روسيا ترحب بإنهاء وصفها بـ”التهديد المباشر” في الإستراتيجية الأميركية

رحبت روسيا الأحد بتغيير في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية، حيث لم تعد الوثيقة الجديدة تصف موسكو بأنها “تهديد مباشر”. يأتي هذا التطور بعد مراجعة أجرتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للوثيقة، مما يمثل تحولاً ملحوظاً في النهج تجاه العلاقات الروسية الأمريكية. ويشير المحللون إلى أن هذا التغيير قد يؤثر على مستقبل التعاون بين البلدين في قضايا مختلفة.
أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوثيقة المحدثة حذفت بالفعل العبارات التي كانت تصف روسيا بأنها تهديد مباشر، واصفاً ذلك بأنه “خطوة إيجابية”. وأضاف بيسكوف أن الوثيقة الجديدة تدعو إلى التعاون مع موسكو في مجالات الاستقرار الإستراتيجي، وهو ما اعتبره مؤشراً على تغيير في الأولويات الأمريكية.
تطورات في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية
نشرت إدارة ترامب، يوم الجمعة، إستراتيجيتها الجديدة للأمن القومي، والتي تعكس تحولاً كبيراً في أولويات الولايات المتحدة، مع التركيز على مبدأ “أمريكا أولاً”. تعتبر هذه الإستراتيجية بمثابة إعادة تقييم شاملة للتهديدات والتحديات التي تواجهها الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
التحول في التعامل مع روسيا
تتميز الإستراتيجية الجديدة بنهج أكثر براغماتية تجاه روسيا، حيث تعتبرها تحدياً مهماً، لكنها ليست محورياً مثل الصين. وفقاً للوثيقة، فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه الولايات المتحدة هو المنافسة المتزايدة مع الصين في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية. ومع ذلك، حذرت الإستراتيجية من توسع النفوذ الروسي في مناطق مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية، خاصة من خلال شركات عسكرية خاصة وشبكات التعدين.
دعت الإستراتيجية الأمريكية إلى التصدي لهذا النفوذ المتزايد باستخدام الأدوات الاقتصادية والاستخباراتية، بدلاً من الانخراط العسكري المباشر. ويرى بعض المحللين أن هذا النهج يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في تجنب التصعيد مع روسيا، مع التركيز على حماية المصالح الأمريكية في المناطق الحساسة.
أوكرانيا والمسؤولية الأوروبية
أشارت الإستراتيجية الجديدة أيضاً إلى ضرورة احتواء روسيا من خلال التوصل إلى تسوية تفاوضية للحرب في أوكرانيا. ودعت الإستراتيجية أوروبا إلى تحمل مسؤولية أكبر فيما يتعلق بأمنها، وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في هذا المجال. هذا التحول في الموقف الأمريكي يعكس رغبة الإدارة في تقاسم الأعباء الأمنية مع الحلفاء الأوروبيين.
بالإضافة إلى ذلك، أكد بيسكوف أن الرسائل التي وجهتها إدارة ترامب فيما يتعلق بالعلاقات الروسية الأمريكية تختلف بشكل ملحوظ عن نهج الإدارات السابقة. وأشار إلى أن الكرملين سيقوم بتحليل مفصل للوثيقة الجديدة لتقييم تأثيرها المحتمل على العلاقات الثنائية.
العلاقات الأمريكية الروسية شهدت توترات كبيرة في السنوات الأخيرة، بسبب قضايا مثل التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، والأزمة الأوكرانية، والنزاعات في سوريا. ومع ذلك، حافظ البلدان على قنوات اتصال مفتوحة في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والحد من انتشار الأسلحة النووية.
السياسة الخارجية الأمريكية تشهد تحولات مستمرة، وتتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية. وتعتبر إستراتيجية الأمن القومي بمثابة خارطة طريق تحدد أولويات السياسة الخارجية الأمريكية وتوجه جهودها في مختلف أنحاء العالم. التعاون الدولي يعتبر عنصراً أساسياً في تحقيق الأمن والاستقرار العالميين، ويتطلب بناء الثقة والتفاهم بين الدول.
من المتوقع أن يقوم الكرملين بتحليل مفصل لإستراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة خلال الأيام القادمة، وتقديم تقييم شامل لبنودها وتأثيرها المحتمل على المصالح الروسية. في الوقت نفسه، ستراقب الأوساط الدبلوماسية عن كثب ردود الفعل الدولية على هذه الإستراتيجية، وتطورات العلاقات الروسية الأمريكية في المستقبل القريب. يبقى من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هذا التغيير في النهج الأمريكي سيؤدي إلى تحسن ملموس في العلاقات الثنائية، أم أنه مجرد تغيير في الخطاب.





