اقتحامات جيش الاحتلال.. كابوس لفلسطينيي الضفة

رام الله- يعيش نحو 12 ألف مواطن فلسطيني على وقع اقتحامات إسرائيلية شبه يومية لمخيم الفوّار للاجئين الفلسطينيين جنوبي الضفة الغربية، نظرا لما يتخللها من قتل وعنف وتخريب واعتداء وإذلال واعتقال.
وبالتزامن مع بدء حرب الإبادة بغزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحولت حياة سكان المخيم، إلى جحيم بسبب “كابوس” الاقتحامات المتكررة، مع استمرار إغلاق المدخل الرئيسي وتقييد حركة سكانه.
ولا ينظر الفلسطينيون إلى هذه الاقتحامات بمعزل عن العدوان الشامل على مخيمات شمالي الضفة، في ما يعتبرونها محاولات إسرائيلية حثيثة لإنهاء ملف اللاجئين.
هجوم مباغت
يوضح المواطن محمد النجار، وهو من سكان مخيم الفوار، أن اقتحام المخيم كان يتم على فترات متباعدة قبل حرب غزة، لكنه بات شبه يومي وبعشرات الجنود منذ بدء الحرب، وقد يتكرر الاقتحام عدة مرات في اليوم الواحد.
ويذكر أن الاقتحام “يكون مباغتا، وقد يكون من مدخل المخيم الرئيسي، حيث يثبت الاحتلال بوابة حديدية ويمنع حركة المركبات الفلسطينية، أو يكون مباغتا من أي جهة أخرى في محيطه، ويبدأ بإطلاق كثيف للنيران على كل من يتحرك والقنابل الغازية عشوائيا بين البيوت”.
وأشار إلى فقدان المخيم 7 من أبنائه شهداء منذ تكثيف العدوان، إضافة إلى عشرات الجرحى والمعتقلين.
بعد الانتشار في أزقة المخيم -يضيف النجار- تبدأ مداهمات البيوت وتفتيشها وتخريب محتوياتها، بالتزامن مع الاعتقالات الجماعية، فضلا عن تصوير الشوارع والأزقة والبيوت وعمل قياسات لها وتوزيع منشورات تحذيرية للسكان.
قبل أيام، وتحديدا منتصف مايو/أيار الجاري، كان منزل عائلة النجار واحدا من بين عشرات المنازل التي اقتحمت، يقول النجار “دهموا منزلنا واعتدوا عليّ وعلى شقيقي أمجد وطفله (11 عاما) وسيدتين بالضرب المبرح”، مشيرا إلى اقتحام المنزل 3 مرات في اليوم ذاته.

اعتقالات جماعية
عن الاعتقالات الجماعية، يوضح أن “جيش الاحتلال يعتقل كل الرجال من البيوت التي يقتحمها، ويتم تعصيب أعينهم ونقلهم إلى أحد المنازل بغرض التحقيق أو إلى نقطة عسكرية دائمة على مدخل المخيم”.
وبيّن أن عدد المعتقلين في آخر اقتحام وصل إلى 120 طفلا وشابا ومسنا، مشيرا إلى أعمال تنكيل وإهانة للمعتقلين وإجبارهم على السير في طوابير خلف بعضهم أو إجبارهم على الجلوس في ساحة عامة معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي.
وبينما يتم تدمير مخيمات شمالي الضفة بذريعة وجود عناصر من المقاومة، فإن مخيم الفوار هادئ نسبيا، وهنا يشير النجار إلى أن مزاعم الاحتلال المتكررة لتبرير اقتحامات المخيم هي البحث عن أطفال بعمر 15 عاما تقريبا بذريعة إلقائهم الحجارة على الجنود.
ولفت النجار إلى معاناة السكان نتيجة استمرار محاصرة المخيم منذ بدء الحرب، قائلا إن “الحركة مقيدة ويضطر السكان للمشي في مسالك ترابية لمغادرته، ويمنعون من استخدام الشارع المعبد عند المغادرة إلى أشغالهم في مدينة الخليل أو القرى المجاورة، ومن يمشي على الطريق المعبد يصرخ عليه الجنود في البرج العسكري بمكبرات الصوت وبأبشع الألفاظ ويجبر على العودة للمسلك الترابي”.
برأي، المواطن الفلسطيني، فإن ما يجري “سياسة ممنهجة لاستهداف المخيمات بشكل خاص، بهدف القضاء على ملف اللاجئين”.
قوات الاحتلال تقتحم مخيم الفوار بالخليل وتطارد الأطفال تزامنا مع خروجهم من المدارس pic.twitter.com/FXtEPss90X
— شبكة رصد (@RassdNewsN) April 13, 2025
آثار وانعكاسات
من جهته، يقول أمين البايض -وهو ناشط حقوقي ومن سكان المخيم- إن هدف ما يجري من اقتحامات “كي وعي” سكان المخيم وإذلالهم.
وأوضح أن المخيم تحوّل إلى ما يشبه ميدان تدريب لجنود الاحتلال قبيل توجههم إلى الحرب في غزة “بهدف كسر الحاجز النفسي لدى الجنود، وهذا محرم دوليا حيث يستخدم السكان دروعا بشرية وحقل تجارب، وهذا محرم دوليا”.
وتابع أن الاقتحامات تُخلف حالة فزع وتأثيرات نفسية بهدف تحطيم النفوس، خصوصا عند الأطفال والنساء والشيوخ، مشيرا إلى “معاناة نفسية كبيرة جدا بدأت تلاحظ وظاهرة البطء في التعلّم والتحصيل العلمي المتدني ترافقها حالة خوف وفزع لدى الأطفال بعد أن كانت المخيمات منارة في العلم”.
ولا يستبعد البايض أن يكون ترحيل السكان أحد أهداف الاقتحام الذي يستهدف قلب المخيم ويستثني التوسعات الحديثة في محيطه.
ووفق توثيق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، فإن الاقتحامات الإسرائيلية للمناطق الفلسطينية تزايدت بشكل ملحوظ بالتزامن مع حرب غزة، حيث بلغت 16 ألفا و612 اعتداء للجيش والمستوطنين خلال العام الماضي 2024، مقابل 12 ألفا و161 اعتداء عام 2022.
أما خلال الثلث الأول من العام الجاري 2025، فقد نفذ الجيش والمستوطنون 7163 اعتداء، منها نحو 6 آلاف اعتداء وانتهاك نفذها الجيش.
وتتراوح الاعتداءات بين الاقتحامات والهجمات المسلحة على قرى فلسطينية وبين فرض وقائع على الأرض وإعدامات ميدانية وتخريب وتجريف أراضي واقتلاع أشجار والاستيلاء على ممتلكات وإغلاقات وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية.
بينما تشير معطيات نادي الأسير الفلسطيني إلى أكثر من 17 ألف حالة اعتقال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في الضفة الغربية، وعدد غير معروف من المعتقلين من قطاع غزة.