Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

بين القصف والعطش.. مياه الشرب تتحول لعملة نادرة في السودان

في ظل استمرار الصراع الدائر في السودان، أصبحت أزمة المياه من أخطر التحديات الإنسانية التي تواجه السكان، وخاصة النازحين. فقد أدت العمليات العسكرية إلى تدمير البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك محطات المياه والآبار، مما جعل الحصول على مياه الشرب النظيفة أمراً صعباً للغاية في العديد من المناطق المتضررة.

تُظهر مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، والتي تستضيف أعداداً كبيرة من الفارين من مناطق القتال، مدى تفاقم هذه الأزمة. حيث تعاني المدينة من نقص حاد في إمدادات المياه يقدر بنحو 50%، مما يهدد صحة وسلامة السكان المحليين والنازحين على حد سواء.

تفاقم أزمة المياه في السودان

وفقاً لمصادر محلية، تحاول هيئة المياه في الأبيض تعويض النقص عبر حفر آبار جوفية جديدة، والتي تنتج حالياً حوالي 3 آلاف متر مكعب يومياً. ومع ذلك، فإن ارتفاع نسبة الملوحة في هذه المياه يتطلب معالجة إضافية قبل أن تكون صالحة للشرب.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تدفق النازحين من ولايات كردفان الأخرى إلى زيادة الضغط على موارد المياه المحدودة، مما قلل من حصة الفرد إلى مستويات مقلقة. هذا الوضع يخلق أزمات مركبة تتجاوز العطش لتشمل مخاطر صحية وبيئية متزايدة.

لا يقتصر الوضع على الأبيض، فمخيم “طينة” على الحدود التشادية يعاني أيضاً من شح حاد في المياه الصالحة للشرب. وتضطر العائلات إلى الانتظار لساعات طويلة للحصول على كميات محدودة لا تلبي احتياجاتها اليومية.

وتشير تقارير من داخل المخيم إلى أن اللاجئين يواجهون صعوبات في الحصول على مصادر مياه نظيفة، وأن صهاريج المياه التي توفرها المنظمات لا تكفي لتلبية احتياجات جميع المحتاجين. هذا النقص يؤدي إلى توترات يومية داخل المخيم.

جهود الإغاثة والتحديات

تتواصل جهود المنظمات المحلية والدولية لتوفير المياه للسكان المتضررين. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة، بما في ذلك صعوبة الوصول إلى بعض المناطق بسبب الوضع الأمني المتدهور، ونقص التمويل والموارد.

وفي العاصمة الخرطوم ومحيطها، ألحقت المعارك أضراراً بالغة بمحطات المياه والآبار، مما جعل الحصول على مياه الشرب تحدياً يومياً للسكان. ومع ذلك، تمكنت بعض المبادرات المحلية من إعادة تشغيل بعض الآبار باستخدام الطاقة الشمسية لتوفير المياه لآلاف الأسر.

تأثير الحرب على البنية التحتية

يؤكد وزير البنى التحتية والتنمية العمرانية بولاية شمال كردفان أن الحرب أثرت بشكل كبير على قطاع المياه في الولاية. ويشير إلى أن احتياجات مدينة الأبيض اليومية تبلغ حوالي 70 ألف متر مكعب من مياه الشرب، بينما لا يتوفر سوى حوالي 35 ألف متر مكعب.

ويوضح الوزير أن الدمار والنهب طالا معظم محطات المياه، مما أدى إلى فقدان كميات كبيرة من الإنتاج. وتعمل الحكومة المحلية بالتعاون مع المنظمات على إعادة تأهيل المصادر المتضررة وتوسيع الإنتاج، ولكن هذه الجهود تتطلب وقتاً وتمويلاً.

ويحذر مسؤول العمليات في المجلس النرويجي للاجئين من أن الوضع الإنساني في السودان “صعب للغاية”، خاصة مع دخول الموسم الجاف وتزايد أعداد الفارين من مناطق النزاع. ويشدد على ضرورة ضمان وصول إنساني آمن وكافٍ لتلبية احتياجات السكان المتضررين.

من المتوقع أن تستمر أزمة المياه في السودان طالما استمر الصراع. وتشير التقديرات إلى أن الوضع قد يتدهور بشكل أكبر في الأشهر المقبلة مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار. يتطلب الوضع استجابة دولية عاجلة لتقديم الدعم الإنساني للسكان المتضررين وإعادة بناء البنية التحتية المائية المتضررة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى