أمير له مع شعبه قصص في التواضع!
يوسف عبدالرحمن
[email protected]
علاقتي بسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد – طيب الله ثراه ومثواه، تعود لسنوات ما بعد التحرير بعد عام 2000، حيث كان يأتي مبكرا يوم الجمعة للصلاة في مسجد هيا الإبراهيم في منطقة أبوالحصانية ويشق طريقه بين المصلين عند إحدى النوافذ في جنوب المسجد ليجلس على كرسي أبيض من البلاستيك، وظل هذا الكرسي حتى اليوم موجودا ثم تم استبداله بكرسي عادي آخر من البلاستيك لونه بني ثم ارتأينا أن نحضر كرسيا من الجلد لكنه بتواضعه الجم رفض هذا الكرسي الوثير واستخدم كرسيه بالتناوب رافضا أن يتميز عن المصلين، هذه والله قصة حقيقية عشت أحداثها خلال سنوات مضت، وأنا أرى أمير التواضع يأتي مبكرا لصلاة الجمعة ليجلس في الصف الأمامي يقرأ أولا سورة الكهف ثم يتناول المصحف الشريف ليقرأ فيه.
كان عقب الصلاة يسلم على المواطنين والوافدين وكان سموه يسأل في جمع رمضان عن مشروع إفطار الصائم واستعدادات المسجد للموسم الرمضاني في اهتمام بالغ وعجيب ينم عن تواضع حاكم ورجل دولة، إنه باختصار ذاك النواف أحد أبرز أركان الحكم من أسرة آل الصباح الكرام.
٭ قصته مع الطفل الصغير!
مثاليته طغت على كل مثالية، ففي إحدى الجمع التي حضرها حضر مبكرا ليقرأ سورة الكهف وقد جلس بجواره مواطن كويتي وابنه ذو السنوات الأربع يلبس الزي الوطني (الغترة والعقال)، وما لفت نظر سموه الى هذا الطفل الصغير انه كان مزكوما (يكح ويعطس) وكان يريد (ورق النظافة) ليمسح أنفه من هذا الرشح فما كان من شيخنا (رحمه الله) إلا أن قام وتخطى صف المصلين وتناول علبة الكلينكس ووضعها بجانب الطفل الذي ناظره بنظرة الشكر، وتمنيت أن أصور هذه اللقطة الإنسانية التي تنم عن تواضع فذ لحاكم يحب شعبه.
هذا المنظر الإنساني العجيب رأيته من سمو أمير البلاد في مسجدنا (هيا الإبراهيم)، وغيري من المصلين الذين رأوا المنظر العجيب الإنساني، وشكروا الله أن حبانا الله عز وجل بحاكم عادل يشارك الناس أفراحهم وأتراحهم.
قال الشاعر:
إن الأمانة ثقل ليس يحمله
إلا وفيّ كبير القلب إنسان
هكذا هي طبيعته وإنسانيته وطيبته وتواضعه.
ومن الذكريات مع أمير التواضع في إحدى الجمع خرجنا عقب الصلاة من المسجد أنا والأستاذ محمد مساعد الصالح – رحمه الله – والأخ محمد التركي المليفي وسلمنا على سموه وكان حينذاك وليا للعهد.
قال الأستاذ محمد مساعد الصالح موجها الكلام إلى سموه: أين الحراسات يا طويل العمر؟!
ابتسم سموه كعادته بضحكته التفاؤلية المتصالحة مع النفس رافعا رأسه إلى السماء!
ما أروع الإجابة، رحمك الله يا أمير المكارم والتواضع.
مناقب وخصال أميرنا الشيخ نواف الأحمد من الصعب حصرها في مساحة ورقية.
الشيخ نواف.. الإنسان علمنا ان فضيلة الصمت أبلغ إنجاز. في حياته كان قليل الكلام، وفي آخر أيامه أصدر العفو كإنجاز خالد، وكان الدرس البليغ لنا جميعا أن الحاكم ورجل الدولة المحنك والحكيم يلبس التواضع سلوكا وممارسة.
وهنا أحب أن أشير الى كتاب د.يعقوب يوسف الغنيم الذي خصص للناشئة أن يعمم على تلاميذنا وطلابنا في المراحل المختلفة، وأنصح معالي وزير التربية أن يعمم هذا الكتاب على مكتبات المدارس الثانوية لأن المؤرخ والكاتب والأديب والشاعر د.يعقوب الغنيم – أبا أوس – خير من يخاطب أجيالنا الكويتية، وأتمنى أن تؤخذ منه نصوص واختبارات في المناهج والمقررات، وهو بلا شك عمل مبارك يحكي سيرة سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله.
موقف نبيل
لن أنسى وأسرتي ما حييت زيارته لنا أيام وفاة وعزاء ابني (أحمد) رحمه الله، وكيف واساني في مصابي وكان بحق (والدا وحاكما وإنسانا)، كنت أحاول منع دمعي من النزول أمام هذا الإنسان الرحيم المتواضع الذي يشارك شعبه أفراحهم وأتراحهم.. رحمك الله يا شيخنا الحبيب نواف الأحمد.
موقف وذكريات
من الذكريات والمواقف التي عشتها مع سمو الشيخ نواف الأحمد عندما زارنا في سويحان (مدينة الأحلام) وكان يرأسنا في هذه المدينة العسكرية رئيس الأركان محمد شمل المعمري وجناح التدريب سلطان العدواني والنقيب عبدالناصر الصايغ والنقيب بدر السبت وجمال الراجحي والنقيب بدر القطان والنقيب نبيل المكيمي وملازم أول مبارك الفضلي ووليد المرطة وعلي الفيلكاوي والأخ الملازم وليد العامري وملازم أول عبدالله الجويعد.
كنا نحن الدفعة الأولى المتطوعة ولن ننسى يوم السبت 10/11/1990 يوم أن قدم سمو الشيخ نواف الأحمد ليخرجنا وكان حينذاك وزيرا للدفاع، ولقد شرفني وكلفني وإخواني المتطوعين بأن ألقي كلمتهم في احتفالية التخرج، وجزاهم الله خيرا على ثقتهم بي وكان يوما مشهودا حدثت فيه مبايعة لسموه لنقلنا من المعسكر الى الحدود للدخول مع قوات العالم المحتشدة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي الغاشم.
استقبال
لن أنسى 12/4/2011 يوم التقيت سموه، رحمه الله، في ديوانه بقصر السيف وسلمته لوحة للاستطلاع الصحافي الذي كتبته «متى بكى نواف الأحمد»؟
و«سي دي» التخرج لحفل تخرج الدفعة الأولى في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكتابي «شهور التشرد» الذي يمثل أدوار أهل الكويت في الخارج ضد الاحتلال العراقي الغاشم.
خير خلف
وهكذا الكويت تودع نوافها وتبايع مشعلها.
حين يتولى صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد مسند الإمارة ليكون خير خلف لخير سلف.. وكيف لا،
وهو امتداد لمدرسة حكام الكويت (رحمهم الله) الذين يتوالون على مسند الإمارة، وشعار أهل الكويت دائما السمع والطاعة لسموه أميرا حافظا للكويت وشعبها وأهلها الكرام.
ندعو الله عز وجل له بالتوفيق وأن يعينه على أمور البلاد والعباد ليقود الكويت الى استشراف المستقبل في عهده الزاهر إن شاء الله.