لماذا تنشئ طاجيكستان حزاما أمنيا مع أفغانستان؟
![](https://dailygulfnews.com/wp-content/uploads/2025/02/tajikstan-af3-1739471795-780x470.jpg)
مراسلو الجزيرة نت
كابل- بعد عودة حركة طالبان للسلطة في أفغانستان قبل 3 سنوات، اتخذت طاجيكستان خطوات لتعزيز أمنها الحدودي، من بينها بناء حزام أمني ونقاط مراقبة على امتداد الحدود المشتركة التي تبلغ 1374 كيلومترا، منها ما يقارب 1184 كيلومترا نهرية و190 كيلومترا برية.
تعد طاجيكستان ثالث دولة بعد باكستان وإيران تنشئ حزاما أمنيًّا على حدودها مع أفغانستان، حيث نشرت نحو 2000 جندي على الحدود مع الجارة الأفغانية عقب الانسحاب الأميركي، وأقامت أكثر من 60 نقطة مراقبة، إلى جانب وجود القاعدة العسكرية الروسية 201 التي تسهم في مراقبة الوضع الأمني في أفغانستان ودعم أمن الحدود، التي تحتوي 7 نقاط عبور رسمية بين البلدين.
ويعود تاريخ فكرة الحزام الأمني إلى عام 1998 عندما طرحها الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمان أمام الأمم المتحدة، ومع بدء التدخل الأميركي في أفغانستان، تراجعت الفكرة، لكنها عادت مجددا إلى الواجهة منذ عام 2019، أي حتى قبل انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان.
وفي هذا السياق، يؤكد نائب رئيس الوزراء الأفغاني الملا عبد السلام حنفي، في حديثه للجزيرة نت، أن بلاده “تسعى إلى إقامة علاقات قوية مع دول الجوار، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرضت لأي تهديد”.
تعزيز المراقبة
وفق موقع وزارة الخارجية الطاجيكية، فإن الحدود بين أفغانستان وطاجيكستان رُسمت 4 مرات، أولها عام 1946 حين وافقت أفغانستان والاتحاد السوفياتي السابق على ترسيم الحدود بين البلدين، ثم رسمت الحدود مرة أخرى عام 1993، بعد انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان.
وفي عام 2005، حددت الحكومة الأفغانية والطاجيكية نقاط العبور الحدودية، ثم جددت كابل ودوشنبه عام 2013 الاتفاق السابق لتحديد نقاط العبور، ووافقت على 7 نقاط عبور رسمية بين البلدين.
ويأتي تأكيد طاجيكستان على بناء الحزام الأمني في سياق موقفها من حركة طالبان، حيث سبق أن استضافت البلاد معارضين للحركة ومسؤولين في الحكومة الأفغانية السابقة، كما أعربت عن قلقها من وجود معسكرات تدريب للمسلحين قرب حدودها، وهو ما دفع الرئيس رحمان إلى إثارة المسألة رسميا في اجتماع رؤساء دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي عام 2022.
لكن الباحث السياسي نجيب الكوزي يرى، في حديثه مع الجزيرة نت، أن “تنفيذ حزام أمني يمتد لآلاف الكيلومترات يتطلب تكاليف ضخمة وقوة عسكرية كبيرة، وهو ما قد لا يكون في متناول طاجيكستان، لا سيما أن المناطق الحدودية وعرة وجبلية، مما قد يحدّ من فعالية تنفيذ الخطة”.
أهداف أمنية
تقول مصادر مقربة من الحكومة الطاجيكية -فضلت عدم ذكر اسمها- إن طاجيكستان تسعى من خلال هذه المبادرة إلى تحقيق عدة أهداف، أبرزها:
- منع امتداد الاضطرابات الأمنية والتطرف إلى آسيا الوسطى.
- تعزيز التعاون الأمني بين دول الجوار في مراقبة الحدود.
- إنشاء ممر اقتصادي آمن للتبادل التجاري، وهو ما قد يلقى دعمًا من الصين.
- مكافحة تهريب المخدرات، الذي يمثل تحديا إقليميا كبيرا.
- تعزيز التعاون الأمني بين الدول المجاورة لأفغانستان، خاصة في إطار منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
لكن تنفيذ هذه الخطة يتطلب توافقا إقليميا واسعا، وهو أمر قد ترفضه طالبان، نظرا لعلاقاتها مع كل من روسيا والصين، حيث ستكون هناك تداعيات أمنية وسياسية للحزام الذي تسعى طاجيكستان لبنائه على الحدود مع أفغانستان.
ويرى الباحث في الشؤون الإستراتيجية جمال كريمي، في حديثه للجزيرة نت، أن “تحقيق هذه الفكرة قد يؤدي إلى توترات جيوسياسية جديدة بين القوى الكبرى، حيث يتعارض الحزام الأمني مع مصالح بعض الدول، ما قد يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في أفغانستان”.
![People walk along a bridge during an opening ceremony in Nizhny Panj at the Afghan-Tajik border, 26 August 2007. A road bridge linking Tajikistan and Afghanistan paid for by the United States was officially opened on Sunday at a ceremony attended by the presidents of the two Central Asian countries. AFP PHOTO / STR (Photo by AFP)](https://dailygulfnews.com/wp-content/uploads/2025/02/tajikstan-af2-1739471787.jpg)
تشكيك
يربط بعض الخبراء الأمنيين في طاجيكستان بناء الحزام الأمني بتفجيرات واغتيالات شهدتها شمال أفغانستان، وخاصة ولايتي قندوز وتخار المجاورتين لطاجيكستان، وتبني “تنظيم الدولة الإسلامية” المسؤولية عن بعضها، مثل تفجير بنك محلي واغتيال مواطن صيني في الولايات الشمالية.
لكن السفير الأفغاني السابق لدى إسلام آباد، نجيب الله عليخيل، يرى، في حديثه مع الجزيرة نت، أن “تشكيل الحزام الأمني لن يكون كافيا لقطع شبكات تجنيد الجماعات المسلحة في آسيا الوسطى، بل إن هذه الشبكات أصبحت أكثر انتشارا وقدرة على تنفيذ عمليات معقدة، “الحل يكمن في التنسيق الأمني والتعاون الرسمي مع أفغانستان، وليس في بناء حواجز حدودية” حسب قوله.
ويظل الحزام الأمني الذي تسعى طاجيكستان إلى إنشائه محل جدل، بين من يراه ضرورة أمنية لحماية حدودها، ومن يعتبره مشروعًا مكلفًا وغير قابل للتنفيذ على أرض الواقع، وبينما تتصاعد التوترات في المنطقة، يبقى السؤال الأهم “هل يمكن لهذا الحزام أن يعزز الأمن؟ أم أنه سيزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في آسيا الوسطى؟”.