بالفيديو.. «ندوة الأنباء»: تغليظ العقوبات على تجار المخدرات والتعامل مع المتعاطين كمرضى يحتاجون للعلاج والاستعانة بالقطاع الخاص لتكثيف حملات التوعية
- تضافر جميع الجهود للتقليل من معدلات الإقبال على المخدرات ووضعها في مقدمة الاهتمامات والأولويات
- تعديلات تشريعية تحمي المجتمع من المدمن وإنشاء مستشفى للعلاج بسعة 1000 سرير ومراكز تأهيل في جميع المحافظات
- اللواء م. الغضوري: تعاطي المخدرات التحدي الأمني الأول والشباب والمراهقون مستهدفون والمطلوب ثورة مجتمعية لمواجهة عصابات وتجار المخدرات
- تسويق المخدرات أصبح سهلاً في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتزايد معدلات التعاطي رفع من معدلات القضايا بأنواعها في البلاد
- د.عماد العون: التفكك الأسري والرفاهية الزائدة سببان رئيسيان للتعاطي .. وهناك نماذج مشرفة لمدمنين تم علاجهم
- جميع مراحل الإدمان يمكن علاجها شرط ألا يدخل المتعاطي في مرحلة تلف أو ضمور الخلايا العصبية.. و«الكابتي» و«الكيميكال» يؤديان إلى انفصام بالشخصية
- د.أحمد الشطي: للوقاية دور كبير في مكافحة المخدرات وخفض العرض والطلب .. ولـ «كورونا» دور في اكتشاف أولياء أمور تعاطي أبنائهم
- الأمم المتحدة تؤكد أن دول الخليج مستهدفة من قبل تجار المخدرات.. و«غراس» مبادرة وطنية انطلقت عام 2000 لتعزيز القيم
- المحامي بشار النصار: القانون الجزائي الكويتي يحتاج إلى تعديل بعض مواده وضم قانون مكافحة المخدرات مع المؤثرات العقلية
- رجال الشرطة مطالبون بعمل تحريات دقيقة حتى ينال المتهم جزاءه.. ومراكز علاج المدمنين لم تعد قادرة على استيعاب المزيد
أمير زكي ـ منصور السلطان
وصف المشاركون في ندوة «الأنباء» حول المخدرات وسبل مواجهتها نحو مجتمع خال من الإدمان، تعاطي المواد المخدرة بالتحدي الأمني الأول والذي وجب أن تتضافر جميع الجهود نحو التقليل من معدلات الإقبال عليها من قبل مختلف الشرائح، مشددين على ضرورة وضع ملف المخدرات في مقدمة الاهتمامات والأولويات لانعكاساتها الخطيرة على المجتمع وتزايد معدلات القضايا بأنواعها.
وأكد المشاركون، في الندوة التي أقامتها «الأنباء»، وهم: مدير عام الادارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء م. بدر الغضوري، والأمين العام في الجمعية الكويتية للتوعية والوقاية ضد المخدرات د.أحمد الشطي، ومدير مركز العون للاستشارات النفسية والتدريب د.عماد العون، والمحامي بشار النصار، ضرورة التعامل مع المتعاطين كمرضى يحتاجون للعلاج، والإسراع في بناء مصحات علاجية تأهيلية لمعالجة المناطق بالإضافة إلى الاستعانة بالقطاع الخاص، لتكثيف الحملات التوعوية والتركيز على الوقاية من المخدرات وتفعيل وإعادة المشاريع التي كان لها الأثر الكبير في الوقاية والتوعية.
وطالب المشاركون بتفعيل القوانين والتعديل على بعض المواد وتغليظ العقوبات على تجار المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي تؤثر على المتعاطي بنسبة كبيرة وتفوق تأثير المواد المخدرة.. وفيما يلي الندوة:
في البداية، قال مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات السابق اللواء م. بدر الغضوري ان تعاطي المخدرات من الأنماط السلوكية المنحرفة التي تعكس حالة من عدم التوافق النفسي والاجتماعي للفرد المتعاطي، مشيرا إلى ان تعاطي وإدمان المواد المخدرة من المشاكل الاجتماعية المعقدة التي تتشابك وتتداخل في تكوينها وانتشارها العديد من العوامل الشخصية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية، لافتا إلى ان العوامل الشخصية والاجتماعية تعد بمثابة البوابة الرئيسية لدخول هذه الآفة المدمرة للبيوت والمجتمعات.
وشدد على ان ظاهرة تعاطي المخدرات، وما لها من تأثير على الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، لابد أن تكون في الأولويات التي يجب أن تهتم بها جميع مؤسسات المجتمع، لأن التساهل في مواجهتها سيترتب عليه الكثير من المخاطر القصيرة والبعيدة المدى على المجتمع بكافة مؤسساته التربوية والاجتماعية.
وذكر الغضوري أن تعاطي المخدرات له آثار سلبية متعددة ويعد التحدي الأمني الأول الذي يواجه المجتمع، والذي يتطلب المزيد من الدراسات العلمية الموضوعية للتعرف على طبيعة العوامل التي ساهمت بوجود المخدرات وانتشارها في المجتمع الكويتي، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي شهدتها الكويت في العقود الأخيرة، وما صاحبت هذه التغيرات من مشكلات اجتماعية متنوعة.
وأشار إلى أن المخدرات تنقسم إلى 3 أنواع، الأول وهو الطبيعية وينتج من مواد طبيعية مثل الحشيش والقات والأفيون ونبات القنب، والنوع الثاني: مصنعة وهي التي تتعرض لعمليات كيميائية تحولها إلى صور أخرى مثل المورفين والهيروين والكوكايين، أما النوع الثالث فهو المخدرات المخلقة وتصنع من عناصر كيميائية ومركبات أخرى وهي المسكنة والمنومة والمهلوسة.
وتطرق إلى نظريات علمية تقول ان تعاطي المخدرات يعتبر مثل أنواع الانحراف الأخرى، لأن تعاطي المخدرات عبارة عن أفكار يتعلمها الشخص عند تعامله مع الآخرين، خاصة تعامله مع الجماعات المقربة، وتمد هذه الجماعات الفرد بالأنماط الإجرامية وغير الإجرامية والقيم والسلوك وتعريفات المبادئ القانونية سواء الملائمة أو غير الملائمة منها، ويظهر الانحراف بانتهاك القانون عندما تتغلب التعريفات الملائمة لانتهاك القانون على التعريفات غير الملائمة، ويمكن اعتبار الانحراف نتيجة للاحتكاك بالمجموعات التي تؤيد الأنماط الإجرامية للسلوك والتي تشجع على انتهاك القانون.
وقال اللواء الغضوري: ان شريحة الشباب والمراهقين من أكثر الشرائح العمرية استهدافا من المروجين وتجار المخدرات، وذلك لسهولة استدراجهم وحملهم على تجريب المخدرات، اما بدعوى الحصول على المتعة واللذة أو لمقاومة النوم وعلاج الأرق، أو للحصول على جسم مثالي أو غيرها من الدعايات التي يطلقها المروجون بين أوساط الشباب والمراهقين.
وأشار إلى أن عمليات التسويق وبيع المخدرات أصبحت أكثر سهولة مما كانت عليه في السابق في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين الناس، إذ يتم من خلال حسابات التواصل بين المروج والمدمن دون أن يعرف أحدهما الآخر، أو من خلال أرقام هواتف غير مسجلة لدى شركات الاتصالات في البلاد، ويتم الدفع عادة عن طريق تحويل رصيد لهاتف نقال أو تسليم المبلغ لوسيط مجهول ثم توضع المخدرات في مكان غير معلوم للوسيط والمدمن، ولا يتم الإفصاح عنها إلا بعد تسلم المبلغ، وفي العادة يكون في الساحات والأماكن المهجورة وقرب حاويات القمامة.
وقال إن المجتمع الكويتي في العصر الحالي يعاني من انتشار هذه السموم القاتلة بين الشباب والمراهقين من الجنسين، وانعكاسها له آثار خطيرة بانتشار جرائم السرقة والسلب والعنف وقتل الأقارب، فضلا عن ارتفاع نسب الحوادث المرورية وغيرها من الجرائم المرتبطة بتعاطي المخدرات، الأمر الذي يتطلب ثورة مجتمعية شاملة للوقوف صفا واحدا أمام هذه العصابات الإجرامية التي تسعى لنشر هذه السموم بكل الوسائل المتاحة دون رادع من دين أو خلق.
وأوضح ان للمخدرات الطبيعية وكذلك المصنعة والتخلقية آثارا سلبية كبيرة على من يتعاطاها ومن بين الآثار الإصابة بسرطان الرئة وفقدان المناعة المكتسبة «الإيدز» وتؤدي إلى اضطرابات شخصية وعدوانية، إذ تنتهي بالشخص إلى الانتحار، هذا إلى جانب الهلوسات السمعية والبصرية.
وتطرق اللواء الغضوري إلى أهم الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات، أبرزها ضعف الوازع الديني وحب الاستطلاع والبحث عن النشوة الزائفة وللحصول على علاقات مع الجنس الآخر والملل والفراغ والفشل الدراسي والترف والتخلص من الضغوط النفسية أو مشاكل أسرية إلى جانب غياب الوالدين أو قسوة الوالدين أو أحدهما وكثرة الخلافات الأسرية وغياب الرقابة الأسرية، هذا إلى جانب الثغرات الأمنية في الموانئ والحدود البرية والبحرية والجوية والتساهل في صرف الأدوية دون وصفة طبية والانفتاح الحضاري والثقافي، وأيضا لا يمكن تجاهل أسباب أخرى مثل كثرة العمالة الوافدة ونقص برامج الوقاية المجتمعية وتعدد الزوجات والزواج من أجنبيات وكثرة عدد أفراد الأسرة.
وحول الوسائل التي يمكن من خلالها الحد من مشكلة المخدرات، قال اللواء الغضوري: ان تحقيق ذلك يستوجب تشكيل هيئة أو لجنة وطنية عليا برئاسة وزير الداخلية وبمشاركة جميع الجهات الرسمية والأهلية ذات الصلة، لرسم سياسة وطنية عامة مشتركة للتصدي لهذه المشكلة بأبعادها الثلاثة (خفض الطلب ـ خفض العرض ـ العلاج والتأهيل والرعاية اللاحقة).
وتشكيل لجان مشتركة بين الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والوزارات المعنية خاصة وهي: وزارة التربية، وزارة التعليم العالي، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة الإعلام، وذلك لدراسة ملامح وحدود المشكلة وطبيعة انتشارها في المجتمع، ووضع آليات تعاون مشتركة وتوفير كل ما يلزم ذلك، مع معالجة القصور في التشريعات والقوانين المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية ومعالجة الأخطاء في الإجراءات التي تتسبب في براءة المتهمين بقضايا الاتجار بالمخدرات.
وأشار إلى ان هذه التوصية من المطالب الملحة لمواكبة تطور الجريمة من حيث الكم والكيف، وكذلك دعم الأسرة والمحافظة على وحدتها وتهيئة الظروف المناسبة لتربية الأبناء على التعاون مع المؤسسات الرسمية، وذلك لبناء جيل من الشباب الواعي المدرك لمسؤوليته ودوره في بناء المجتمع، وتفعيل دور المدرسة في عملية التربية السليمة وغرس القيم الدينية والأخلاقية والوطنية في نفوس الطلاب، ودعم البرامج الدينية لما لها من أثر فاعل في تدعيم الأمن الاجتماعي داخل المجتمع ومحاربة الظواهر السلوكية المنحرفة التي قد تطرأ على نفوس الناس وخاصة الناشئة وعلاجها من أجل الوقاية منها، وتوجيه أجهزة الإعلام المختلفة بمنع المسلسلات والأفلام والبرامج التي تروج للمسكرات والمخدرات بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وتوفير العلاج الصحي والاجتماعي للمدمنين والمتعاطين الذين يتم ضبطهم وذلك بتوفير المصحات النفسية والتوسع في برامج الرعاية اللاحقة للمتعافين بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني وتوفير فرص معيشية مناسبة لهم ولأسرهم، والتوسع في إنشاء مراكز لعلاج الإدمان في كل المحافظات وتزويدها بإخصائيين نفسيين واجتماعيين لتشجيع إقبال المرضى المتعاطين والسماح للقطاع الأهلي للمشاركة في إنشاء مصحات للعلاج كما هو معمول به في جميع دول العالم.
من جهته، أكد د.عماد العون، خلال الندوة، أن إدمان المخدرات له شقان، الأول الشخص المتعاطي ويسمى علميا سوء استخدام المواد المخدرة تحت التأثير النفسي، والشق الثاني المدمن الذي اعتمد على المواد ذات التأثير النفسي، والفرق بينهما أن المدمن مدة تعاطيه تجاوزت الـ 6 أشهر وأصبح مدمنا، وبالتالي اصبح لديه انهيار بالجانب الاجتماعي والجانب الاقتصادي وبدأ بالتدهور الصحي، أما المتعاطي الذي لم يتجاوز تعاطيه عدة ايام أو اسابيع فهذا من الممكن ان يتم علاجه بطرق سهلة قبل ان يدخل في مرحلة الإدمان.
واضاف د.العون ان الجانب الوقائي هو من اهم الجوانب المانعة التي يعتمد عليها المجتمع في الابتعاد عن المواد المخدرة، وما قامت به حملة «غراس» اكبر دليل على نشر الوعي فيما يخص المواد المخدرة والانزلاق نحو التعاطي ونتائجها السلبية نحو الشخص والمجتمع.
وأكد أن اكثر الابحاث والاحصائيات والمؤثرات التي عملت لمعرفة سبب التعاطي أو التوجه للمخدرات يعود إلى نقص في الوازع الديني والابتعاد عن الأسرة بالاضافة إلى التفكك الأسري والرفاهية الزائدة، وأنه من المهم تكثيف العمل الوقائي وتكثيف الحملات الاعلامية ونشر الثقافة الخاصة بمخاطر المخدرات والتركيز على الشباب وعلى المحاضرات في المدارس لجميع المراحل والمعاهد والكليات والجامعات لتوصيل أكبر كمية من المعلومات الخاصة بمخاطر التعاطي وما يترتب عليه من مشاكل وسلبيات تضر المتعاطي والمجتمع.
وطالب د.العون المسؤولين بتجميع وترتيب العمل الوقائي من خلال عمل مؤسسي متكامل تحت مظلة واحدة، عكس ما هو معمول به حاليا من عمل فردي متشتت واجتهادات شخصية لم تجد صدى لدى المجتمع، لذلك نجد جميع أو أغلب المبادرات تفشل لأنها لم تبن على اساس أو على نظام مؤسسي منظم.
وأكد أن جميع أو أغلب الأسر الكويتية تعاني من آفة المخدرات سواء كانت الأسرة فقيرة أو غنية أو ذات سلطة أو وجاهة أو منصب، موضحا أن آفة المخدرات بلاء ومشكلة عالمية تنخر في المجتمعات حتى تهلكها، لتكون هذه المجتمعات ضعيفة ذليلة تحت سلطة تجار المخدرات.
وبين د.العون ان علاج المدمن يبدأ بدخول المدمن مركز علاج الإدمان، وتمنع عنه أي مادة مخدرة لمدة أسبوع، حيث تبدأ عليه مراحل الانسحابية، والتي تكون أولى مراحل العلاج، ثم يتم إدخاله جناحا آخر للتحدث معه والاستماع اليه ومناقشته ضمن برامج خاصة، وذلك لمدة 21 يوما، لكن للأسف اختصرت هذه المدة إلى 14 يوما بسبب وجود تكدس وعدم وجود أماكن، بعد ذلك يخير بين 3 برامج منها انه يراجع عيادات خارجية ويخضع لبرنامج لمدة سنة، ويتم التأكد من تشافيه، أو برنامج «منزل منتصف الطريق»، وهو برنامج مستقل يستمر في تأهيله حتى ينتهي برنامجه لمدة سنة وشهرين، وبعد التأكد من شفائه يتم عمل حفل تخرج له، أو البرنامج الثالث وهو «الرعاية النهارية» حيث يراجع يوميا الرعاية النهارية ويتم أخذ عينة منه وإخضاعه للمحاضرات الثقافية.
وأكد أن أي مدمن معرض للانتكاسة بسبب اختلال القواعد الاجتماعية والدينية لديه بسبب ضعفه من الداخل واهتزاز شخصيته، مضيفا أن شخصية المدمن تتكون من 5 صفات، أولا: «الشخصية المضادة» للمجتمع، حيث تكون لديه الرغبة في مخالفة القانون، أي إن كل نظام يحاول أن يخالفه ويتعداه، ثانيا: «التمركز حول الذات» أي مفهوم الأنانية والتركيز على الذات، وأنه صاحب القرار النهائي في أي شيء يراه ولا يسمح لأي شخص بالتدخل أو إبداء الرأي، ثالثا: «الضعف في إدارة الضغوط»، حيث يتأثر بأي ظرف وان كان بسيطا، رابعا: «الاندفاع»، حيث ان شخصية المدمن اندفاعية، أي يقدم على العمل وبعدها يفكر دون النظر لخلفية هذا الاندفاع أو العمل الذي قام به، وخامسا: «الاعتمادية»، حيث تجد المدمن يعتمد على الآخرين في التشجيع والمواساة.
وبين د.العون أن دور الأسرة أو أولياء الأمور كبير وجبار في المجال الوقائي والعلاجي، لكن للأسف إلى الآن الأسرة تحس أن ابنها المدمن يسبب لهم «العار» ويحاول أفرادها ان يخفوا عن الناس ان ابنهم مدمن، لذلك نجد الأسرة تدخل في دوامة لا تستطيع الخروج منها، حيث تجد أفرادها غير قادرين على علاج ابنهم وغير قادرين على مجاراته، وذلك بسبب إخفائهم طبيعة ابنهم المدمن.
وأضاف ان هناك نماذج مشرفة لأشخاص مدمنين تم علاجهم واكتمل شفاؤهم وأصبحوا أشخاصا منتجين في المجتمع، ولهم دور كبير في توعية وعلاج المدمنين.
وأكد أن جميع مراحل الإدمان من الممكن علاجها ويصبح الشخص طبيعيا، لكن بشرط ألا يدخل في مرحلة تلف أو ضمور الخلايا العصبية، والتي تنتج عنها مرحلة الانفصام أو «بايبولر»، ويصبح الشخص يعاني من مرض نفسي، وهذه المراحل بسبب تعاطي أو تناول حبوب «الكابتي» أو مواد «الكيميكال».
بدوره، قال د.أحمد الشطي، الأمين العام في الجمعية الكويتية للتوعية والوقاية ضد المخدرات (غراس)، إن «غراس» مبادرة إعلامية توعوية وطنية، انطلقت عام 2000 تهدف إلى تعزيز منظومة القيم المرتبطة بمقاومة قضية المخدرات، وقد تم إعداد منظومة القيم بواسطة دكاترة وأساتذة جامعة الكويت عبر الحملات الإعلامية والإعلانية المصممة بشكل علمي مدروس، كما أن «غراس» نتاج تحالف وشراكة بين مؤسسات حكومية وأهلية وقطاع خاص التقت إرادتها جميعا على ضرورة تنسيق جهودها لمواجهة آفة المخدرات والوقاية منها والتوعية بمخاطرها، هذا التحالف المجتمعي الذي يعد أول وأكبر تحالف مجتمعي من نوعه في العالم العربي لمواجهة آفة المخدرات انطلق من دولة الكويت، وعُرض رسميا في مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات في فيينا بمسمى «تجربة دولة الكويت الإعلامية في مجال الوقاية من المخدرات».
وأوضح د.الشطي أن الرؤية لمشروع «غراس» هدفها إيجاد مجتمع واع بمخاطر المخدرات والمؤثرات العقلية والحد من تعاطي هذه المواد المخدرة، مؤكدا ان الرسالة التي يريد القائمون على المشروع إيصالها هي تمكين النشء واليافعين وبناء قدراتهم ومهاراتهم لوقايتهم وحمايتهم من السلوكيات الخطرة والمخدرات والمؤثرات العقلية، ونشر التوعية وفق منهجية علمية وتكامل مؤسسي لمواجهة المغريات والمخاطر، وتحديد الأهداف والإستراتيجيات، لتمكين وتنمية قدرات الشباب وإعداد وتوفير البحوث والدراسات والمعلومات المعرفية الصحيحة المتعلقة بحماية الشباب ووقايتهم من السلوكيات الخطرة، وبناء سور قيمي يحمي المجتمع من آفة المخدرات وتكوين مصدر توعوي طويل الأمد يحقق مفهوم الاستمرارية في التأثير الوجداني، وتعزيز الوعي من خلال صياغة خطاب إعلامي يحاكي طبيعة الشرائح المستهدفة وعوامل التأثير فيها عبر وسائل الإعلام الحديث.
وبين أن دور الوقاية في مكافحة المخدرات خفض العرض والطلب، بالإضافة إلى أنه لابد أن نستثمر في عملية الوقاية، ونحتاج 90% من العمل يذهب في عملية الوقاية، ولأن الوقاية تبدأ من الطفولة وحماية وسلامة، وبوقاية شعار متداول، لذلك لابد أن نبدأ بالوقاية من خلال وضع برنامج ودراسات تؤثر على المجتمع.
وقال د.الشطي: هناك سؤال يتداول في السابق: هل «غراس» قادرة على تغيير المجتمع؟ حتى يتم التأثير على المجتمع بمكافحة المخدرات نحتاج إلى 3 حملات مجتمعية لمدة 3 سنوات متتالية تستخدم كل وسائل الإعلام. وقد استطعنا بمساهمة المجتمع أن نغير البصمة، وأصبح المتعاطي مريضا، وأصبح عندنا جرأة في الكشف عن المتعاطي وتفعيل دور الأسرة من خلال معالجة ابنهم المتعاطي في مركز معالجة الإدمان أو تحويله إلى النيابة أو الإدارة العامة لمكافحة المخدرات دون ان يلاحق قانونيا، وهذا مفهوم متطور أدخل على المجتمع الكويتي من خلال الحملات التي قامت بها «غراس» على مدى سنوات.
وأضاف أن «غراس» كانت مبادرة مجتمعية لها مفاهيم سبقت الحملات المجتمعية عملت دراسة على شريحة من الطلبة الجامعيين من الجنسين وأولياء أمورهم ووصلت إلى العوامل التي تحمل الشباب على الوقوع في مصيدة المخدرات أو التي تسهل وقوعهم بهذه المصيدة، وخرجت الدراسة بـ 30 قيمة تحولت إلى حملات مجتمعية، ومن المصادفة أن الأمم المتحدة بعد 15 سنة أرادت تعمل أدلة إرشادية لتوفير العلاج فاختاروا الأسرة، أي بعد تجربة «غراس» بـ 15 عاما، بدأت الأمم المتحدة بعمل حملات لمكافحة المخدرات.
وذكر أنه بعد حل اللجنة الوطنية كان المتضرر الكبير هو مشروع «غراس» لأنه كان له تأثير كبير في المجتمع من خلال حملاته الإعلامية، مؤكدا ان الكويت مستهدفة من تجار المخدرات والدليل أن طريق المخدرات يبدأ من أفغانستان إلى باكستان إلى إيران إلى العراق ومن ثم الكويت وهي عنق الزجاجة. وللأسف حتى الأمم المتحدة تؤكد أن دول الخليج تخضع لسياسة الإغراق بمواد المخدرات من قبل تجار المخدرات، مؤكدا أن كل شحنة مخدرات يتم ضبطها يتم إدخال 10 شحنات بنجاح إلى البلاد، وهذا يعني ان سياسة تجار المخدرات في إغراق دول الخليج مستمرة دون توقف.
وشدد على ضرورة أن يحظى الشباب بالمهارة والتمكين ليستطيعوا تنمية الثقة ومواجهة آفة المخدرات من خلال طلب الشاب المساعدة من المختصين لحماية نفسه وأسرته والمجتمع.
وكشف د.الشطي عن أنه خلال فترة الحظر الذي فرض بسبب جائحة «كورونا» اكتشفت بعض الأسر أن أبناءهم وبناتهم يتعاطون المواد المخدرة لأنه في السابق الجميع مشغول في أعماله ولا يعلم ما يدور أو ما يقوم به أبناؤه بالإضافة إلى أن الأغلبية لم يجتمعوا باستمرار، لكن بسبب الحظر اكتشفت أسرار وأمور أخرى.
وأكد أن المسؤولية في حماية المجتمع من آفة المخدرات مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، أي إن الأسرة لها دور كبير في عملية الإصلاح بالإضافة إلى الجهات الأخرى، وتتطلب التعاون والتنسيق مع الجميع وبخاصة الإعلاميين لتفعيل ونشر الثقافة الخاصة بمكافحة المخدرات.
بدوره، قال المحامي بشار النصار إن الكويت بلد قانون والمحامي عندما يدافع عن متهم فهو يدافع عن القانون وعن الإجراءات القانونية التي يقوم بها رجال الأمن الذين يعملون بإخلاص ومخافة الله، ولكن هذا لا يعني ان هناك ممن يقومون بأعمال غير قانونية وهم قلة، وقد تم ضبط مؤخرا ضباط قاموا بإلصاق تهمة الاتجار بالمخدرات ضد شخص بريء، وقد تم إيقاف هؤلاء الضباط وتسريحهم من شرف الخدمة العسكرية وهم حاليا في السجن المركزي يحاكمون على ما قاموا به من ظلم.
وأكد المحامي النصار أنه إلزام على رجل الشرطة اتباع قانون الإجراءات وأن يحترم قانون الإجراءات وضبط المتهم حتى ينال المتهم جزاءه، وأن يقوم رجل الأمن بعمل تحريات دقيقة وتقدم هذه التحريات إلى وكيل النيابة لإصدار إذن لضبطه وتقديمه للعدالة.
وبين أن القانون الجزائي الكويتي يحتاج لتعديل بسيط في بعض مواده، حيث ان قانون مكافحة المخدرات والاتجار قانون ممتاز ولا يحتاج لتعديل، أما قانون مكافحة المؤثرات العقلية والاتجار بها فيحتاج لتعديل، حيث إن بعض المؤثرات العقلية تفوق قوتها باقي المواد المخدرة بعشرات الأضعاف وللأسف حكمها لا يتعدى الحبس 5 سنوات للمتعاطي و10 سنوات للتاجر و15 سنة لمن يجلبها مهما كانت الكمية، في حين قانون مكافحة المخدرات بدايته بـ 15 سنة للمتعاطي ولو كان بحوزته جرام واحد وتصل الأحكام للمؤبد للتاجر والإعدام لمن يجلب المواد المخدرة.
وأضاف ان هناك دراسة لضم قانون مكافحة المخدرات مع قانون مكافحة المؤثرات العقلية وتغليظ العقوبات.
وطالب المحامي النصار الجهات المختصة في وزارة الداخلية ووزارة الصحة بالمتابعة والتدقيق في بعض العيادات الخاصة التي تصرف وصفات طبية لمدة سنة لمتعاطين حتى يحصلوا على المؤثرات العقلية مقابل مبلغ مالي، وللأسف هؤلاء الأطباء باعوا ضميرهم المهني والإنساني من اجل حفنة دنانير.
وأكد أن مركز علاج الإدمان غير قادر على استيعاب الحالات، وللأسف هناك أولياء أمور يطلب منهم إخراج أبناؤهم من المركز بعد مضي أسبوعين فقط وهم بالأساس لابد أن يكونوا في المركز للعلاج من الإدمان، وهذه المدة لا تكفي للعلاج.
التعاطي ما بين المهنة والجنس والتعليم
تناول اللواء م. بدر الغضوري دراسة شملت 354 متعاطيا قبض عليهم من قبل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وتتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاما، إذ كشفت الدراسة على هذه الفئة، عن ان عدد الذكور بلغ 94.6%، فيما بلغ عدد الإناث 5.4%، شكل المواطنون 73.2% من أعداد المتعاطين، اما غير الكويتيين فبلغوا 26.8%. كما كشف تحليل المتعاطين عن ان نسبة الأميين منهم بلغت 2.5%، فيما الحاصلون على الابتدائية 3.4%، وحل الحاصلون على الثانوية العامة بالترتيب الأول بالنسبة للمتعاطين بنسبة 33.1%، أما الجامعيون فكانت نسبتهم قياسا بأعداد المتعاطين 19.2%، واحتل العاطلون عن العمل الترتيب الأول في الإقبال على تعاطي المخدرات بنسبة 39.3%، فيما بلغت نسبة العسكريين 18.9%.
.. وبين الرفاق والإعلام وعوامل مجتمعية
خلصت الدراسة إلى أن أسباب التعاطي ترجع إلى العادات الأسرية، أبرزها التدليل الزائد والتفرقة بين الأبناء والتفكك الأسري والخلافات بين الزوجين وانخفاض مستوى تعليم الوالدين وتعاطي أحدهما وبين رفقاء الشخص.
ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي الشخص الرفاق والشعور بالرفض وتقليد الأصدقاء وسوء اختيار الرفاق، واعلاميا مشاهدة المواقع الإباحية وتقليد الممثلين وما يشاهد على الهواتف النقالة، أما العوامل الاجتماعية فتتمثل في الانفتاح الحضاري والوفرة المالية والثغرات الأمنية.
الفرق بين المدمن والمتعاطي
حدد اللواء م. بدر الغضوري الفرق بين المدمن والمتعاطي حسب الأبحاث العلمية، مشيرا إلى أن المدمن شخص مضطرب سلوكيا وغير متزن انفعاليا يتسم بالأنانية و إشباع رغباته ويفتقر للنظام والقدرة على التحكم في تصرفاته ولا تتوافر لديه الثقة في النفس وتجنب المسؤولية، فيما المتعاطي لديه القدرة على السيطرة. وفي مرحلة الوعي التي تمكنه من التوقف وتعاطي المخدرات بشكل متقطع ولديه القدرة على التحكم في كمية المخدرات التي يقوم بتعاطيها.
مراحل التعافي
تتطور مراحل التعافي من التجريبي والاستكشافي ثم التعاطي المتقطع ومن ثم المنتظم ثم التعاطي القهري، وتسمى مرحلة الاحتراف أو اللاعودة، وما يميز المتعاطي في هذه المرحلة ظهور اضطرابات مثل الهوس والاكتئاب ومشاكل صحية مثل التهاب المعدة والأعصاب وتساقط الأسنان، ويؤثر التعاطي في هذه المرحلة على العلاقات الأسرية والدخول في عالم الجريمة.