قلوب مجهدة في الشتاء!
تساؤلات «عكاظ»، أجاب عنها أطباء استشاريون قدموا نصائح في هذا الشأن، إذ يبتدر استشاري أمراض القلب والقسطرة القلبية التداخلية الدكتور رائد القطشان ويقول: إن الدراسات تشير إلى أن فصل الشتاء يرتبط بزيادة ملحوظة في معدلات الإصابة بأمراض القلب، إذ أظهرت الأبحاث أن معدلات النوبات القلبية ترتفع بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالصيف. ويعود ذلك جزئيا إلى تأثير الطقس البارد، إذ كشفت دراسة حديثة أن الانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، خصوصا بين كبار السن ومرضى القلب، كما تساهم عوامل متعددة في هذا الارتفاع النسبي.
الإجهاد في التخييم
جلطات «قلوب الشتاء»، يعزو أسبابها الدكتور القطشان إلى، ضيق الأوعية الدموية وزيادة لزوجة الدم وزيادة نشاط الجهاز العصبي ونقص النشاط البدني، ففي الأجواء الباردة يلجأ البعض إلى قضاء أوقات أطول في المنازل دون حركة، ما يؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم، وهما من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، ويسهم ذلك في سوء التحكم بمعدلات التراكمي لدى مرض السكر. وعن زيادة الجهد البدني المفاجئ وأثره في صحة القلب، يقول القطشان في هذا الجانب: يتأثر القلب مع رحلات التخييم وما يبذل فيها من مجهود كرفع الحطب، وتجهيز الخيام، أو المشي لمسافات طويلة في الصحراء، فالجهد البدني المفاجئ مع الجو البارد يسبب إجهادا للقلب.
تحصن للجلطة
عن تقلبات الطقس والجو وبرودة الرياح وتأثيرها، يضيف القطشان، أنه في المناطق المفتوحة مثل البر، تزداد برودة الهواء بفعل الرياح ما يضاعف من فقدان حرارة الجسم وزيادة الضغط على القلب، وفي فصل الشتاء تنتشر الأمراض الموسمية مثل الإنفلونزا والالتهاب الرئوي، التي قد تسبب تدهور حالة مرضى القلب، وأظهرت الدراسات أن الإصابة بالإنفلونزا تضاعف احتمال التعرض لنوبة قلبية عند هذه الفئة من المجتمع خلال الأسبوع الأول من المرض، ما يؤكد أهمية الحصول على التطعيم للحفاظ على صحة القلب في هذا الفصل.
وعن أنشطة الشتاء وتأثيرها على صحة القلب كالتخييم والرحلات البرية، يقول القطشان: يعتبر التخييم في البر من الأنشطة الشتوية المفضلة، ومع ذلك يمكن أن يسبب نصب الخيام أو حمل المعدات الثقيلة إجهادا مفاجئا على القلب، فضلا عن أن إشعال النار وجمع الحطب يتطلب مجهودا بدنيا قد يكون مرهقا للبعض، خصوصا كبار السن أو من يعانون من أمراض القلب.
ويضيف: أن كثيرا من الناس يستمتعون بالمشي في الأجواء الشتوية، سواء في البر أو حتى داخل المدن والمنتزهات، وهو نشاط صحي ومهم لصحة القلب إذا تم بحذر، لكنه قد يصبح خطرا إذا كان المجهود مفاجئا أو في أجواء باردة. وعلى الرغم من أن الجلوس حول النار ممتع ودافئ، إلا أن قلة الحركة والتعرض الطويل للأدخنة، خصوصا في الأماكن المغلقة ضعيفة التهوية، قد يؤدي إلى تباطؤ الدورة الدموية، مما يضر بصحة القلب.
لا تجلس طويلاً
يقدم الدكتور القطشان لـ«عكاظ»، نصائح مهمة لحماية القلب أثناء الشتاء، منها ارتداء الملابس الشتوية المناسبة وطبقات متعددة توفر عزلا حراريا، خصوصا أثناء التخييم أو الجلوس في البر وتغطية الرأس والأذنين، إذ تفقد هذه المناطق الحرارة بسرعة في الطقس البارد، مع ارتداء الجوارب السميكة والأحذية المناسبة للحفاظ على دفء القدمين، وعند نصب الخيام أو إشعال النار وفي جميع أنشطتك تصرف باتزان وتجنب الإجهاد المفاجئ بالإحماء أولاً قبل الرياضة مع عدم الجلوس لفترات طويلة دون حركة والقيام ببعض الحركات البسيطة لتحفيز الدورة الدموية، مثل المشي القصير أو تمارين التمدد. ومن النصائح تناول الأغذية الصحية والامتناع عن الدسمة التي تؤثر سلبا على القلب «إذا شعرت بالتعب، الدوار، ضيق التنفس، أو ألم، شعور بالثقل أو عدم الراحة في منطقة الصدر، ضيق في التنفس، أو ألم في الذراع أو الفك، اطلب المساعدة فورا. تذكر أن زوال الأعراض بعد أخذ قسط من الراحة يستدعي استشارة الطبيب».
واعتبر الدكتور القطشان، أن ممارسة بعض المجهودات بعد تناول الطعام مباشرة لها تأثير مباشر؛ لأن الهضم قد يضع ضغطا إضافيا على القلب، ناصحا الحصول على التطعيمات اللازمة مثل لقاح الإنفلونزا السنوي.
فصل ساحر.. ومتعب
يقول استشاري أمراض القلب والتصوير بالموجات الصوتية الدكتور منور محسن المجنوني: إن فصل الشتاء برغم سحره قد يسبب متاعب للبعض، وعندما تنخفض درجات الحرارة يواجه الجسم تحديا للحفاظ على حرارته، إذ تتقلص الأوعية الدموية كاستجابة طبيعية للحفاظ على الحرارة، ما يؤدي إلى زيادة طفيفة في ضغط الدم يتعامل معها الجسم بشكل جيد إلا أن بعض الأشخاص لا يستطيعون التكيف معها. وهذا التأثير يمكن أن تكون له عواقب وخيمة، خصوصا الأشخاص المصابين بأمراض قلبية مزمنة، إذ تشير الإحصاءات الطبية وبعض الدراسات إلى تزايد خطر الإصابة بالنوبات القلبية خلال الشتاء لارتفاع ضغط الدم.
الهواء الطلق.. مشكلة!
أخصائية القلب الدكتورة لمياء إبراهيم، تنصح بأخذ الاحتياطات اللازمة لحماية القلوب بتقليل قضاء الوقت في الهواء الطلق والحرص على ارتداء ملابس دافئة وتجنب الإفراط في ممارسة أي نشاط بدني شاق مع أهمية الترطيب الدائم عن طريق شرب الكثير من الماء تجنبا للجفاف وتجنب تناول الحلويات والأطعمة المالحة والدهنية، ومن الضروري الحصول على لقاح الإنفلونزا للتحصين ضد المرض والتخفيف من أعراضها والابتعاد عن تقلبات درجات الحرارة.
مشاعر الاكتئاب والقلق
لفائدة القلوب في فصل الشتاء، يدعو استشاري أمراض القلب والتصوير بالموجات الصوتية الدكتور منور محسن المجنوني إلى عدم الاعتماد كليا على قياس ضغط الدم المنزلي الذي لا يعطي قراءات صحيحة وتجنب البقاء في طقس بارد أو التعرض المباشر لتيارات الهواء الباردة، والتقليل من التعرض لأدخنة النار المشتعلة باستخدام الحطب التي ترفع تراكم ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب في لزوجة الدم ما قد يسبب عدم التحكم بضغط الدم.
ويضيف المجنوني في حديثة لـ«عكاظ»، أن الأجواء الباردة قد تدفع العديد من الناس إلى تقليل نشاطهم البدني إضافة إلى تغير النمط الغذائي لديهم، وبالتالي تزداد أوزانهم مما يزيد الأمر سوءا. والمطلوب ممارسة أنشطة رياضية في أماكن مغلقة وزيادة النشاط البدني بتغيير العادات اليومية التي لم يكن بالإمكان الالتزام بها في غير فصل الشتاء. ويؤدي الشتاء عند شريحة قليلة من الناس إلى مشاعر الاكتئاب والقلق، أو ما يسمى بالاضطراب النفسي العاطفي، وهي حالة شائعة في الشتاء، إذ يعاني الأفراد من انخفاض في الطاقة وتقلبات المزاج والركون إلى الكسل والخمول وتجنب الخروج من المنزل، وهذا من المرجح أن يؤثر سلبا على صحة القلب عموما.
نهواه ونخاف أمراضه
محمد الخالدي، يرى أن فصل الشتاء من الفصول المحببة للجميع وبالذات لدى الشباب، لكن الحديث عن علاقته بإجهاد القلب وأمراضه قلل من اهتمامنا به بسبب الألم والمعاناة التي يعيشها مرضى القلب. ويضيف في حديثه لـ«عكاظ» قائلا: صحيح أن اللقاءات الشتوية والطلعات والرحلات البرية تحفزنا كشباب للالتقاء مع بعضنا البعض، ولكن في الآونة الأخيرة حمينا قلوبنا من أي أثر أو ضرر قد يسببه فصل الشتاء.
أما عبدالله محمد، فيرى أن والده المريض بالقلب يعاني من الاضطرابات في كل الفصول وليس في الشتاء فقط، إذ كان يعاني من القلب في كل وقت وفي فصل الشتاء يعاني أكثر بسبب البرد وضعف التنفس «نحن متقيدون بكل التعليمات ومراعون له في كل الفصول».