الأفضل والأعظم والأهم!
عند الحديث عن الكتب وأفلام السينما هناك الكثير من أساليب الترويج والإعلانات الجذابة، التي كرست لثقافة التصنيفات، مثل تصنيف الكتب الأفضل مبيعاً، أو ما يعرف عالمياً بـ«البيست سيللر»، والتي يقابلها عند النقاد والصحفيين والمحررين الأدبيين عبارات تفخيمية فضفاضة جداً، ومثيرة في الوقت نفسه مثل الفيلم الأعظم في تاريخ السينما، والمخرج الأفضل في المائة سنة الأخيرة، والممثل الذي لا مثيل له في تاريخ التمثيل السينمائي.. وهكذا.
كل صيغ المبالغة هذه تعتبر صحيحة من وجهة نظر كتابها، والمؤمنين بها، وهي غير ذلك بالنسبة لآخرين، ولذلك لا يجوز أن تؤخذ على محمل التسليم المطلق، فمثلاً هناك أفلام صنفت من قبل النقاد بأنها الأعظم على الإطلاق في تاريخ صناعة السينما، لكن كثيراً ممن شاهدوها رأوها أفلاماً عادية جداً، ولم يتمكنوا من إكمالها، بل هناك من وجدها سخيفة وتافهة!
الأدب والسينما كمداخل نقدية يتطلبان درجة عالية من الثقافة والذائقة الخاصة، وبالتأكيد المعرفة والعلم، لذلك فوجهة نظر النقاد لا يمكن أن تتطابق مع تقييم المشاهد العادي، والأفلام في النهاية لا تنتج للنقاد ولكن للجمهور، لذلك نتساءل من منهما الأجدر بالتقييم النهائي؟
كنت أتفحص قائمة أصدرتها إحدى مجلات السينما المتخصصة للثلاثين فيلماً الأفضل في تاريخ السينما، وفاجأني أن من بينها أفلاماً لم أتمكن من إكمال مشاهدتها بالفعل، فكيف تصنف يا ترى؟ هل هي عظيمة فعلاً أم سخيفة أم أن هناك مبالغات ووجهات نظر ومصالح تجارية تلعب دوراً في هذه البيانات والتصنيفات على حساب أفلام أفضل، وأعمال أعظم بالفعل لا تصلنا، ولا نعرف عنها شيئاً نظراً لسيطرة أفلام ونتاجات هوليوود؟ هل تلعب التوجهات السياسية والأيدلوجية دوراً في منح أو إطلاق هذه الأحكام ليحظى هذا الفيلم أو هذا الممثل تحديداً بالتكريم وجائزة الأوسكار خدمة لفكرة بحد ذاتها أو لأشياء تخفى علينا؟
إن كل الأحكام المطلقة التي تفوح منها رائحة الترويج المبالغ غالباً ما تخفي وراءها الكثير مما يجب الانتباه له بوعي.