Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

هل يحقق مجلس الأعمال السوري التركي مكاسب لدمشق؟

حلب – يمثل إعلان تأسيس “مجلس الأعمال التركي السوري” في السادس من الشهر الجاري، وتوقيع أكثر من 10 اتفاقيات تعاون بين سوريا وتركيا، خطوة إستراتيجية لإحياء العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

ويأتي تأسيس المجلس في إطار مساعي دمشق لإعادة بناء اقتصادها الذي أنهكته سنوات الحرب، في وقت تطمح فيه أنقرة إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي عبر المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار.

وقد جرى إشهار المجلس تحت مظلة مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، بهدف تعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يشمل تسهيل التجارة البينية، تحسين البنية التحتية الجمركية، ودعم إعادة بناء الصناعة السورية.

الاتفاقيات الموقعة شملت مذكرات تفاهم في مجالات التنمية الإدارية، والحوكمة، والنقل، والجمارك، إلى جانب خطط لإنشاء مناطق صناعية مشتركة وتدريب الكوادر السورية.

مجمع الشهباء مشروع استثماري تركي في حلب (الجزيرة)

فرص استثمارية محفزة

ويرى رئيس مجلس الأعمال التركي السوري الدكتور أسامة قاضي أن هذا المجلس يجسد عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والتي تعززت مؤخرا نتيجة تقارب سياسي واجتماعي. وقال قاضي للجزيرة نت، “إن إنشاء المجلس خطوة طبيعية لتعزيز التعاون الاقتصادي، خاصة أن اندماج السوريين في سوق العمل التركي بلغ مستويات مؤثرة.”

وأوضح قاضي أن وجود أكثر من 4 ملايين سوري في تركيا أسهم في ترابط المجتمعين، سواء عبر اندماج العمالة السورية في الشركات التركية، أو عبر إطلاق رجال الأعمال السوريين مشاريع بمليارات الدولارات.

كما لفت إلى أن المجلس يركز على تنظيم العلاقة بين العمالة وأصحاب الأعمال، والاستفادة من الحدود المشتركة الممتدة لأكثر من 900 كيلومتر كعامل جيوسياسي لتعزيز التعاون. ومن أبرز ما يدعمه المجلس، إقامة أو توسيع المدن الصناعية وتدريب العمالة السورية بما يخدم الشركات في كلا البلدين.

وأشار قاضي إلى أن هناك اهتماما تركيا متزايدا بإنشاء مصانع داخل سوريا، بحيث ينتَج فيها بضاعة تحمل علامة “صنع في سوريا”، الأمر الذي يعزز فرص العمل المحلية ويدعم الاقتصاد السوري.

وأوضح أن القوانين والتشريعات السورية تلزِم الشركات الأجنبية بتوظيف ما لا يقل عن 60% من العمالة السورية، مع الالتزام بالحد الأدنى للأجور، وهو ما يضمن مصالح متبادلة ويمنع أي شكل من الاستغلال.

كذلك، تحدث عن جهود وزارة الاقتصاد والصناعة السورية في تهيئة بيئة استثمارية مرنة عبر سياسات مثل “النافذة الواحدة”، واعتماد 4 أنواع من التحكيم لفض النزاعات. كما أوضح أن قانون الاستثمار يحمي المستثمرين من الابتزاز أو الحجز على الممتلكات دون حكم قضائي.

ومن أبرز الحوافز التي تقدمها الحكومة:

  • إعفاء المشاريع الزراعية والثروة الحيوانية من الضرائب.
  • تخفيض بنسبة 80% على الضرائب المفروضة على المصانع التي تصدر نصف إنتاجها على الأقل.
مشاريع استثمارية سورية تركية في حلب
مشاريع استثمارية سورية تركية في حلب (الجزيرة)

شراكات صناعية ناشئة

وشهدت العاصمة التركية أنقرة في مطلع الشهر الجاري إنتاج أول عينة صناعية ضمن مشروع تركي سوري مشترك داخل مصنع “ميكست”، وهو أحد المراكز البارزة للتكنولوجيا والابتكار.

الحدث حضره وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار ونظيره التركي محمد فاتح كاجر، إلى جانب وفود رفيعة المستوى شملت نائب وزير الاقتصاد السوري باسل عبد الحنان، ونائب وزير النقل، ومسؤولين من وزارة الطاقة، إضافة إلى رؤساء غرف التجارة والصناعة وممثلين عن مجلس الأعمال.

وخلال الزيارة، شارك الوفد السوري في عرض تقديمي داخل المنطقة الصناعية الأولى بأنقرة، حيث استعرض المسؤولون الأتراك خطة إستراتيجية للتعاون الصناعي، تقوم على إعادة بناء البنية التحتية الصناعية في سوريا، مع تطبيق مفاهيم “التحول الرقمي” و”التصنيع الذكي” بالاستفادة من الخبرات التركية.

بعد سياسي للتقارب

الباحث في الشؤون التركية والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو رأى أن هذه الخطوة تعكس فتح قناة جديدة لانفتاح اقتصادي متبادل، شبيهة باتفاقيات التجارة الحرة قبل 2011. وقال للجزيرة نت إن التحركات الاقتصادية الأخيرة تأتي في إطار بناء الدولة السورية الجديدة بعد زوال النظام السابق، وتركيا تلعب دورا رئيسيا في دعم الإدارة الجديدة على كافة المستويات.

وأشار أوغلو إلى أن المناخ الإقليمي يهيئ لنجاح هذه الشراكة، في ظل دعم من دول عربية بارزة مثل السعودية وقطر والإمارات، التي يُرتقب أن تشارك في مساعدة سوريا على التعافي اقتصاديا. وأضاف: “تركيا بالنسبة لسوريا بمثابة صمام أمان سياسي واقتصادي وأمني، خاصة أن تدخّلها يتم وفق منظومة إقليمية ودولية منسقة، بخلاف النفوذ الإيراني السابق.”

تركيا تواصل عملية تنشيط الاقتصاد السوري عبر مشاريع ضخمة
تركيا تواصل عملية تنشيط الاقتصاد السوري عبر مشاريع ضخمة (الجزيرة)

تحديات تهدد التنفيذ

ورغم الإمكانيات الواعدة، تواجه الشراكة السورية التركية عقبات جادة. فضعف البنية التحتية في سوريا من كهرباء ومياه وطرق، يشكل عائقا رئيسيا أمام استقطاب المستثمرين. كما أن الاضطراب الأمني والبيروقراطية الإدارية يضعفان من ثقة الشركات التركية في الاستثمار داخل سوريا.

الباحث الاقتصادي السوري عبد العظيم المغربل أوضح أن المجلس قادر على لعب دور محوري في تحفيز الانتعاش الاقتصادي عبر استقدام الاستثمارات والخبرات التركية. لكنه شدد على أن تجاوز التحديات يتطلب “جهودا موازية لإعادة تأهيل المرافق الأساسية، مع توفير بيئة استثمارية آمنة وجاذبة”.

وحذّر المغربل من مخاطر غياب الضمانات القانونية، والبيروقراطية الإدارية، وضعف الشفافية، مؤكدا أن هذه العوامل تضعف ثقة المستثمرين. وأضاف “من المهم أن تقوم الشراكات على مبدأ المنفعة المتبادلة لا التبعية الاقتصادية، وأن تُصاغ أطر قانونية واضحة تحمي مصالح الطرفين، مع فتح المجال أمام التعاون مع أطراف دولية أخرى لضمان التوازن.”

ويحمل مجلس الأعمال التركي السوري إمكانيات كبيرة لتحفيز الاقتصاد السوري عبر:

  • جذب الاستثمارات
  • تطوير البنية الجمركية
  • إنشاء مناطق صناعية مشتركة.

بيد أن نجاحه يظل رهنا بقدرة الطرفين على تحويل الاتفاقيات إلى مشاريع ملموسة، ومعالجة التحديات الأمنية والإدارية التي لا تزال تلقي بظلالها على أي استثمار محتمل في دمشق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى