قراءة في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان

11/5/2025–|آخر تحديث: 16:19 (توقيت مكة)
لم تكد الهند وباكستان تعلنان التوصل إلى وقف إطلاق النار بينهما يوم السبت 10 مايو/أيار بعد 4 أيام من هجمات صاروخية ومدفعية متبادلة خلفت عشرات القتلى حتى عادتا إلى تبادل الاتهامات بانتهاك كل طرف للاتفاق، فما رأي كل طرف فيما حصل خلال تلك الفترة؟ وهل يصمد وقف إطلاق النار؟
طرحت الجزيرة نت السؤالين السابقين وغيرهما على رئيس المعهد الهندي للدراسات العالمية وصحفي باكستاني متخصص في القضايا الجيوستراتيجية، فكانت هذه الإجابات.
ضربات هندية موجعة
رئيس المعهد الهندي للدراسات العالمية، أشوك ساجانهار، والذي كان أيضا سفيرا سابقا لدى كازاخستان والسويد ولاتفيا، يرى أن باكستان “تلقت ضربات قاسية وعقابا شديدا من الهند” لدرجة أنها لن تجرؤ على خرق وقف إطلاق النار بشكل كبير.
واعتبر أن الهند نجحت في تنفيذ عمليتها “سيندهور”، التي استهدفت فيها تسعة من معاقل ومخابئ “الإرهابيين” في باكستان، وفق قوله.
وقال إن الهند تمكنت من صد جميع الهجمات القادمة من باكستان فلم تتمكن من إلحاق أي تأثير يُذكر بأي من القواعد الجوية الهندية أو المنشآت العسكرية، في حين كان نظام الدفاع الجوي الباكستاني عاجزا تماما عن التصدي للصواريخ الهندية التي أطلقتها عبر طائرات “رافال” و”سوخوي 30″، بحسب قوله.
ونفى الصحفي صحة الرواية الباكستانية بأنها أسقطت طائرات هندية وقال إن “ذلك من نسج خيالها”، لأنها لم تعرض أي دليل ملموس يثبت ادعاءاتها ولم يكن لدى المسؤولين الباكستانيين أي معلومات حقيقية ليقدموها، في حين أسقطت الهند طائرتين من طراز “جيه إف17” و”جيه إف10″، ودمرت بالكامل نظام الدفاع الجوي الباكستاني والعديد من القواعد والمطارات الجوية الباكستانية، على حد زعمه.
صمود الاتفاق
واعتبر ساجانهار أن واشنطن تفضل استمرار هذا الاتفاق لأنها لا ترغب في اندلاع مزيد من النزاعات والحروب في العالم، خاصة وأن الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تستنزفان جزءا كبيرا من اهتمامها، وهي تود الآن أن تُركّز بشكل أكبر، ليس على الساحة الأوروبية، بل على ساحة المحيطين الهندي والهادي، حيث تعد الهند شريكا مهما وأساسيا للولايات المتحدة في هاتين المنطقتين.
ويرى السفير الهندي السابق أنه إذا تمكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إظهار بعض النجاح فيما يتعلق بوساطته أو مفاوضاته، فسيكون حريصا على إبراز ذلك لكسب بعض النقاط السياسية من خلال الادعاء بأنه هو من أوقف الحرب، وعبر ساجانهار عن اعتقاده أن ترامب سيرحب بالاتفاق كنجاح دعائي إيجابي يصب في مصلحته.
عقاب شديد
وحسب رأيه فإن باكستان هي من سعت إلى السلام لأنها بعد “العقاب الشديد الذي تلقته من الهند، كانت حرفيا على ركبتيها”، مضيفا أن هذا الأمر “جعل مدير العمليات العسكرية الباكستاني مضطرا للاتصال بنظيره الهندي في الساعة 3:35 من بعد ظهر يوم أمس السبت، والتوسل من أجل سلام مذل ومهين، وهو ما كانت الهند مستعدة تماما لمنحه”، على حد زعمه.
هدنة ترافقها مناوشات
في المقابل فإن الصحفي والمحلل في القضايا الجيوستراتيجية الباكستاني جاويد رانا عبر عن اعتقاده بأن اتفاق وقف إطلاق النار سيصمد على الأرض مع استمرار بعض المناوشات بين الطرفين من حين لآخر.
ويرى المحلل الباكستاني أن الهند “كانت تبحث بشكل يائس عن اتفاق لوقف إطلاق النار في البداية، عندما شنت ضربات صاروخية على باكستان استهدفت ما بين 6 إلى 9 مدن”، حيث رفعت الهند بعد ذلك الراية البيضاء عند خط المراقبة “ما يدل على أنها لا تريد استمرار الحرب”، وفق قوله، مضيفا أن باكستان لم تعترف بذلك وقامت بالهجوم حيث أرسلت طائرات مسيرة وصواريخ واستخدمت أيضا مدافع المياه.
واعتبر الصحفي أن الهند كانت تواجه وقتا عصيبا بينما لم تكن باكستان تقبل بالضغوط الأميركية حيث اعتبرت أنه ما لم تقم برد علني على الهند تُظهر فيه للعالم أن لديها قوة عسكرية فإنها لن تقبل بأي اتفاق لوقف إطلاق النار، بحسب قوله.
ضغوط أميركية
وقال إن الهند توجهت لاحقا إلى تركيا وواشنطن وطلبت منهما الضغط على باكستان لفرض هذا الاتفاق. لكن ذلك لم يحدث إلا بعد أن قامت باكستان بضرب الهند علنا، حيث شنت هجوما واسعا استهدف ما لا يقل عن 36 موقعا، من بينها مخازن صواريخ، وقدرات دفاع صاروخي، وقواعد جوية عسكرية، وفقا للصحفي الباكستان جاويد رانا.
ويرى رانا أن “الهند هُزمت جزئيا في الحرب التقليدية عندما أسقطت باكستان أحدث طائراتها المقاتلة، بما في ذلك طائرات “رافال” المقاتلة”. واعتبر أن ذلك كان أيضا “لحظة أدرك فيها الأميركيون أن الأمر لم يكن مجرد معركة تقليدية هُزمت فيها الهند، بل كانت هناك تهديدات واضحة باندلاع حرب نووية”، وفقا له.
وعبر عن اعتقاده أنه في هذه اللحظة تدخّل الأميركيون بشكل يائس، وفرضوا مزيدا من الضغط على باكستان، ثم تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
قوة باكستانية
كما يرى الصحفي الباكستاني أن العالم أدرك أن باكستان تمتلك واحدة من أقوى الآلات العسكرية في العالم، إلى جانب امتلاكها للسلاح النووي، وقال “أعتقد أن هناك الآن، في هذه اللحظة، مراجعة جارية في العواصم الغربية حول القوة العسكرية لباكستان التي أصبحت مصدر قلق أكبر لإسرائيل التي كانت تعتقد أنها ستتمكن من إضعاف باكستان على الأقل، لكن ذلك لم يحدث”.