Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

المغرب يدعو “لتكتل عربي رقمي” لمواجهة سياسات المنصات الاجتماعية تجاه فلسطين

في خطوة تهدف إلى تعزيز الدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، دعا وزير الثقافة المغربي المهدي بنسعيد إلى تشكيل “تكتل عربي موحد” للتفاوض مع كبرى الشركات الرقمية، في ظل استمرار حذف المحتوى المرتبط بفلسطين على منصات التواصل الاجتماعي وكذلك تقييده.

جاءت هذه الدعوة خلال الدورة 24 لمؤتمر وزراء الشؤون الثقافية بالوطن العربي، المنعقدة في العاصمة المغربية الرباط، حيث تتزايد الانتقادات لسياسات منصات التواصل الاجتماعي التي تفرض قيودًا على المحتوى المؤيد لفلسطين، خاصة مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بدعم أميركي.

تزامنت الدعوة المغربية مع تصاعد الصراع بين بعض الدول والمنصات الرقمية الكبرى، فقد أقدمت الولايات المتحدة على حظر منصة “تيك توك” المملوكة لشركة “بايت دانس” الصينية، بزعم تهديدها للأمن القومي. وفي أبريل/ نيسان 2024، أقر الكونغرس قانونًا يمنع استخدام التطبيق في الولايات المتحدة، حيث يحظى بشعبية واسعة بين 170 مليون مستخدم أميركي، إلا إذا بيع “لطرف محايد” بحلول 19 يناير/كانون الأول 2025. ومع ذلك، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أول يوم له بالمنصب، تأجيل تنفيذ القرار لمدة أقصاها 75 يومًا، مما يعكس استمرار الجدل حول سياسات المنصات الرقمية العالمية.

التكتل الرقمي العربي

في هذا السياق، اقترح الوزير المغربي تشكيل “تكتل عربي موحد” بهدف تعزيز حضور المحتوى العربي على المنصات الرقمية، ومحاربة الأخبار الزائفة والتطرف، إضافة إلى إبراز التنوع الثقافي العربي، والترويج للمحتوى الداعم للقضايا العربية المشتركة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وأشار بنسعيد إلى أن العالم العربي يواجه تحديات تكنولوجية متزايدة، خاصة مع تنامي دور الذكاء الاصطناعي وهيمنة المنصات الرقمية العالمية، مما يستدعي إستراتيجيات موحدة للحفاظ على الهوية الرقمية العربية وضمان وصول الرسائل العربية إلى الجمهور العالمي.

لعبت منصات التواصل الاجتماعي دورًا أساسيا في نقل تفاصيل العدوان الإسرائيلي على غزة إلى الرأي العام العالمي، مما أدى إلى تصاعد المظاهرات والاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، تواجه المنشورات المرتبطة بفلسطين تقييدًا واسعًا، حيث تعمل خوارزميات هذه المنصات على حذف المحتوى، أو تقليل وصوله، وأحيانًا حظر الحسابات التي تنشره.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 19 يناير/كانون الثاني 2025، أسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة عن أكثر من 159 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود. وفي ظل هذه الكارثة الإنسانية، تستمر المنصات الرقمية في فرض قيودها على المحتوى الفلسطيني، وذلك ما دفع العديد من الناشطين والمؤسسات الإعلامية إلى البحث عن بدائل لضمان إيصال الحقيقة للعالم.

تأتي هذه المبادرة المغربية كخطوة في مسار المواجهة الرقمية، إذ لم يعد الصراع العربي الإسرائيلي مقتصرًا على الأرض، بل امتد ليشمل الفضاء الرقمي، حيث تتحكم الشركات الكبرى في تدفق المعلومات وتوجيه الرأي العام. فهل سينجح التكتل العربي في فرض حضور أقوى للمحتوى العربي والفلسطيني في هذا الفضاء الافتراضي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

تحيز رقمي

قال الباحث المغربي في المجال التقني حسن خرجوج، للأناضول، إن “هناك إمكانية للتحالف الرقمي بين الدول العربية، خاصة مع إرادة سياسية قوية نابعة من أهمية التعاون المشترك”.

ودعا إلى “التوافق العربي بشأن القضية الفلسطينية ودعمها رقميا، رغم عدم التوافق على قضايا أخرى”.

يشير خرجوج إلى أن تحقيق هذا التكتل ليس مستحيلًا، لكنه يواجه صعوبات هيكلية، أبرزها ضعف البنية التحتية الرقمية في بعض الدول العربية، وعدم امتلاك كوادر بشرية مؤهلة بما يكفي لمنافسة الخبرات العالمية. وأضاف أن “نجاح أي تحالف رقمي يحتاج إلى بيئة عمل قوية توفر التطور والحد الأدنى من الاستقرار المعيشي للخبراء والمختصين في المجال”.

ويرى خرجوج أن استمرار المنصات الرقمية الكبرى في تقييد المحتوى الفلسطيني يعكس هيمنة التقنية على تشكيل الرأي العام، ويستدعي ضرورة التحرك الجاد لبناء أدوات إعلامية عربية قادرة على المنافسة.

انتهاكات مستمرة

تكشف الأرقام عن حجم التحدي الذي يواجهه المحتوى الفلسطيني في الفضاء الرقمي. فوفق تقرير لمركز “صدى سوشال” (أهلي) في مايو/أيار 2024، ارتكبت منصات التواصل أكثر من 5 آلاف و450 انتهاكا للمحتوى الرقمي الفلسطيني خلال الأشهر الأربعة الأولى من ذلك العام.

وأفاد المركز بأن 32% من إجمالي الانتهاكات كانت بمنصة إنستغرام، و26% على فيسبوك، و16% على واتساب، و14% على تيك توك، بينما بلغ حجم الانتهاكات في “إكس” 12%.

تحديات

ورأى خرجوج أن عدم امتلاك مجموعة من الدول العربية لبنيات رقمية قوية، خاصة على مستوى الكوادر البشرية غير المؤهلة، يُصعِّب من تحقق هذه المبادرة.

وتابع “تحقق هذه المبادرة تكتنفه صعوبات، نظرا لنقص الفرص الرقمية الكبيرة على المستوى العربي، سواء ببيئة العمل القوية التي تتيح التطور أو بيئة العمل التي توفر الحد الأدنى من العيش الكريم”.

وأوضح أن الدول الكبرى التي تملك شركات قوية استثمرت في الموارد البشرية كمقدمة للاستثمار في قطاع التكنولوجيا الحديثة، بما فيها منصات التواصل الاجتماعي، ودعا الباحث المغربي إلى “تأهيل الموارد البشرية في العالم العربي لضمان نجاح هذا التكتل العربي المرتقب”.

وشدد على “صعوبة التعاطي أو التفاوض مع هذه الشركات الكبرى، خاصة في غياب بيئة رقمية قوية وبدائل رقمية (عربية)، على غرار الصين وروسيا”.

وبخصوص الإطار الزمني المتوقع لنجاح المبادرة، أفاد خرجوج بإمكانية ذلك “بعد عقد أو عقدين، إذا بدأت الدول العربية الاستثمار في الموارد البشرية حاليا”.

ويضيف الباحث المغربي أن التفاوض مع الشركات الرقمية الكبرى من دون امتلاك بدائل عربية قوية سيكون صعبًا، مشيرًا إلى أن الأسواق الرقمية العربية والأفريقية لا تزال صغيرة مقارنة بالأسواق الأميركية أو الأوروبية، مما يقلل من تأثيرها في سياسات تلك الشركات.

وبحسب خرجوج، فإن الوصول إلى تكتل عربي رقمي مؤثر يحتاج إلى ما لا يقل عن عقد أو عقدين، بشرط أن تبدأ الدول العربية من الآن في الاستثمار في التعليم التقني، وإدخال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في المناهج التعليمية، والعمل على بناء جيل رقمي مؤهل قادر على تطوير المحتوى العربي والتفاوض مع كبرى شركات التكنولوجيا من موقع قوة.

وفي ختام حديثه، شدد خرجوج على أن بناء الإنسان هو المفتاح الأساسي لإنجاح أي مشروع تقني عربي، مشيرًا إلى أن تحقيق السيادة الرقمية يتطلب رؤية إستراتيجية شاملة تتجاوز الحلول المؤقتة وردود الفعل إلى بناء بنية تحتية رقمية عربية مستقلة ومستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى