6 أسئلة تشرح ما جرى في الساحل السوري

وسط أجواء متوترة تعيشها سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، شهدت مدينة اللاذقية احتجاجات يوم الأحد أدت إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة العشرات. وقد أثارت هذه الاحتجاجات، التي دعا إليها رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى، غزال غزال، تساؤلات حول الاستقرار الأمني والاجتماعي في البلاد، خاصةً مع تزايد المطالبات بتغيير سياسي واقتصادي شامل.
بدأت الأحداث بعد دعوة غزال لأبناء الطائفة العلوية للخروج في مظاهرات سلمية تحت عنوان “طوفان الكرامة”، معلنةً عن مطالب تتعلق بالحقوق والحريات. ووقعت الاحتجاجات في اللاذقية بالتزامن مع مظاهرات مضادة، مما أدى إلى مواجهات بين الطرفين، بحسب ما أفادت به مصادر أمنية سورية. وقد أدت هذه المواجهات إلى سقوط ضحايا وإصابة العديد من الأشخاص، مما زاد من حدة التوتر في المدينة.
ما هي مطالب الاحتجاجات في اللاذقية؟
ركزت دعوة غزال في الفيديو الذي بثه على عدة نقاط رئيسية، منها ما يتعلق بـ”الانتهاكات” التي تعرض لها أبناء الطائفة العلوية في الفترة الماضية، وحصارهم بمصادر رزقهم، بالإضافة إلى المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. كما طرح غزال فكرة “فيدرالية” كحل للأزمة السورية، بهدف “تجنب البلاد الحرب الأهلية” ومنح “أبناء الطائفة العلوية الحق بتقرير المصير”.
وتشير التقارير إلى أن المحتجين طالبوا بإطلاق سراح ما يسمونه “السجناء”، بينما تؤكد الحكومة السورية أن هؤلاء الأشخاص موقوفون بتهم تتعلق بالمشاركة في جرائم ضد الشعب السوري خلال سنوات الصراع. وفي المقابل، أفرجت السلطات في اللاذقية قبل يوم من الاحتجاجات عن 69 موقوفًا لم يثبت تورطهم في جرائم، في إطار جهود لتهدئة الأوضاع.
السياق الأوسع للاحتجاجات
تأتي هذه الاحتجاجات في سياق عام من التوتر وعدم الاستقرار في سوريا، خاصةً بعد التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد في نهاية عام 2024. فمنذ سقوط النظام السابق، تشهد المناطق الساحلية، التي تعتبر معقلًا للطائفة العلوية، محاولات لزعزعة الاستقرار من قبل جماعات مسلحة تطالب بحكم ذاتي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف متزايدة بين أفراد الطائفة العلوية بشأن مستقبلهم في سوريا الجديدة، خاصةً بعد أحداث مارس الماضي التي أدت إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين. وتزايدت الدعوات إلى تحقيق العدالة والمحاسبة عن الجرائم التي ارتكبت خلال سنوات الحرب، مما أثار قلق البعض بشأن إمكانية تعرضهم للانتقام.
ردود الفعل الرسمية والمحلية
أكد قائد الأمن الداخلي في اللاذقية، عبد العزيز الأحمد، أن قوى الأمن تعاملت مع الاحتجاجات بمسؤولية، وأن الاعتداءات التي وقعت كانت من قبل “فلول النظام البائد” التي تسعى إلى إثارة الفتنة. وأشار إلى أن هذه المجموعات استخدمت الأسلحة البيضاء والنارية ضد المتظاهرين وقوات الأمن، مما أدى إلى إصابة العديد من الأشخاص.
من جانبهم، أعرب وجهاء وأهالي مدينة القرداحة عن رفضهم للدعوات إلى الاحتجاج، معتبرين أنها تحمل أبعادًا طائفية وتسعى إلى زعزعة الاستقرار. وشددوا على أهمية الوحدة الوطنية والحفاظ على السلم الأهلي، داعين إلى الحوار والتصالح بين جميع المكونات السورية. الاحتجاجات أثارت جدلاً واسعاً حول مستقبل الطائفة العلوية في سوريا.
الوضع الأمني والإنساني بعد الاحتجاجات
أفادت مديرية الصحة في اللاذقية بمقتل أربعة أشخاص وإصابة 108 آخرين جراء الاشتباكات التي وقعت خلال الاحتجاجات. وتشمل الإصابات كسورًا وجروحًا وحروقًا، بالإضافة إلى إصابات بالرصاص. وقد تم نقل المصابين إلى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم.
وتشير التقارير إلى أن الوضع الأمني في اللاذقية لا يزال متوترًا، وأن هناك انتشارًا مكثفًا لقوات الأمن في شوارع المدينة. كما أن هناك مخاوف من تجدد الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، خاصةً مع استمرار الدعوات إلى المزيد من المظاهرات. الاحتجاجات أدت إلى تعطيل حركة المرور وتأخير وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق.
من المتوقع أن تقوم الحكومة السورية باتخاذ إجراءات إضافية لتهدئة الأوضاع في اللاذقية والمناطق الساحلية الأخرى. وقد تشمل هذه الإجراءات إطلاق سراح المزيد من المعتقلين، وتقديم تنازلات سياسية واقتصادية، وإطلاق حوار وطني شامل. ومع ذلك، لا يزال مستقبل سوريا غير واضح، وهناك العديد من التحديات التي تواجه البلاد في طريقها نحو الاستقرار والازدهار. الاحتجاجات تعكس عمق الأزمة السورية وتعقيداتها.
في الأيام القادمة، من المهم مراقبة تطورات الوضع الأمني والسياسي في اللاذقية والمناطق الساحلية الأخرى، بالإضافة إلى ردود فعل الحكومة السورية والمعارضة على الاحتجاجات. كما يجب متابعة الجهود الدولية المبذولة لحل الأزمة السورية، وتوفير المساعدات الإنسانية للشعب السوري. الاحتجاجات قد تكون نقطة تحول في مسار الأزمة السورية، ولكن من الصعب التنبؤ بتأثيرها النهائي.





