ما تأثير دونالد ترامب على قطاع التكنولوجيا؟
دونالد ترامب، الذي جعلته فترة ولايته السابقة منبوذا لدى الكثيرين في عالم الأعمال، وجد أبطالا جددا بين قادة التكنولوجيا مع تبلور طريقه للعودة إلى البيت الأبيض.
إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم أصبح أكبر اسم يدعم ترامب، حيث أيده وشارك في جمع التبرعات لصالحه. وجاءت هذه الخطوة بعد أسابيع من الدعم المتزايد من قطاع التكنولوجيا. فقد اجتمع مستثمرون مؤثرون وقادة في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك المتبرعة السابقة للحزب الديمقراطي أليسون هوانغ والمستثمرون مارك أندريسن وبن هواريتش والأخوان وينكلفوس الذين يعتبرون لاعبين في عالم العملات المشفرة لدعم ترامب علنا.
تنظيم الذكاء الاصطناعي
لم يقض ترامب الكثير من الوقت في الحديث عن الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأربع التي قضاها رئيسا، رغم أنه أصبح في عام 2019 أول من وقع على أمر تنفيذي بشأن الذكاء الاصطناعي، ووجه الوكالات الفدرالية إلى إعطاء الأولوية للبحث والتطوير في هذا المجال.
تحول هذا المنظور في وقت لاحق، وذلك عندما أخبر كبير مستشاري ترامب التقنيين قادة الشركات في عام 2018 أن إزاحة الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي أمر لا مفر منه، وأننا لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي، على أمل أن تتمكن السوق في نهاية المطاف من حل هذه المشكلة.
ودعا الأمر الصادر عام 2019 الوكالات الفدرالية إلى حماية الحريات المدنية والخصوصية والقيم الأميركية في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي ومساعدة العمال على اكتساب المهارات ذات الصلة.
كما وقع ترامب في الأسابيع الأخيرة من إدارته على أمر تنفيذي يشجع على استخدام الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة في الحكومة الفدرالية.
واليوم، يميل نهج ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي إلى التركيز بشكل أكبر على أولويات الأمن القومي للذكاء الاصطناعي نظرا للتنافس مع الصين والدفاع بقوة عن تطوير المصادر المفتوحة.
يقول أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية الذين عهدوا بدعم ترامب إنه قد قطع وعودا بمساعدة “التكنولوجيا الصغيرة” وتشكيل سياسة الذكاء الاصطناعي بالطرق التي يرونها مناسبة.
تطبيق تيك توك
بدأ ترامب العملية التي قادت تيك توك إلى ما هو عليه اليوم، وهي الحظر في الولايات المتحدة في حال لم تقم بالانفصال عن مالكها الصيني “بايت دانس” إذا ما خسر تحديا قضائيا مع وزارة العدل.
رغم ذلك، يقول ترامب إنه لم يعد يرغب في حظر تيك توك، خاصة عندما انضم إليه في يونيو/حزيران الماضي، حيث وصل إلى 3 ملايين متابع خلال يوم واحد فقط من انضمامه.
وأخبر بلومبيرغ في مقابلة نشرت مؤخرا أنه مع تيك توك الآن من أجل زيادة التنافس مع ميتا.
العملات المشفرة
ألقى المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب كلمة أمام مؤيدي العملات المشفرة في مؤتمر بيتكوين لعام 2024، ووعد بجعل الولايات المتحدة “عاصمة العملات المشفرة على الكوكب” وقوة البيتكوين العظمى في العالم.
وتعهد ترامب بإنشاء احتياطي إستراتيجي للبيتكوين لصالح الحكومة الأميركية. كما تعهد بإقالة رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غاري جينسلر في حالة انتخابه، وتعيين رئيس جديد يبني مستقبلا بدلا من عرقلته.
وقد أصبح ترامب أول مرشح رئاسي يقبل التبرعات بالعملات المشفرة، وجمع ما يقارب 4 ملايين دولار من العملات المشفرة لحملته.
دعم ترامب للعملات المشفرة قد يجذب الناخبين الذين يدعمون العملات الرقمية، فقد شهدت أسواق العملات المشفرة انتعاشا هذا العام، بالأخص عملة بيتكوين التي ارتفعت بشكل ملحوظ نتيجة التكهنات المتزايدة حول فوز ترامب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.
مكافحة الاحتكار
بحسب مؤسسة بروكينغز الأميركية، من المرجح أن تستمر كامالا هاريس منافسة ترامب في تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار الصارمة التي بدأها بايدن. لقد تحدثت مرارا وتكرارا عن الحاجة إلى الحد من التضخم وتحسين الفرص الاقتصادية لجميع الأميركيين.
وقد طالت حملة الإدارة المنصات الكبيرة التي تشعر أنها أساءت استخدام موقعها القوي في السوق وانخرطت في سلوكيات استغلالية أضرت بالمستهلكين وجعلت من الصعب على الناس شراء السلع الضرورية.
من المحتمل أن يكون ترامب أقل حماسا في تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار مقارنة ببايدن وهاريس. وقد يستمر في قضايا مكافحة الاحتكار التكنولوجية الحالية، لكنه سيمنح الضوء الأخضر لعمليات الدمج والاستحواذ التكنولوجية.
خلفية ترامب التجارية تجعله متعاطفا بشكل عام مع مجتمع الأعمال، ومن غير المرجح أن يعين منفذين أقوياء في وزارة العدل أو لجنة التجارة الفدرالية أو لجنة الاتصالات الفدرالية. كان هذا هو الحال في ولايته الأولى في الرئاسة، ومن المرجح أن يستمر إذا فاز بولاية ثانية.
شركات التكنولوجيا
تناولت المقابلة الواسعة النطاق التي أجريت في أواخر يونيو/حزيران آراء ترامب بشأن الاقتصاد والسياسة الخارجية وآراءه بشأن العديد من الرؤساء التنفيذيين.
فقد أشاد برئيس شركة آبل تيم كوك ورئيس بنك “جي بي مورغان” جيمي ديمون، ولم يتوان عن الهجوم على شركات التكنولوجيا الكبيرة، ووصفها بأنها كبيرة جدا وقوية جدا.
وقال ترامب: “لا أريد أن أؤذي هذه الشركات. لكنني لا أريدها أن تدمر شبابنا أيضا”. وأضاف أنه لا يريد تدمير شركات التكنولوجيا الكبيرة لأنها مهمة في التنافس مع الدول الأخرى، إلا أنه يعتقد أنه يجب تطبيق بعض القيود.
ومن جانبه، كتب المحلل دان إيفز من شركة “ويدباش سكيورتيز” في مذكرة له: “أنه في سيناريو فوز ترامب بالبيت الأبيض مع وجود لجنة تجارية اتحادية أضعف وأكثر ودية مع تعاملات البيت الأبيض، نتوقع أن نشهد بيئة اندماج واستحواذ متسارعة في مجال التكنولوجيا الكبيرة. ونعتقد أن صفقة محتملة بين غوغل وشركة “ويز” ستكون مجرد بداية لدورة اندماج واستحواذ هائلة في مجال التكنولوجيا الكبيرة في عام 2025″.
وأضاف إيفز: “لقد رأينا كل صفقة تكنولوجيا كبيرة تخضع للتدقيق خلال السنوات القليلة الماضية حيث ركزت لجنة التجارة الفدرالية بقوة على منع صفقات التكنولوجيا بجميع أشكالها وأحجامها من قبل شركات مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل وميتا وغيرها”.
ومع ذلك، يعتقد المحلل إد ميلز من شركة “ريموند جيمس” أن اختيار ترامب لمنصب الرئيس يشير إلى أجندة تجارية عدوانية ودفع مناهض للاندماج والاستحواذ.
السياسة التجارية الدولية المحتملة لترامب تجذب أيضا الانتباه. وفي مذكرة صدرت في وقت الشهر الماضي، قال محلل السوق في شركة “ستيفل”، إن احتمالية فرض الرسوم الجمركية كانت ثقيلة على شركة صناعة الألعاب “ماتيل”.
السيارات الكهربائية
صرح ترامب بأنه يعارض امتلاك الجميع لسيارة كهربائية رغم تأييد الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” لتصنيع السيارات الكهربائية. وقال: “إيلون ماسك أيدني وهو صديق لي، لكنني ضد امتلاك الجميع لسيارة كهربائية”.
من الممكن أن تكون رئاسة ترامب سلبية بشكل عام على قطاع صناعة السيارات الكهربائية، حيث قد يتم سحب الحوافز الضريبية والتخفيضات المحتملة للسيارات الكهربائية. ولكن بالنسبة لشركة تسلا، قد يكون خيارا إيجابيا محتملا.
وكتب “تتمتع تسلا بالحجم والنطاق الذي لا مثيل له في صناعة السيارات الكهربائية ويمكن أن تمنح هذه الديناميكية ماسك وتسلا ميزة تنافسية في بيئة حيث يتم سحب الدعم المالي للسيارات الكهربائية”.
بالإضافة إلى احتمال فرض رسوم استيراد أعلى على الصين التي ستستمر في دفع شركات السيارات الصينية الأرخص مثل “بي واي دي” و”نيو” وغيرها بعيدا عن غزو السوق الأميركية خلال السنوات القادمة.