“هاغينغ فيس”.. كيف تقود المصادر المفتوحة ثورة الذكاء الاصطناعي؟

برزت شركة “هاغينغ فيس” (Hugging Face) كقصة نجاح استثنائية في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث تحولت فكرة بسيطة إلى أداة عالمية تلعب دورا حاسما في مجال معالجة اللغة الطبيعية. أسست الشركة عام 2016 على يد رواد الأعمال الفرنسيين كليمان ديلانج وجوليان شوموند وتوماس وولف، وركزت في البداية على تطوير روبوت دردشة يعتمد على هذه التقنية.
ومع مرور الوقت، تطور عمل الشركة ليشمل توفير بيئة تعاونية للمطورين، حيث باتت تستضيف مئات الآلاف من النماذج، لتصبح بذلك المكافئ لمنصة “غيت هاب” (GitHub) في مجال الذكاء الاصطناعي.
التأسيس والتطور المبكر
بدأت “هاغينغ فيس” مسيرتها بتطوير روبوت دردشة يعتمد على معالجة اللغة الطبيعية، وهي تقنية كانت حديثة وقتها وتتسم بتكلفة عالية قد تصل إلى 1.6 مليون دولار لتدريب نموذج واحد. ونتيجة لذلك، ركز مؤسسو الشركة على بناء مكتبة لتشغيل النماذج المختلفة، مع إصدار بعض محتوياتها عبر “غيت هاب” على شكل مشاريع مفتوحة المصدر.
ومع انتشار روبوت الدردشة وإقبال المستخدمين عليه، أدرك مؤسسو الشركة أن نقاط القوة الرئيسية تكمن في النماذج الداخلية ومكتبة النماذج المدربة مسبقا، مما أدى إلى اتخاذ قرار بتغيير مسار الشركة وتحويلها إلى منصة ذكاء اصطناعي.
التحول إلى منصة رائدة في الذكاء الاصطناعي
في عام 2017، نشرت “غوغل” ورقة بحثية حول تقنية “ترانسفورمر” (Transformer)، التي أحدثت ثورة في مجال معالجة اللغة الطبيعية. وسرعان ما طورت الشركات نماذج لغوية استنادا إلى هذه التقنية، مثل “بيرت” (BERT) و”جي بي تي تو” (GPT-2).
وفي إطار استجابتها لهذه التطورات، طرحت “هاغينغ فيس” عبر “غيت هاب” نسخة مفتوحة المصدر من نموذج “بيرت”، مما سلط الضوء على الشركة ضمن مجتمع المصادر المفتوحة وشكل بداية رحلتها نحو أن تصبح المنصة المفضلة لمطوري وباحثي الذكاء الاصطناعي.
وأطلقت الشركة “ترانسفورمرز” (Transformers)، وهي مكتبة أدوات مفتوحة المصدر تهدف إلى تبسيط عملية إنشاء النماذج. وحظيت هذه المكتبة بشعبية كبيرة بفضل سهولة استخدامها وشمولية توثيقها، مما سمح باستخدام النماذج بسرعة في إنجاز مهام مختلفة مثل تصنيف النصوص وتوليدها.
مستودع النماذج المفتوحة والتعاون
بعد توجهها نحو الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر، طورت “هاغينغ فيس” مجموعة منتجات متكاملة لسد الفجوة بين البحث والإنتاج في هذا المجال. وأصبحت توفر الأدوات الأساسية التي تدعم منظومة الذكاء الاصطناعي وتسمح بالوصول إليها وتحسينها.
وتولت الشركة نقل أبحاث الذكاء الاصطناعي من المختبر إلى التطبيق العملي، مما يسمح باستخدام نماذج وموارد البحث بسهولة. وطورت مركزا يجمع النماذج المدربة مسبقا ومجموعات البيانات والتطبيقات التفاعلية، ووفرت آليات للتعاون وترخيص النماذج.
ومن خلال هذه الجهود، أصبحت “هاغينغ فيس” منصة مركزية لابتكار الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن للمطورين والمؤسسات الاعتماد عليها يوميا في مشاريعهم.
وتشير التطورات الأخيرة إلى استمرار “هاغينغ فيس” في توسيع نطاق خدماتها وتطوير أدواتها لدعم مجتمع الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تعزيز التعاون وتبادل المعرفة في هذا المجال الحيوي.





