دعوى لوقف نُزل “ريتز كارلتون” في ماساي مارا الكينية

13/8/2025–|آخر تحديث: 10:07 (توقيت مكة)
في خطوة تصعيدية تعكس تصاعد التوتر بين مشاريع السياحة الفاخرة والمجتمعات المحلية في شرق أفريقيا، رفع ناشط بيئي كيني دعوى قضائية أمام محكمة البيئة والأراضي في مقاطعة ناروك، مطالبًا بوقف افتتاح أول نُزل سفاري تابع لسلسلة “ريتز كارلتون” العالمية في محمية ماساي مارا الشهيرة.
النُزل، الذي من المقرر افتتاحه يوم الجمعة المقبل، يضم 20 جناحًا فاخرا بخيام مجهزة تطل على نهر ساند، وتبدأ أسعار الإقامة فيه من 3500 دولار للشخص الواحد في الليلة الواحدة.
ويعد المشروع جزءًا من توسع شركة “ماريوت” العالمية في قطاع السياحة البيئية عبر اتفاقية امتياز مع المطور المحلي “لازيزي مارا المحدودة”.
لكن هذه المنشأة، التي تقدم خدمات راقية تشمل مسابح وخدمة شخصية، تواجه انتقادات حادة من قبل نشطاء بيئيين وباحثين، على رأسهم مدير معهد ماساي للتعليم والبحث والحفاظ البيئي ميتامي أولول داباش، الذي يؤكد أن المشروع يهدد ممرًا حيويا لهجرة الحيوانات بين ماساي مارا وسيرينغيتي في تنزانيا، وهو ما يُعد ضروريًا للحفاظ على التنوع البيولوجي وتوازن النظام البيئي.
اتهامات بغياب الشفافية البيئية
الدعوى القضائية، التي تشمل أيضًا شركة ماريوت والمطور المحلي والسلطات البيئية الكينية، تتهم المشروع بعدم إجراء تقييم للأثر البيئي، وهو شرط قانوني أساسي في مثل هذه المشاريع.
ويطالب فريق الدفاع القانوني لداباش بتعليق افتتاح النُزل والنظر في القضية بشكل عاجل.
ورغم تأكيد شركة ماريوت التزامها بالمعايير البيئية، وتأكيد شيفان باتيل مدير “لازيزي مارا” أن السلطات أجرت التقييم المطلوب، فإن وكالة إدارة البيئة الوطنية لم ترد على طلبات رويترز للتعليق، ولم يُعثر على أي إشعار رسمي بنشر نتائج التقييم في الجريدة الرسمية كما يقتضي القانون الكيني.

باتيل رفض مشاركة نسخة من التقييم البيئي بحجة السرية، وأحال الصحفيين إلى وكالة إدارة البيئة الوطنية التي لم تصدر أي توضيح حتى الآن.
جدل حول الموقع والتوقيت
ويؤكد داباش، الذي يُعد من أبرز المدافعين عن حقوق الماساي البيئية، أن النُزل يقع في نقطة عبور معروفة محليًا لقطعان الحيوانات البرية، خاصة الظباء والحمار الوحشي، خلال الهجرة السنوية الكبرى. ويقول إنه لم يعلم بالمشروع إلا في مايو/أيار الماضي نظرًا لبُعده عن المناطق السكنية.
ويطرح توقيت الاعتراض تساؤلات من قبل المطور، الذي قال إن المشروع بدأ قبل عام، متسائلًا عن سبب تأخر داباش في تقديم الاعتراضات. لكن الأخير يرد بأن غياب الشفافية حال دون معرفة المجتمع المحلي بالمشروع في وقت مبكر.
انتهاك لخطة إدارة المحمية
وتشير الدعوى أيضًا إلى أن المشروع ينتهك خطة إدارة ماساي مارا والتي أُقرت في فبراير/شباط 2023، والتي تنص صراحة على “عدم إقامة منشآت سياحية جديدة” حتى عام 2032، بهدف الحد من الضغط البيئي على المحمية.

لكن باتيل يقول إن المشروع أُقيم على موقع قائم منذ سنوات، دون أن يوضح طبيعة استخدامه السابق.
السياحة الفاخرة في مواجهة المجتمعات المحلية
ويُعد هذا النزاع جزءًا من جدل أوسع في شرق أفريقيا، حيث تتصاعد الانتقادات لمشاريع السياحة الفاخرة التي يقول السكان المحليون إنها تُقام على حساب أراضيهم وموائلهم الطبيعية.
ففي كينيا تتكرر شكاوى المجتمعات المحلية من استيلاء مستثمرين أثرياء على الأراضي، في حين شهدت تنزانيا احتجاجات دامية ضد إخلاء عشرات الآلاف من الماساي لإفساح المجال أمام نُزل الصيد.

ويقول داباش، الذي أسس معهد ماساي للتعليم والبحث والحفاظ البيئي عام 1997 كشبكة شعبية لزعماء الماساي، إن المشروع يُجسد نمطا متكررًا من مشاريع سياحية مربحة تُقرها السلطات دون مراعاة للبيئة أو حقوق السكان.
وأضاف في حديثه لرويترز “من دون تنظيم حكومي لسلوك السياح، شهدنا تدهورًا كبيرا في البيئة والموائل الطبيعية”.
تحذيرات علمية من تداعيات بيئية خطيرة
ويحذر عدد من الباحثين من التداعيات البيئية للمشروع، إذ يقول الباحث الكيني في جامعة هوهينهايم الألمانية جوزيف أوغوتو إن بناء منشأة سياحية على أحد أهم مسارات الهجرة يُعد “قرارًا غير مدروس”، مشيرًا إلى أن العديد من الأنواع في المحمية تراجعت بأكثر من 80% منذ سبعينيات القرن الماضي.

أما غرانت هوبكرافت، عالم البيئة في جامعة غلاسكو، فيقول إن المشروع “سيُحدث على الأرجح آثارا بيئية كبيرة وطويلة الأمد على الهجرة”.
دعوة للمساءلة والشفافية
ويختم داباش بالقول إن “الحفاظ على مسارات الهجرة البرية بالنسبة لنا كنز لا يمكن التفريط فيه. نريد أن نرى أن الإجراءات القانونية قد اتُخذت كما ينبغي، وأن المشروع خضع لتقييم بيئي حقيقي”.