الاغتيالات.. سيناريوهات مفتوحة لتصعيد الصراع
تشهد المنطقة تطورات دراماتيكية تزيد من سخونة الأحداث وتصب المزيد من الزيت على نار الصراعات الحالية الملتهبة، ما يفتح سيناريوهات التصعيد على مصراعيها، وينبئ باتساع دائرة الحرب الراهنة لنطاقات أوسع، تقوض السلام والاستقرار بالمنطقة.
وتتحمل مسؤولية هذه الأحداث الدراماتيكية بالدرجة الأولى إسرائيل، والقوى المتحاربة معها، التي تخوض، وفق كثير من المحللين «حرباً بالوكالة»، لتأجيج الصراع في الشرق الأوسط.
واحدة من تلك التطورات ما يتعلق بمحاولات الاغتيال المتكررة، وآخرها ثلاث عمليات خلال نصف يوم فقط.
وتشكل عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية وأحد حراسه الشخصيين، تصعيداً خطيراً في مسار التوترات والمخاطر الجيوسياسية في المنطقة، ومن شأنها أن تعيد للواجهة سيناريوهات مفتوحة للتصعيد، حسب مراقبين، بما في ذلك سيناريو اتساع رقعة الحرب.
وقبل ساعات قليلة من العملية، كان الجيش الإسرائيلي أعلن عن اغتيال أكبر قائد عسكري في ميليشيا «حزب الله» اللبناني، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب.
وتشير العمليتان الأخيرتان، وفق مراقبين، إلى استهداف قياديين ينتميان إلى ميليشيات لا تدين بالولاء أو الانتماء إلى الإجماع العربي، بل يتم التحكم في قراراتها من الخارج.
أربع ضربات
وينظر إلى عملية اغتيال هنية في إيران، على أنها تمثل أربع ضربات في آنٍ واحد، من شأنها أن تؤثر على الوضع الإقليمي في المنطقة ما يؤثر على العالم بأسره، بحسب ما يؤكده الكاتب والباحث المتخصص في العلاقات الدولية، رئيس منتدى تطوير الفكر العربي للأبحاث، أبو بكر الديب، في تصريحات لـ«البيان».
حيث يقول إن تلك العملية استهدفت أولاً هنية، القيادي البارز في حركة «حماس»، واستهدفت ثانياً «السيادة الإيرانية»، حيث الاغتيال في قلب طهران، فيما ثالث الضربات فموجهة لمفاوضات التهدئة بين إسرائيل و«حماس».
أما الضربة الرابعة فوجهت إلى الاستقرار الإقليمي في المنطقة، ذلك أنه من المتوقع أن ترد إيران مباشرة أو عبر وكلائها.
سيناريو مستبعد
وفيما اعتبر أن تلك التطورات الأخيرة تعني تجميد مباحثات التهدئة في غزة، يستبعد المفكر الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، اتساع دائرة الحرب وصولاً إلى «الحرب الإقليمية»، على اعتبار أن ذلك ليس من مصلحة طهران التي لا تريد الانجرار بنفسها إلى حرب من شأنها تعطيل مستهدفاتها النووية في العام المقبل.
وعلى الجانب الآخر، يتوقع فرج رد فعل قوياً من ميليشيا «حزب الله»، الذي وصفه بأنه الأكثر تضرراً بعد اغتيال الشخص «رقم اثنين» في الحزب والمخطط للعمليات الأخيرة، ويمكن أن يكون ذلك الرد من خلال عملية شديدة تصل، وفق ما تدعي بيانات «الميليشيا»، إلى ضرب أهداف في تل أبيب أو حيفا.
كذلك يستبعد مدير المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة، الباحث في العلاقات الدولية، هاني سليمان، سيناريو الحرب الإقليمية الواسعة، بينما يتوقع رداً إيرانياً «محسوباً» على عملية اغتيال هنية.
منطقة مشتعلة أخرى
وفي مكانٍ آخر بعيداً عن ذلك المحور المشتعل، شهد محور ساخن آخر، حيث السودان – الذي يشهد صراعاً عسكرياً مستمراً، يرزح على إثره البلد الشقيق تحت وطأة حرب ضروس منذ أكثر من عام بين الجيش وقوات الدعم السريع – محاولة اغتيال أخرى، تعرض إليها رئيس مجلس السيادة في البلاد قائد الجيش، الفريق عبدالفتاح البرهان.
وتمت محاولة الاغتيال الفاشلة باستخدام طائرتين مسيرتين، خلال وجود البرهان في بلدة جبيت بشرق السودان، بعد انتهاء مراسم تخريج ضباط. ولم يصب البرهان، بينما نفت قوات الدعم السريع، صلتها بالهجوم.
مبنى مدمر بعد استهداف القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت | «رويترز»