خبير عسكري: إسرائيل توسّع بنك أهدافها وتختلق ذرائع لتبرير غارات غزة

يُفيد تحليل عسكري أن التصعيد الإسرائيلي المستمر في قطاع غزة يشير إلى رغبة إسرائيلية في إبقاء الوضع هناك في حالة من الصراع الدائم، وتأخير أو حتى التخلي عن المراحل المتبقية في اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل الهدنة وعودة التوترات العسكرية المحتملة. التركيز الحالي من قبل تل أبيب يبدو منصبًا على مواصلة الاشتباكات بدلًا من المضي قدمًا في ترتيبات أمنية أكثر شمولاً.
أفاد العميد حسن جوني، خبير عسكري، أن إسرائيل تتعامل مع الاتفاق الحالي على أنه يقتصر على تبادل الأسرى والجثث فقط، دون أي التزام حقيقي بتنفيذ بنود تتعلق بالترتيبات الأمنية طويلة الأجل أو تشكيل قوة دولية للإشراف على الحدود. هذا النهج، بحسب جوني، يفسر استمرار الغارات الإسرائيلية وعملياتها العسكرية في مناطق مختلفة من القطاع.
تصعيد إسرائيلي مُتعمّد في غزة
يأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في ظل اتهامات متبادلة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تتهم إسرائيل فصائل المقاومة بإطلاق النار باتجاه قواتها، بينما تتهم الفصائل إسرائيل بمواصلة استهداف المدنيين والبنية التحتية. وقد شهدت مدينتا غزة وخان يونس اشتباكات متصاعدة منذ صباح الأربعاء، أسفرت عن استشهاد 25 فلسطينياً وإصابة أكثر من 77 آخرين، وفقًا لتصريحات وزارة الصحة في غزة.
يرى جوني أن جيش الاحتلال قد حوّل ما يُعرف بـ “الخط الأصفر” –الذي حدد بموجب الاتفاق منطقة الفصل بين مناطق سيطرة حماس والمناطق العازلة الإسرائيلية– إلى خط قتال فعلي، بدلًا من اعتباره علامة على الانتقال بين مرحلتين في الاتفاق. يمثل هذا الخط حاليًا 53% من مساحة قطاع غزة، وتم تحديده بكتل خرسانية صفراء.
تطوير “بنك الأهداف”
تشير التقارير إلى أن الغارات الإسرائيلية المستمرة مرتبطة بجهود حثيثة لتطوير ما يسمى بـ “بنك الأهداف” منذ اللحظات الأولى لتوقيع الاتفاق. وقد تم جمع هذه المعلومات من خلال الظروف الميدانية المحيطة بعمليات التبادل الأخيرة للأسرى والجثث. لا يستبعد الخبراء أن تكون إسرائيل تستغل أي حادث أو حتى تخلقه، مثل ادعاء تعرض جنودها لإطلاق النار، لتبرير استهداف هذه الأهداف الجديدة.
استهداف المدنيين كجزء من الإستراتيجية
يؤكد جوني أن استهداف المدنيين والنازحين والأطفال لا يعتبر خروجًا عن المألوف في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، بل هو جزء أساسي من خطة أوسع تهدف إلى “التأثير على البيئة والمجتمع الفلسطيني” بهدف ممارسة الضغط على حركة حماس. هذه التكتيكات، وفقًا لتحليله، لا تختلف كثيرًا عن تلك التي تستخدمها إسرائيل في مناطق أخرى، مثل لبنان.
وعلى صعيد ذي صلة، يبدو أن إسرائيل تسعى إلى معاقبة “المنتمين للمقاومة ومناصريها” بدلًا من التركيز على تدمير البنية التحتية. وتُظهر المقارنة مع الوضع في لبنان أن إسرائيل غالبًا ما تستهدف كوادر من حزب الله، بادعاء محاولة إعادة بناء قدراتهم، بينما الهدف الحقيقي هو تقديم عقاب رادع.
يربط المراقبون هذا التصعيد برفض حماس لمضمون قرار مجلس الأمن الأخير، الذي يدعو إلى تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة والحفاظ على وقف إطلاق النار. يشير الخبراء إلى أن الغارات الجوية قد تكون رسالة مباشرة لإظهار عدم قدرة حماس على تحدي الإرادة الإسرائيلية أو التأثير على قرارات مجلس الأمن.
يُذكر أن وقف إطلاق النار في غزة بدأ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد عامين من القصف الإسرائيلي المكثف، وذلك بموجب اتفاق تم التوصل إليه في شرم الشيخ برعاية قطر ومصر وتركيا. ويستند هذا الاتفاق إلى خطة من 20 بندًا وضعها الرئيس الأمريكي.
في الختام، من المتوقع أن يستمر التوتر العسكري في غزة في الأيام والأسابيع القادمة، مع استمرار إسرائيل في جهودها لتطوير “بنك الأهداف” وممارسة الضغط على حماس. مستقبل الاتفاق الحالي غير واضح، ويتوقف على قدرة الأطراف على الالتزام ببنوده وتجنب أي تصعيد إضافي. سيكون من الضروري مراقبة تطورات الوضع عن كثب، خاصةً فيما يتعلق بردود أفعال حركة حماس على الغارات الإسرائيلية المستمرة ومواقف مجلس الأمن الدولي.





