Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

أوروبا في مواجهة تهديدات ترامب على 4 جبهات

في خطاب مثير للجدل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عزمه فرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي ليصبح التالي في قائمة الدول المستهدفة بعد المكسيك وكندا والصين. وأخذت أوروبا تهديداته على محمل الجد، وأعلنت حالة استنفار لمواجهتها على 4 جبهات.

ليست الرسوم الجمركية وما تنذر به من حرب تجارية بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا هي العنوان الوحيد للمواجهة بين الطرفين، بل هناك أيضًا حرب رقمية يقودها المقربان من ترامب عملاقا التكنولوجيا إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ.

ومن جانب آخر، يتمسك الرئيس الأميركي بفكرة الاستحواذ على جزيرة غرينلاند التابعة للدانمارك. ولا يمكن التغاضي عن الجبهة المشتعلة في أوكرانيا التي تعتبرها أوروبا خط الدفاع الأول، في حين يصفها ترامب بأنها “حرب سخيفة” مهددًا بتقليص الدعم الأميركي، مما يزيد من التحديات والمصاعب على أوروبا.

فما الخطط الأوروبية لمواجهة تهديدات الرئيس الأميركي على هذه الجبهات الأربع؟ ولماذا يكنّ ترامب مثل هذه النقمة على أوروبا؟

لماذا ينقم ترامب على أوروبا؟

قبل أن نستعرض إعدادات أوروبا للمواجهة على مختلف الجبهات، سنسعى لاستيضاح خلفيات الانقلاب الأميركي على الحليف الأوروبي التاريخي وأسباب هذه النقمة التي يكنها رئيس أميركا الجديد للأوروبيين.

إعلان

“إن أكثر ما يثير سخط ترامب على أوروبا هو مشاهد السيارات الألمانية وهي تتحرك في شوارع مانهاتن، في حين تتكدس المركبات الأميركية في المصانع من دون مشترين من الأوروبيين”، هكذا يصف تقرير لصحيفة بوليتيكو أهم أسباب نقمة الرئيس ورجل الأعمال ترامب على أوروبا.

ويؤكد التقرير الذي أعدّه أساتذة الاقتصاد فرانسيسكو جيافاتزي من جامعة بوكوني وفيرونيكا جيريري وجيدو لورينزوني من جامعة شيكاغو أن هناك بالفعل خللا كبيرا في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا لمصلحة أوروبا، فعلى سبيل المثال من المتوقع أن يتجاوز الفائض التجاري لعام 2024 لألمانيا وحدها مع الولايات المتحدة 67 مليار دولار.

وشرح الباحثون الاقتصاديون الذين أعدوا التقرير أن الفائض التجاري ناتج عن الطلب الضعيف على الواردات الأميركية في أوروبا مقابل طلب مرتفع على الواردات الأوروبية في الولايات المتحدة. ففي أوروبا يضغط انخفاض الأجور على الطلب الخاص، وتضغط مجموعة من الإجراءات يفرضها الاتحاد الأوروبي على الطلب العام، مما يقيد الاقتراض الحكومي.

وإذا خففت أوروبا هذه الإجراءات -مثل ما يسمى “كبح الديون” في ألمانيا على سبيل المثال- فإن الطلب الأوروبي سوف يزيد، وسوف ينكمش الفائض التجاري تلقائيا.

واعتبر التقرير أن الحرب التجارية بين أوروبا والولايات المتحدة تبدو وشيكة بعد أن أعلن ترامب أن الاتحاد الأوروبي هو التالي في القائمة بعد فرض الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا والصين.

إعدادات أوروبا للحرب التجارية

نقل تقرير لصحيفة لودفوار الفرنسية بعنوان “أوروبا في موقف دفاعي ضد ترامب” عن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن “النظام العالمي التعاوني الذي تخيلناه من قبل لم يتحول إلى حقيقة، وعلى العكس من ذلك دخلنا حقبة جديدة من المنافسة الجيوستراتيجية الشرسة”.

ويورد التقرير الذي كتبه الباحث السياسي كريستيان ريو أن نية ترامب تجاه أوروبا كانت واضحة، فمباشرة بعد تنصيبه خاطب الزعماء الأوروبيين المجتمعين بمنتدى دافوس العالمي بسويسرا عبر تقنية الفيديو قائلا “أنا أحب بلدان أوروبا، ولكن الأمور معقدة للغاية”.

إعلان

ونقل ريو عن كبير خبراء الاقتصاد في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني براين كولتون أن ترامب “لا يخادع” وجاد في تهديداته لأوروبا بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 10% أو 20%، وهي الزيادة التي ستكلف أوروبا 1% من ناتجها المحلي الإجمالي، كما ستواجه أوروبا مشكلة أخرى تتعلق بالصين التي قد تغرق السوق الأوروبية بمنتجاتها في مواجهة الحواجز الجمركية الأميركية.

وفي تقرير ليورونيوز بعنوان “الاتحاد الأوروبي يرد على تهديدات ترامب بالحرب التجارية”، كتب إليوت أرمسترونغ أن الاتحاد الأوروبي بدا -خلال اجتماع قادته في بروكسل الذي حضرته بريطانيا لأول مرة منذ خروجها من الاتحاد- مصمما على إظهار وحدته واتفاقه على مقاومة الرسوم الجمركية التي أعلن ترامب أنها “قادمة بالتأكيد”.

فقد قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن الاتحاد الأوروبي “يمكنه الرد على سياسات التعريفات الجمركية بسياسات تعريفات جمركية”، وأضاف زعيم أكبر اقتصاد في أوروبا “يتعين علينا أن نفعل ذلك وسوف نفعله، ولكن يجب أن يكون القيام بذلك بطريقة تعاونية”.

شولتس: الاتحاد الأوروبي يمكنه الرد على سياسات التعريفات الجمركية بسياسات تعريفات جمركية (لأناضول)

وبدوره، قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك “علينا أن نفعل كل شيء لتجنب هذه الحرب الجمركية الغبية تماما، ولا يمكننا أن نفقد الوعي بمصالحنا، ولا يمكننا أن نفقد احترامنا لذاتنا وثقتنا بأوروبا”.

ويؤكد تقرير صحيفة لوديفوار أنه من سبل المواجهة ما لوحت به رئيسة المفوضية من إمكانية أن تولّي أوروبا وجهها شطر الصين، إذ صرحت بالقول “لقد حان الوقت لإعادة التوازن إلى علاقاتنا مع الصين بروح من الإنصاف والمعاملة بالمثل”.

وحسب صحيفة لوموند الفرنسية، فقد اقترحت رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان الأوروبي أورور لالوك إستراتيجية أخرى تتمثل في فرض الضرائب على الشركات الأميركية: غوغل، وآبل، وفيسبوك، وأمازون، ومايكروسوفت.

إعلان

لكن الباحث كريستيان ريو يوضح أن مما يضعف قدرة الاتحاد الأوروبي على الصمود في الحرب التجارية مع أميركا أنها تأتي في أسوأ ظرف سياسي واقتصادي يمر به أكبر بلدين في الاتحاد وهما ألمانيا وفرنسا اللذيْن يصفهما كتاب الافتتاحيات “بالرجلين المريضين في أوروبا”، وفي الوقت نفسه هناك دول أوروبية عديدة مثل بولندا والمجر وإيطاليا وحتى ألمانيا قد تسارع إلى التفاوض مباشرة مع دونالد ترامب.

ونقل تقرير لمحطة تي إف1 الفرنسية بعنوان “إنه حريق هائل.. وحدة 27 على المحك” عن رابطة المصنعين الأوروبيين أنه يتم تصدير ما يزيد على مليون مركبة من الاتحاد الأوروبي إلى أميركا الشمالية سنويا، ومن شأن زيادة الرسوم الجمركية أن تؤدي إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها صناعة السيارات الأوروبية ومن ثم إضعافها.

وأورد التقرير أن هناك اقتراحا من الاتحاد الأوروبي بشراء مزيد من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وهو ما من شأنه أن يساعد الاتحاد الأوروبي على الاستغناء عن الإمدادات من روسيا وفي الوقت نفسه يمثل استرضاء للزعيم الأميركي ترامب.

أوكرانيا وضرورة التسلح

اعتبر تقرير لو دفوار أن ما يثير قلق الأوروبيين بشأن أوكرانيا هو أن يتواصل الرئيس الأميركي بشكل مباشر مع بوتين من دون تشاور مع أوروبا المعنية بتداعيات ذلك، ولهذا السبب قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك مؤخرا للبرلمان الأوروبي “إذا كانت أوروبا تريد البقاء، فيجب عليها تسليح نفسها”.

وبدوره، اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته أنه “إذا كانت إدارة ترامب الجديدة تريد مواصلة تسليح أوكرانيا فإن الفاتورة ستدفعها أوروبا، وأنا مقتنع تماما بذلك”.

وبحسب المفوضية الأوروبية، يتعين على الاتحاد الأوروبي استثمار 500 مليار يورو في الدفاع خلال العقد المقبل، في حين أن ميزانية الاتحاد للفترة بين 2021-2027 لا توفر سوى 8 مليارات يورو لهذا القطاع.

إعلان

ويرى الباحث السياسي ريو أن الشكوك أيضا تساور الجميع في موضوع التسلح الأوروبي، ويعطي مثالا على ذلك ببرنامج إنفاق مشترك في هذا المجال بقيمة 1.5 مليار يورو ما زال عالقا في رفوف بروكسل منذ عامين.

جبهة الحرب الرقمية

في مقال بصحيفة “توت لوروب” تحت عنوان “رقميا ما الرد الأوروبي على هجمات دونالد ترامب وإيلون ماسك ومارك زوكربيرغ؟”، كتب رئيس تحرير الصحيفة فينسنت ليكو أنه على غرار الرئيس الأميركي، صعّد رئيسا شركتي إكس وميتا في المدة الأخيرة هجماتهما على التنظيم الرقمي الأوروبي بعد إجراءات اتخذتها أوروبا للوقوف في وجه التدخل في الانتخابات وتوجيهها من طرف المنصات التابعة للمليارديرات الأميركيين، وخصوصا زعيم إكس إيلون ماسك وزعيم ميتا مارك زوكربيرغ (فيسبوك وإنستغرام وغيرهما).

ويضيف الكاتب أن إعلان زوكربيرغ في 7 يناير/كانون الثاني 2025 أنه سينهي برنامجه للتحقق من المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة يمثل تحولًا كبيرًا في قضية مكافحة التضليل الإعلامي، خصوصا أنه قد يمتد قريبًا إلى أوروبا. وبالفعل بعد أيام قليلة، اتهم زعيم ميتا الاتحاد الأوروبي بسنّ قوانين تضفي الطابع المؤسسي على الرقابة.

واعتبر التقرير أن زوكربيرغ يتبع في ذلك طريقة الرئيس التنفيذي لشركة إكس إيلون ماسك في الاستقواء بحرية التعبير ضد القوانين الأوروبية المناهضة لخطاب التضليل، وهو ما يتبناه أيضا بريندان كار الذي عينه دونالد ترامب لرئاسة هيئة تنظيم الاتصالات الفدرالية، والذي يرى أن تعديل المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي واستخدام منظمات التحقق من المعلومات مخالف لحرية التعبير والآراء.

ويورد التقرير أنه لمواجهة مخاطر التضليل كان الاتحاد الأوروبي قد سنّ قانون تنظيم الخدمات الرقمية الذي دخل حيز التنفيذ في فبراير/شباط 2024، وفتحت المفوضية الأوروبية بموجبه تحقيقات ضد شركات أميركية عملاقة مثل إكس وفيسبوك وإنستغرام لاتهامات تتعلق بنشر خطاب الكراهية والتضليل.

كومبو يجمع بين Mark Zuckerberg مؤسس فيسبوك و Elon Musk صاحب شركة تيسلا للتكنولوجيا
ليكو: زوكربيرغ يتبع طريقة إيلون ماسك في الاستقواء بحرية التعبير ضد القوانين الأوروبية المناهضة لخطاب التضليل (رويترز)

ومن المقرر خلال الأشهر المقبلة أن تقدم المفوضية الأوروبية قانونا جديدا باسم “الدرع الأوروبية للديمقراطية”. ويسعى القانون الجديد -بالإضافة إلى مواجهة الهجوم المتزايد من الشركات الرقمية الأميركية- إلى تشجيع استخدام شبكات التواصل الاجتماعي الأوروبية البديلة مثل ماستودون وغيرها.

إعلان

وفي الأشهر الأخيرة، كثف إيلون موسك حملته الداعمة لليمين المتطرف في أوروبا، فقد أظهر الملياردير دعمًا صريحًا لحزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب يميني متطرف، ووصفه بأنه “الحزب الوحيد القادر على إنقاذ ألمانيا” ونظم محادثة مباشرة عبر الإنترنت في 9 يناير/كانون الثاني مع زعيمة الحزب والمرشحة لمنصب المستشارة أليس فايدل.

وقد فتحت المفوضة الأوروبية تحقيقا حول هذه المقابلة وما إذا كانت تمثل تدخلا في الانتخابات، وعقدت المفوضية اجتماعا في 24 يناير/كانون الثاني مع الهيئة التنظيمية الرقمية الألمانية والمنصات الكبرى، بما في ذلك إكس، لمنع التدخل في الانتخابات الألمانية، ونظمت للقائمين على هذه الهيئات تدريبا لتقييم إجراءاتهم ضد التضليل، وستقوم بإجراء تدريبات مماثلة قبل الانتخابات في سلوفاكيا وبولندا وفنلندا وهولندا.

كذلك أعلنت مفوضة الشؤون الرقمية في الاتحاد الأوروبي هينا فيركونين أن عدد الموظفين العاملين في وكالة الخدمات الرقمية يجب أن يتضاعف لمكافحة عمليات التضليل والهجمات الرقمية.

ويورد تقرير لو ديفوار أنه في الجبهة الرقمية أيضا تبدو الفجوة كبيرة ومتسعة بين أميركا وأوروبا، ففي الوقت الذي تخطط فيه الولايات المتحدة لاستثمار 500 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، فإن أوروبا لا تملك “عملاقا واحدا في الاقتصاد الرقمي”، كما ذكر وزير الاقتصاد الفرنسي السابق جان آرثويس.

Moscow, RUSSIA - March 10, 2019: Sakharov Prospect. Political rally for free Internet. Youth with political posters
الفجوة في الجبهة الرقمية تبدو كبيرة ومتسعة بين أميركا وأوروبا (شترستوك)

غرينلاند.. نشر قوات أوروبية

أوردت صحيفة تلغراف في تقرير لمراسلها في بروكسيل جو بارنز في 7 فبراير/شباط الجاري أن الدول الأوروبية أجرت مشاورات بشأن الخيارات أمامها إذا تحرك الرئيس الأميركي لتنفيذ وعيده بالاستيلاء على جزيرة غرينلاند التابعة للدانمارك وقد طرحت الدول الأعضاء احتمال إرسال جنود من حلف شمال الأطلسي.

إعلان

وأضافت الصحيفة أن المحادثات الأوروبية طرحت إمكانية تفعيل المادة 5 المتعلقة بالدفاع المشترك بين أعضاء حلف شمال الأطلسي في حالة حدوث غزو أميركي لدولة عضو في الحلف، لكن هذا الخيار استبعد بسرعة لأنه يتطلب إجماع الدول الأعضاء البالغ عددها 32 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، ولم يتم تفعيل الدفاع المشترك في تاريخ الحلف إلا مرة واحدة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول على أميركا.

ويأتي هذا التحرك بعد أن بدأ ترامب ولايته الثانية في البيت الأبيض بالتفكير علنًا في الاستيلاء ولو بالقوة على جزيرة غرينلاند التي تعد أكبر جزيرة في العالم وتمثل إقليما يتمتع بحكم ذاتي ويتبع الدانمارك.

وحسب تلغراف، فقد أثارت الحماسة التي أبداها المستشار الألماني شولتس لإرسال قوات أوروبية إلى غرينلاند انتقادات من بعض أعضاء الناتو المتحمسين لزيادة التدخل في أوكرانيا نظرًا لرفض ألمانيا النظر في نشر قوات هناك.

وقال الجنرال النمساوي المسؤول عن اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي روبرت بريجر “إن نشر قوات بقيادة بروكسل في غرينلاند سيرسل إشارة قوية”.

لكن المفارقة أن الجهة المعنية بشكل مباشر رئيسة الوزراء الدانماركية ميت فريدريكسن حثت الحلفاء على عدم الرد على الرئيس الأميركي لتجنب تفاقم التوترات الحالية، ورحبت بالمخاوف الأمنية الأميركية بشأن القطب الشمالي ووعدت بتعزيز الوجود العسكري الدانماركي في غرينلاند، لكنها حرصت على التذكير أيضا بأن الجزيرة ليست للبيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى