين مثل أوغندا من أجل الحصول على الدعم السياسي وربما العسكري، وهو ما تم بالفعل بوصول قوات خاصة أوغندية انتشرت في العاصمة جوبا قالت حكومة الرئيس يوري موسيفيني إنها جاءت بطلب من سلفاكير.

مشار: الحرب أشعلها سلفاكير وسأعود لتنظيم الصفوف
قبيلة مشار تؤمن بأسطورة أنه الرئيس المقبل (الجزيرة)

1- سلطته بصفته نائبا للرئيس بموجب اتفاق سلام الذي وقّع عام 2018 وأقر تقاسم السلطة مع سلفاكير، وتدعمه عناصر في الجيش والأمن وقيادات في مراكز صنع القرار داخل الدولة يستطيع تحريكها في حال حصول أي مواجهة، وهو ما حدث بالفعل خلال حملة الاعتقالات الأخيرة.

2- تطلع ذاتي، إذ يعتبر نفسه الأحق بالحكم استنادا إلى مؤهلاته العلمية باعتباره أستاذا جامعيا ورجل دولة على عكس الرئيس سلفاكير الذي كان جنديا في استخبارات الجيش الشعبي جاءت به التوازنات القبلية إلى المنصب الأول في الحزب والدولة بعد رحيل زعيم الحركة الشعبية جون قرنق في حادث طائرة عام 2005، ثم شغل منصب الرئيس في أعقاب توقيع اتفاقية السلام التي أنهت أطول حرب أهلية في أفريقيا.

3- قبيلته النوير، وهي قبيلة مقاتلة وقوية شديدة المراس وتعد ثاني أكبر قبائل جنوب السودان من حيث العدد، ولها قوات خاصة تسمى الجيش الأبيض، كما تدعمه مجموعات مسلحة أخرى تأتمر بأمره.

4- أسطورة تؤمن بها قبيلة النوير، وتقول إن الجنوب يحكمه رجل أفلج الأسنان، وغير “مشلخ” (علامات توضع على الوجه تشير إلى قبيلة صاحبها)، يأتي بعد حرب طويلة، وهي صفات تنطبق على رياك مشار، وتعتقد بعض قبائل جنوب السودان في هذه الأسطورة.

ما موقف حكومة سلفاكير من الأحداث؟

استخدمت حكومة سلفاكير سلطة الدولة في مواجهة ما اعتبرته تمردا عليها، حيث زجت بعدد كبير من المعارضين في السجون وفرضت حصارا على منزل مشار ومنعت الوصول إليه.

وقالت الحكومة إن لديها أدلة على تورط “المعتقلين” من حركة مشار في تأجيج الصراع في منطقتي الناصر وأولانق، وإن حملة الاعتقالات ستستمر إذا ثبتت الأدلة ضد أي شخص آخر، مشيرة إلى أن اتفاق السلام “ليس فوق القانون”.

وعقب تصاعد الأحداث ألقى الرئيس سلفاكير خطابا يوم الجمعة الماضي شدد خلاله على عدم العودة إلى الحرب مرة أخرى، مؤكدا التزام حكومته بمعالجة الأزمة الحالية من أجل السلام.

لكن طلب سلفاكير مساندة عسكرية من أوغندا التي أرسلت قوات خاصة للعاصمة جوبا وانتشرت في عدد من المواقع المهمة دون أن يعرف التفويض الممنوح لها أشار الشكوك بشأن طبيعة ما يجري على الأرض، خاصة أن الرئيس الأوغندي أعلن وقوفه مع سلفاكير في مواجهة خصومه.

Sudan's Sovereign Council Chief General Abdel Fattah al-Burhan stands with South Sudanese President Salva Kiir upon arriving at the Juba International Airport, in Juba, South Sudan September 16, 2024. REUTERS/Jok Solomun
زيارة سابقة لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) إلى الجنوب (رويترز)

كذلك تلقى رئيس جنوب السودان اتصالا من رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وقال مجلس السيادة في بيان إن البرهان “اطمأن” في الاتصال “على مجمل الأوضاع في جنوب السودان، وأكد حرص الحكومة السودانية على استدامة الأمن والاستقرار هناك”.

كما دعا الاتحاد الأفريقي وكينيا القوى الجنوبية إلى ضبط النفس.

ما موقف معارضي سلفاكير، وعلى رأسهم رياك مشار؟

أصدر مكتب رياك مشار بيانا أعرب فيه عن أسفه العميق لفقدان الأرواح في أحداث مدينة الناصر، وأدان ما وصفه بالعمل الوحشي، معزيا أسرة الجنرال القتيل وأسر الضحايا.

 وقال إن “هذه المأساة تؤكد الحاجة الملحة إلى مواصلة جهود تهدئة التصعيد والحوار لمنع المزيد من العنف”.

وأشار مكتب مشار إلى أن “الجهود الرامية إلى تهدئة التصعيد واستعادة السلام ستظل على رأس الأولويات بالنسبة إليهم”، وأن النائب الأول للرئيس “مستمر في إشراك جميع أصحاب المصلحة لمنع المزيد من العنف في البلاد”.

ولم يتحدث مشار عن وضع قوات النوير التي قالت مصادر عدة إن السيطرة عليها صعبة جدا، خاصة أنها تعترض على قوات غير تلك التي يفترض أن تنشر في منطقة الناصر وتضم وحدات مشتركة من قوات الحكومة والمعارضة أقرها اتفاق السلام.

إلى أين تتجه الأحداث الحالية؟

هناك جهود ومساعٍ من أطراف دولية وإقليمية عدة تشجع الأطراف الجنوبية على التهدئة، خاصة أن خروج الأمور عن السيطرة من شأنه أن يهدد الانتخابات العامة التي أُجّلت حتى ديسمبر/كانون الأول 2026 بدلا من موعدها المقرر هذا العام.

وإذا أجريت فستكون هذه الانتخابات الأولى منذ انفصال البلاد عن السودان عام 2011.

وكذلك ينتظر أن يتدخل السودان الراعي لاتفاق السلام في جنوب السودان من أجل نزع فتيل التوتر، كما يتوقع أيضا أن تفعل منظمة إيغاد الشيء نفسه.

ويرى بعض المحللين أن هذه الأحداث سوف تنعكس على قضايا الاستقرار في جنوب السودان، لأنها نتاج عدم تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية في اتفاقية السلام على مدار السنوات السبع الماضية.

وكانت اتفاقية السلام المنشطة التي وُقّعت عام 2018 نصت على دمج قوات الحركة الشعبية في المعارضة في الجيش الشعبي الحكومي، ويتم توزيع منتسبي تلك قوات في كافة الأجهزة الأمنية، لكن قوات المعارضة المسلحة ظلت مستقلة عن الجيش الرسمي.

تصميم خاص خريطة جنوب السودان
خريطة جنوب السودان (الجزيرة)

كما وقعت خلافات عدة بشأن تنفيذ بند الترتيبات الأمنية وتفسيره، وبسبب ذلك تم تمديد الفترة الانتقالية 3 مرات، فبدلا من أن تنتهي عام 2022 تم تمديدها حتى 2027.

كما أن الوضع الإنساني لا يزال بدوره هشا، إذ أعلنت الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أن نحو 7.7 ملايين شخص في جنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد خلال العام الحالي.

وفاقم ذلك توقف إنتاج النفط الذي تعتمد عليه الدولة في ميزانيتها بسبب الحرب في السودان، إذ توقف التصدير عبر الموانئ السودانية، مما أدخل جنوب السودان في عجز مالي فشل على إثره حتى في الوفاء برواتب موظفي الدولة، وتدهورت العملة المحلية وانهار الاقتصاد ليتسبب كل ذلك في احتقان اجتماعي هائل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى