في إنجاز علمي غير مسبوق، نجح فريق من الباحثين في إعادة قدرة أحد مرضى السكري من النوع الأول على إنتاج الأنسولين بشكل طبيعي، عقب خضوعه لعملية زرع خلايا بنكرياسية معدلة وراثياً هي الأولى من نوعها على البشر.
وتميزت التجربة بكونها ألغت الحاجة إلى الأدوية المثبطة للمناعة، التي تُعد عادةً شرطاً أساسياً لنجاح عمليات الزرع. فقد صُممت التعديلات الوراثية بحيث تحمي الخلايا المزروعة من هجمات الجهاز المناعي، وهو ما يمثل تحولاً جوهرياً في طرق العلاج التقليدية.
ويُعد السكري من النوع الأول مرضاً مناعياً ذاتياً يبدأ عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجزر البنكرياسية المسؤولة عن إنتاج الأنسولين، ما يفرض على المريض الاعتماد على حقن الأنسولين والحمية الصارمة مدى الحياة. لكن الاتجاهات العلاجية الحديثة تسعى إلى تجاوز هذا القيد عبر استبدال الخلايا التالفة بأخرى سليمة قادرة على أداء وظيفتها الحيوية.
وفي إطار هذه الدراسة التجريبية، خضع رجل في الثانية والأربعين من عمره، يعاني المرض منذ طفولته، لزرع خلايا جزرية مأخوذة من متبرع سليم جرى حقنها في عضلة ساعده. وخلال 12 أسبوعاً فقط، بدأت هذه الخلايا بالاستجابة لارتفاع مستويات السكر في الدم بعد الوجبات وإفراز الأنسولين بشكل طبيعي، من دون اللجوء إلى أي عقاقير مثبطة للمناعة.
ولتحقيق هذه النتيجة، استخدم العلماء تقنية “كريسبر” لإجراء ثلاثة تعديلات جينية دقيقة: تعديلان لتقليل المستضدات التي تجذب هجوم الخلايا التائية، وتعديل ثالث لزيادة إنتاج بروتين CD47 الذي يوفر حماية ضد استهداف المناعة الفطرية. وقد أثبتت النتائج أن الخلايا المزودة بالتعديلات الثلاثة وحدها استطاعت البقاء وممارسة وظيفتها الحيوية، بينما فشلت الخلايا غير المعدلة أو المعدلة جزئياً في مقاومة هجمات الجهاز المناعي.
التجربة، التي أُجريت بتعاون بين باحثين من السويد والولايات المتحدة ونُشرت نتائجها في مجلة “نيو إنغلاند الطبية” المرموقة، اعتُبرت خطوة رائدة في مسار علاج السكري من النوع الأول. ويرى الخبراء أن هذا الإنجاز لا يمهد الطريق أمام علاج أكثر أماناً وفعالية لهذا المرض فحسب، بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة لتطبيق التقنية في عمليات زرع أخرى مستقبلاً، دون الحاجة إلى مثبطات المناعة وما تسببه من مضاعفات.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك
