Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

الانتخابات الأمريكية.. صراع الأفكار واختلاف القيم يهددان الديموقراطية

غموض كبير يغطي الأفق فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024. ففي الوقت الذي تتزايد فيه قائمة الأزمات الدولية، تتصاعد حدة المعارك الحزبية في الكونجرس الأمريكي حول أولويات السياسة الخارجية، ما يشير إلى أن هناك مبرراً للمخاوف بشأن التزامات أمريكا في المستقبل، حسبما ترى الدكتورة ليزلي فينجاموري مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين وعميدة أكاديمية الملكة إليزابيث الثانية للقيادة في الشؤون الدولية بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعهد الملكي للشؤون الدولية).

وتقول فينجاموري في تحليل نشره معهد تشاتام هاوس، إن الجمهوريين الذين يدعمون ترامب يستغلون الحرب بين إسرائيل وحماس للحد من دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا.

 وانتقد الجمهوريون الرئيس جو بايدن لقراره الخاص بالاجتماع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، أثناء قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كاليفورنيا الشهر الماضي.

وينذر تهديد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي (ناتو) في حالة إعادة انتخابه بزيادة خطر عدم الاستقرار في أنحاء أوروبا.

وتشير فينجاموري إلى أن خيارات السياسة الخارجية الأمريكية سوف تشكل آفاق السلام في أوروبا، وآسيا، والشرق الأوسط. فقوة ديمقراطية أمريكا هي التي ترسخ وتعزز دورها العالمي، ومن ثم فإن الانتخابات الأمريكية تمثل خطراً وجودياً بدرجة كبيرة. وذلك أيضاً بالنسبة للديمقراطية نفسها – داخل الحدود الأمريكية وخارجها. 

إن نقطة البداية لانتخابات 2024 مضطربة بالفعل.

 وتتعرض المعايير والمؤسسات التي تعد الركائز لأساس الديمقراطية للتنافس من جانب من لا تساندهم أصوات الأغلبية.

وأهم هذه المعايير قبول انتقال سلمي للسلطة في أعقاب انتخابات حرة ونزيهة. 

ففي الوقت الحالي يشارك ثلثا الجمهوريين في نسخة مما يسمى بـ”الكذبة الكبيرة” ويواصلون اعتبار الانتخابات الرئاسية عام 2020 “غير شرعية”. ولا يقيمون وزناً لحقيقة أن المحاكم المختصة أكدت نتائج الانتخابات بعد بحث العديد من الطعون القانونية.

وترى فينجاموري أن الاحتمالات تبدو قاتمة بالنسبة للتغلب على الخلافات الحزبية وإعادة قوى الجمهوريين المتطرفة للانضمام إلى حوار مشترك. وأحد سبل تحقيق ذلك، وهو التوصل لإجماع حول سلة بسيطة من السياسات، يعد بعيد المنال بصورة متزايدة. 

هناك تقريباً انقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين حول جميع القضايا الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية، وليس أقلها حقوق الإجهاض والتعليم والرعاية الصحية وتغير المناخ والاقتصاد.

وفي الوقت الراهن، غالباً ما يتسم الجدل في مجال السياسة برفض شرعية القيم التي يتبناها الطرف المعارض. ويخلق هذا سياقاً سياسياً تتقلص فيه فرصة تشكيل تحالفات حزبية والتوصل لحلول وسط، وهو أساس الممارسة الديمقراطية.

وفي ظل هذه الظروف، تصبح للانتخابات أهمية أكبر، ما يخلق فرصة لحدوث تحولات كبيرة في مجالات السياسة الرئيسية التي تؤثر في الحياة اليومية في الولايات.

وتقول فينجاموري إن زوال الديمقراطية قد يكون موتاً نتيجة جروح لا حصر لها. ولكن سنوات رئاسة ترامب الأربع شهدت تحول الهجمات الصارخة ضد المعايير الديمقراطية إلى سمة منتظمة للحياة السياسية.

لا يمكن إنكار المصادر الكامنة لتآكل الديمقراطية في الولايات المتحدة. فقد حظى ترامب، وأنصاره حالياً، بدعم قاعدة محلية غالبيتها من الرجال من الطبقة العاملة الذين أصبحوا يعانون من تأثير العولمة وخاصة فقدان فرص العمل في قطاع التصنيع في أمريكا. وأدى التفكك الثقافي المصاحب للطبيعة المتغيرة للمجتمع الأمريكي والسياسات التقدمية إلى تفاقم حالة انعدام الأمن.

كما تبنى ترامب سياسات أدت إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية، وتعزيز الهجمات على أعدائه، وتحول مجموعة أساسية من الجمهوريين إلى التطرف، وتفاقم العداء بين الحزبين الرئيسين في أمريكا.

وتضيف فينجاموري أنه رغم القلق المبرر بالنسبة لمستقبل الديمقراطية في أمريكا، هناك ما يدعو إلى الثقة بحذر في هذا المستقبل. فقد أبدى المجتمع المدني إصراراً وقدرة على التصدي للسياسات التي تقلص المعايير الديمقراطية الليبرالية، حتى من جانب من يشغلون أكبر المناصب في الحكومة.

ففي سنوات رئاسة ترامب الأربعة، شهد اتحاد الحريات المدنية الأمريكي زيادة مقدارها ستة أضعاف في التبرعات، والتي استخدمت لخوض المعارك القانونية في عدد من الولايات للتصدي للقيود على الحريات المدنية وغيرها من انتهاكات الدستور. 

وقد كان الهجوم على مبنى الكونجرس في السادس من  يناير 2021، الهجوم الأوضح والأكثر صدمة بالنسبة للديمقراطية، ومع ذلك عاد الكونجرس إلى عمله وصدق على نتائج انتخابات 2020 التي شهدت فوز الرئيس جو بايدن.

واختتمت فينجاموري تحليلها بأنه ما يزال هناك احتمال تعرض الديمقراطية في أمريكا، وحكم القانون، وصون الانتخابات، وحقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة، واستقلال القضاء، واحترام العلم، وسلامة المعلومات، لهجوم مباشر في حالة عودة ترامب للبيت الأبيض.

ومع اتجاه أمريكا بسرعة نحو الدورة الانتخابية لعام 2024، ستكون أجندة الرئيس بايدن الخاصة بتحقيق الوحدة في الصفوف أكثر أهمية من أي وقت مضى، لكن سيكون تحقيقها أكثر صعوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى