Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
صحة وجمال

دراسة سعودية: القلق والأرق يضعفان جهاز المناعة عبر خفض الخلايا القاتلة الطبيعية NK

أظهرت دراسة حديثة أجريت في المملكة العربية السعودية وجود علاقة مباشرة بين اضطرابات القلق والأرق وتراجع وظائف جهاز المناعة. وكشفت الدراسة أن المعاناة من القلق والأرق تؤدي إلى انخفاض ملحوظ في عدد الخلايا القاتلة الطبيعية (NK) وفروعها في الدم، وهي خلايا أساسية في الدفاع عن الجسم ضد الأمراض والالتهابات. وقد أجريت هذه الأبحاث على عينة من الطالبات السعوديات، مما يسلط الضوء على أهمية الصحة النفسية وتأثيرها على الصحة الجسدية.

تأتي هذه النتائج في ظل تزايد الاهتمام العالمي بتأثير العوامل النفسية على الاستجابة المناعية، خاصةً بعد جائحة كوفيد-19. وتشير الأبحاث إلى أن الإجهاد المزمن والقلق يمكن أن يضعف قدرة الجسم على مكافحة الأمراض، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى والأمراض المزمنة. هذه الدراسة السعودية تضيف بعدًا جديدًا لهذه الأبحاث من خلال التركيز على تأثير القلق والأرق على نوع محدد من خلايا المناعة.

تأثير القلق والأرق على جهاز المناعة

تعتبر الخلايا القاتلة الطبيعية (NK) جزءًا حيويًا من جهاز المناعة الفطري، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في القضاء على الخلايا السرطانية والخلايا المصابة بالفيروسات. تنتشر هذه الخلايا في الدم والأنسجة، وعندما ينخفض عددها، يصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. وفقًا للدراسة، فإن انخفاض عدد خلايا NK يرتبط بشكل خاص بمستويات القلق والأرق.

منهجية الدراسة ونتائجها

شملت الدراسة 60 طالبة سعودية تتراوح أعمارهن بين 17 و23 عامًا. تم جمع البيانات من خلال استبيانات لتقييم مستويات القلق والأرق، بالإضافة إلى تحليل عينات الدم لقياس عدد وأنواع خلايا NK. أظهرت النتائج أن 53% من المشاركات يعانين من اضطرابات النوم المرتبطة بالأرق، بينما أبلغت 75% عن أعراض القلق، مع وجود حالات متوسطة وشديدة.

أظهرت التحليلات وجود علاقة عكسية بين شدة أعراض القلق والأرق وعدد خلايا NK. بمعنى آخر، كلما زاد مستوى القلق أو الأرق، انخفض عدد هذه الخلايا المناعية. ومع ذلك، لم تظهر فروق ذات دلالة إحصائية لدى الطالبات اللواتي يعانين من أعراض خفيفة. هذا يشير إلى أن التأثير على جهاز المناعة قد يكون أكثر وضوحًا في حالات القلق والأرق الأكثر حدة.

أنواع خلايا NK وتأثيرها

ركزت الدراسة على نوعين فرعيين من خلايا NK: CD16+CD56dim و CD16+CD56high. النوع الأول، CD16+CD56dim، هو الأكثر شيوعًا ويتميز بقدرته العالية على قتل الخلايا المصابة. أما النوع الثاني، CD16+CD56high، فهو أقل انتشارًا ويشارك في تنظيم وتحفيز الاستجابة المناعية. ووجدت الدراسة أن كلا النوعين يتأثران سلبًا بـالقلق والأرق.

صرحت الدكتورة ريناد الحموي، الأستاذة المساعدة في علم المناعة والعلاج المناعي بجامعة طيبة والقائدة الرئيسية للدراسة، أن فهم تأثير الضغوط النفسية على نشاط خلايا المناعة يمكن أن يساعد في الكشف عن الآليات الكامنة وراء الالتهابات وتطور الأورام. وتضيف أن هذه النتائج قد تفتح الباب أمام تطوير استراتيجيات جديدة لتعزيز جهاز المناعة لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية.

تشير الأبحاث إلى أن انخفاض مستويات خلايا NK قد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، بما في ذلك بعض أنواع السرطان. بالإضافة إلى ذلك، قد يساهم هذا الانخفاض في تفاقم الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل الاكتئاب، مما يخلق حلقة مفرغة بين الصحة النفسية والجسدية. القلق والأرق ليسا مجرد مشكلات نفسية، بل لهما تأثيرات فسيولوجية ملموسة.

أهمية نمط الحياة الصحي

تتوافق نتائج هذه الدراسة مع أبحاث سابقة تؤكد على أهمية نمط الحياة الصحي في تعزيز وظائف المناعة. تشمل هذه العادات ممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم، واتباع نظام غذائي متوازن، وإدارة الإجهاد والتوتر. يمكن لهذه العوامل أن تساهم في زيادة عدد ووظيفة خلايا NK، مما يعزز قدرة الجسم على مكافحة الأمراض. الأرق المزمن، على وجه الخصوص، يمكن أن يكون له تأثير مدمر على الصحة العامة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل واليوغا، في تقليل مستويات القلق وتحسين جودة النوم. وتشير بعض الدراسات إلى أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يمكن أن يكون فعالًا في علاج القلق والأرق، وبالتالي تحسين وظائف المناعة.

من المتوقع أن يقوم فريق البحث بتوسيع نطاق الدراسة ليشمل فئات عمرية وجنسية ومناطق جغرافية مختلفة في المملكة العربية السعودية. يهدف هذا التوسع إلى الحصول على نتائج أكثر شمولاً وتحديد العوامل التي قد تؤثر على العلاقة بين القلق والأرق ووظائف المناعة. سيتم نشر النتائج الإضافية في وقت لاحق من العام المقبل، ومن المتوقع أن تساهم في تطوير برامج وقائية وعلاجية تستهدف تعزيز الصحة النفسية والجسدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى