القراءة المجدية
القراءة هي التي تضيف لك بعداً جديداً وتمنحك شيئاً لم يكن معروفاً لديك من قبل، القراءة المجدية أن تقرأ كتاباً متوهجاً بالمعارف والمعلومات وبالمصداقية والدقة، وعندما تنتهي منه تشعر بأنك تغيّرت أو أنّ شيئاً ما تغيّر لديك، أو تشعر أنك بحاجة لتغيير فكرة ما كانت سائدة في ذهنك أو تغيير وجهة نظرك أو أنك لم تنتبه لشيء.
وبعد القراءة شعرت بالحاجة لإضافتها لقاموسك الفكري، هنا تصبح القراءة مجدية، ولو كانت جميع قراءاتنا مجدية لكنا عباقرة ونملك من المعارف الشيء الكثير، وكنا اختصرنا على أنفسنا الكثير من المطبات الحياتية، وتجاوزنا الكثير من المشاكل والعقبات، فالقراءة قوة، تضيف لك خبرات لم تعشها وتمنحك معلومات أنت في أمسّ الحاجة إليها.
وعندما تسمع أحدهم يقول بأنه يقرأ منذ فترة من الزمن ولا يجد لها أثراً هو أحد أمرين إما أنه لم يركز خلال القراءة ومشتت الذهن، وإما أنه لم يعرف كيف يختار الكتاب الذي يلامسه أو الذي يحتاجه، وهذا يقودنا لجانب مهمّ يتعلق بالمؤسسة التعليمية، حيث يعتقد البعض أن عليها مسؤولية في تعليم النشء منذ نعومة أظفارهم أهمية القراءة وتدريبهم على الكيفية لاختيار الكتاب، فالمدرسة في جزء من وظيفتها أن تعد وتجهز الطلاب منذ سنواتهم الأولى على الاعتماد على النفس، وأن يملكوا القدرة على تعليم أنفسهم، مثل مهارة القراءة وإجادة فن اختيار الكتب.
وهذا ما ينطبق عليه المثل الصيني: «لا تعطني سمكة وإنما علمني كيف أصطاد السمك»، ولعل هذا الجانب هو الذي أشار إليه المؤرخ البريطاني تريفيليان جورج ماكولي، عندما قال: «التعليم أنتج قطاعات عريضة من البشر قادرة على القراءة، ولكنها غير قادرة على تمييز ما يستحق القراءة»، وهذا لعله واقع في حياتنا اليوم.
حيث الجميع يجيدون القراءة، ولكنهم يجهلون ما الذي يقرأون، أو لا يعرفون ما المفيد لهم أكثر من سواه عند القراءة، لذلك تجد من يمضي الساعات الطويلة في قراءة مواد على هاتفه الجوال، مواد سطحية هو يعرفها من قبل، ولكنها تعاد بصيغ مختلفة تضيع وقته دون أي فائدة، بينما لو اختار كتاباً، وقرر منحه من وقته عشرين دقيقة يومياً، فإنه من المؤكد سيجد الفائدة والمعلومات التي يحتاجها، فضلاً عن هذا هو تدريب ذهني مفيد للعقل، فالقراءة تقوّي الحضور الذهني وتجعل العقل في حركة ونشاط وحيوية.
وستجد أنّ كثيراً من العلماء، تحدثوا عن أثر وقوة القراءة، وأن التاريخ البشري، تضمن الكثير عن القراءة والكتب التي احتوت على كنوز من المعلومات، أثرت في الحضارات والمجتمعات والأفراد توجه نحو القراءة، فهي سلاح المستقبل الناعم، وهي مصدر تميّزك ونجاحك، وهي الكنز المعرفي الذي تحتاجه في كثير من محطات الحياة.