نتائج مفاجئة تعيد تقييم دور الدهون المشبعة في صحة القلب.. ما التفاصيل؟

أظهرت مراجعة علمية حديثة نتائج مثيرة للجدل حول تأثير الدهون المشبعة على صحة القلب والأوعية الدموية، مما يدعو إلى إعادة تقييم التوصيات الغذائية السائدة. التحليل، الذي شمل بيانات من أكثر من 66 ألف مشارك في 17 دراسة، يثير تساؤلات حول العلاقة التقليدية بين استهلاك الدهون المشبعة وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة حوليات الطب الباطني.
هل يجب إعادة النظر في توصيات الدهون المشبعة؟
لطالما اعتبرت الدهون المشبعة، الموجودة في الأطعمة مثل الزبدة واللحوم الحمراء ومنتجات الألبان كاملة الدسم، ضارة بصحة القلب. ومع ذلك، تشير النتائج الجديدة إلى أن تقليل استهلاك هذه الدهون قد لا يكون له تأثير كبير على معدلات الوفاة لدى معظم الأفراد، خاصة أولئك الذين لديهم مخاطر قلبية منخفضة أو متوسطة. أظهرت المراجعة أن الفوائد الملحوظة كانت مقتصرة على الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، وذلك عند استبدال الدهون المشبعة بالدهون المتعددة غير المشبعة.
تأثير الدهون المشبعة على مستويات الكوليسترول
على الرغم من أن خفض الدهون المشبعة أدى إلى انخفاض في مستويات الكوليسترول الكلي والكوليسترول الضار (LDL)، إلا أن هذا الانخفاض لم يترجم بالضرورة إلى انخفاض في معدلات النوبات القلبية أو الوفيات بين الأفراد ذوي المخاطر المنخفضة. ويرى الباحثون أن التدخلات الغذائية قد تكون أكثر فعالية للأشخاص المعرضين لخطر كبير، حيث ترتبط بانخفاض احتمالات الوفاة والأحداث القلبية الوعائية.
بالإضافة إلى ذلك، يشدد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لفهم تأثير استبدال الدهون المشبعة بالبروتينات، وليس فقط بالكربوهيدرات، وهو أمر يتوافق مع الأنماط الغذائية الحديثة. فهم هذه العلاقة المعقدة أمر بالغ الأهمية لتطوير توصيات غذائية أكثر دقة.
تحذيرات وتأكيدات من خبراء التغذية
في المقابل، حذر خبراء التغذية من التسرع في تعديل الإرشادات الغذائية الحالية. ويؤكدون أن المراجعة لم تتناول الآثار طويلة الأمد على مدى عشر سنوات، وهي المدة المعتادة لتقييم مخاطر أمراض القلب. كما يشيرون إلى أن أنواع الدهون المشبعة تختلف في تأثيرها، حيث أن الدهون الموجودة في اللحوم الحمراء والمعالجة قد تكون أكثر ضررًا من تلك الموجودة في منتجات الألبان المخمرة.
البروفيسور توم ساندرز، خبير التغذية في كلية كينغز لندن، يوضح أن التوصيات العامة بخفض الدهون المشبعة تهدف بشكل أساسي إلى تقليل متوسط مستويات الكوليسترول في السكان، مما يساهم في الوقاية من أمراض القلب على نطاق واسع. هذا النهج يهدف إلى حماية الصحة العامة، بغض النظر عن مستوى الخطر الفردي.
أبحاث إضافية حول الدهون والكوليسترول
تعزز دراسات أخرى هذا الطرح، حيث أظهرت أبحاث بجامعة أكسفورد أن الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون المشبعة قد ترفع مستويات الكوليسترول الضار بنسبة تصل إلى 10% وتزيد الدهون المخزنة في الكبد بنحو 20%. هذه الزيادة في الدهون المخزنة في الكبد قد ترفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والكبد وداء السكري من النوع الثاني. في المقابل، ارتبط استهلاك الدهون المتعددة غير المشبعة بتحسن ملحوظ في صحة القلب والأوعية الدموية.
الكوليسترول هو أحد العوامل الرئيسية التي يتم دراستها في هذه البحوث، حيث أن ارتفاع مستوياته يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. الصحة العامة هي الهدف النهائي لهذه الدراسات، وتهدف إلى توفير توصيات غذائية مبنية على أدلة علمية قوية.
الخطوات التالية والمستقبل
من المتوقع أن تؤدي هذه المراجعة العلمية إلى مزيد من النقاش والبحث في مجال التغذية وأمراض القلب. سيحتاج الباحثون إلى إجراء دراسات طويلة الأمد لتقييم الآثار طويلة المدى لتناول الدهون المشبعة، بالإضافة إلى دراسة تأثير استبدالها بمصادر غذائية مختلفة. من المرجح أن تقوم الهيئات الصحية بتحديث إرشاداتها الغذائية بناءً على نتائج هذه الدراسات المستقبلية، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر الفردية وأنماط الحياة المختلفة.
في الوقت الحالي، من المهم الحفاظ على نظام غذائي متوازن يشمل مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية، مع التركيز على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون. يجب على الأفراد الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول أو أمراض القلب استشارة أطبائهم للحصول على توصيات غذائية مخصصة.





