وقت للقراءة وآخر للمعرفة
قراءة الكتب شيء عظيم، ومن الأمور التي تجعل حياة الفرد أفضل، فهي تساعدنا على اكتساب مصطلحات جديدة، كما أنها تقوم بتنمية مهارة التركيز لدينا، وفي الصفحة الواحدة من الكتاب قد نجد أنفسنا خضنا في غمار تجربة جديدة، واكتسبنا معلومات إضافية.
إن القراءة عمار للعقل وجسر نعبر من خلاله من فوق عقبات الحياة، عندما تقرأ كتاباً جيداً سوف تجد نفسك تكتسب العديد من الفوائد، لكن يوجد الكثير من الناس يعانون مع مسألة القراءة هذه الأيام، قد يقول أحدهم: «لا أجد وقتاً كافياً لقراءة الكتب»، ويقول آخر: «إن مستوى الكتب في تدنٍ، لم أجد كتاباً مناسباً»، لنكن صريحين مع أنفسنا، هل هذه المشاكل حقيقية؟ أم أننا نختلق الأعذار في موضوع لم نحاول التعامل معه؟ العديد من الناس يعانون من مشكلة عدم التركيز عند القراءة، أو حتى فقدان الشغف، فقد تكون أنت من أولئك الذين كدّسوا الكتب التي استهوتهم بعد أن تصفحوا بعض صفحاتها في المكتبة ثم قاموا بشرائها، وهي الآن على أحد الرفوف مكسوة بالغبار في منزلك، لكنك لا تزال تستمر بشراء الكتب التي تستهويك! في الحقيقة، يجب أن لا نقنع أنفسنا بمسألة أننا لا نجد وقتاً كافياً لقراءة الكتب، حيث إن القراءة لمدة عشرين دقيقة فقط قبل النوم كفيلة برفع حصيلتك الثقافية بقدر جيد، وفقاً لذلك في نهاية الأسبوع ستكون قد قرأت لمدة ساعتين وعشرين دقيقة، في نهاية شهر واحد ستجد نفسك انتهيت من قراءة كتاب متوسط الحجم، وفي سنة واحدة ستكون قد أنهيت 12 كتاباً، من المؤكد أن هذا العدد يعتبر بديلاً جيداً عن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي على هاتفك المحمول الذي، من المؤكد، أنك تقضي عليه بضع ساعات يومياً، لك أن تتخيل ما استطعت إنجازه في عشرين دقيقة مستقطعة من تلك الساعات الطويلة.
الجانب الثاني في هذه القضية، هل فعلاً مستوى الكتب في تدنٍ؟ إن مجال الثقافة، مماثل ومشابه لأي مجال آخر، يوجد فيه منجزات عظيمة ومبدعة وخلّاقة، وتوجد أيضاً كتب هامشية سطحية، وفقاً لدراسة أجرتها اليونيسكو عام 2013، يتم إصدار ما يقارب من 2.2 مليون كتاب حول العالم سنوياً، لذا من البديهي أن يكون بينها كتب هامشية، لذلك من الصعب إقناع أنفسنا أن مسألة عدم القراءة وتأجيلها المستمر لوقت آخر، بسبب عدم وجود كتب تناسب ذائقتنا الثقافية، بل توجد كتب مناسبة لشخصيتك ولاهتماماتك في الحياة، لكن لم تبحث عنها بشكل جيد، أو لم تملك مهارة اختيار الكتاب المناسب لك.
أعتقد أنه يجب علينا أن نتوقف عن الحديث حول هذه المسألة بهذه البساطة، الأمر الوحيد الذي يجب عليك فعله الآن هو أخذ أحد تلك الكتب التي قمت باختيارها مسبقاً، ووضعها بجانب سريرك عوضاً عن هاتفك المحمول، لمدة عشرين دقيقة فقط، ومع مرور الأيام ستجد أنك تطالب بوقت أكثر، وستعود القراءة لتكون أحد أنشطتك المحببة. القراءة فعل تنويري للإنسان، بواسطتها تحققت المنجزات والمعجزات، ومن خلالها قامت الحضارات وانتشرت العلوم، هناك مقولة تنسب للفيلسوف الصيني الشهير كونفوشيوس: «مهما كنت تعتقد أنك مشغول، لا بدّ أن تجد وقتاً للقراءة، وإلا سلّم نفسك للجهل الذي قضيت به على نفسك».