Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

“العافية الثقافية”.. هل يمكن علاج الالتهابات بزيارة المتاحف؟

الفن يزيل عن الروح غبار الحياة اليومية، هكذا قال الفنان الإسباني العالمي بابلو بيكاسو. لكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن الفن له فوائد على الجسد أيضا، وفقا لدراسات علمية حديثة أجريت في كلية كينغز لندن المتخصصة في العلوم الصحية والطب النفسي.

أظهرت دراسة حديثة أن دقائق معدودة أمام لوحة فنية بديعة داخل معرض أو متحف قد تخفض مستويات هرمون “الكورتيزول”، وهو هرمون التوتر الرئيسي، وتقلل من مؤشرات الالتهاب في الجسم، مما قد ينعكس إيجابيا على الصحة العامة.

تأثير الفن على مستويات التوتر

قسّم الباحثون 50 متطوعا إلى مجموعتين: الأولى زارت معرض “كورتولد” الذي يضم مجموعة استثنائية من الأعمال الفنية الانطباعية وما بعد الانطباعية. بينما شاهدت المجموعة الثانية نسخا مطبوعة خارج المتحف. بعد قياس معدلات ضربات القلب ومؤشرات التوتر، وجد الباحثون أن مجموعة زوار المعرض سجلت انخفاضا جذريا في هرمون الكورتيزول بنسبة 22%، بينما لم يتجاوز الانخفاض 8% لدى المجموعة الثانية.

وفقا للدكتور توني وودز المشرف على الدراسة، فإن هرمونات التوتر ومؤشرات الالتهابات ترتبط بأمراض القلب والسكري والقلق والاكتئاب. وأضاف أن “تخفيض الفن الأصيل لهذه المؤشرات يشير إلى أن الانخراط في الأنشطة الفنية والثقافية له دور ملموس في حماية العقل والجسد معا”.

الأثر على الأجهزة الحيوية

أكدت الدراسة أن الأثر الإيجابي لتجربة مشاهدة الأعمال الفنية ظهر على ثلاثة أجهزة حيوية: الجهاز المناعي، وجهاز الغدد الصماء، والجهاز العصبي اللاإرادي. هذا يعني أن تجربة المشاهدة لها استجابة جسدية شاملة، مما يعزز فكرة أن الفن يمكن أن يكون أداة وقائية فعالة.

العوامل المساهمة في تأثير الفن

لا يكمن السر في اللوحة وحدها، بل في السياق المحيط بأكمله. المعرض الفني يوفر عناصر ضرورية لتعميق التجربة، مثل ضمان أصالة العمل وتوفير إضاءة فنية مدروسة، فضلا عن الصمت الذي يساعد على الانغماس الهادئ في تجربة المشاهدة.

هذه العوامل تحول المشاهدة من مجرد نظرة عابرة إلى تأمل مباشر في العمل الأصيل في بيئته الطبيعية، مما يطلق استجابة جسدية أكثر هدوءا وأشد تأثيرا في أجهزتنا الحيوية.

الفن والعافية الثقافية

رغم حجم العينة الصغير نسبيا، تتوافق نتائج الدراسة مع مؤشرات اقتصادية أوسع تشير إلى فوائد الفن على الصحة العامة. فبحسب تقرير لمؤسسة “فرونتير إيكونوميكس”، تضيف الأنشطة الثقافية المنتظمة نحو 8 مليارات جنيه إسترليني سنويا للاقتصاد البريطاني بفضل تحسن نوعية الحياة والإنتاجية.

تشير هذه الأرقام إلى مفهوم أوسع يعرف بـ”العافية الثقافية”، ويشمل الفوائد الصحية والاجتماعية التي تنبع من المشاركة المنتظمة في الفنون والتراث والأنشطة الثقافية والإبداعية. هذا يعني أن الفن يمكن أن يكون نوعا من التدخل الوقائي المتاح للجميع.

بناء على هذه النتائج، يمكن القول إن زيارة المعارض والمتاحف قد تكون خطوة بسيطة نحو تحسين الصحة العامة. وستكون الخطوة التالية هي توسيع نطاق الدراسات لفهم أعمق لكيفية تأثير الفن على الصحة، مع التركيز على كيفية جعل هذه التجارب متاحة للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى