رئيس وزراء الصين في زامبيا لأول مرة منذ 28 عاما

حلّ رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في العاصمة الزامبية لوساكا في زيارة رسمية، مؤكداً بذلك أهمية التعاون الاقتصادي بين بكين وزامبيا. وتأتي هذه الزيارة في ظل سعي الصين لتعزيز نفوذها في أفريقيا، خاصة في مجال الاستثمارات والبنية التحتية، وتحديداً من خلال مبادرة “الحزام والطريق”. وتُعد هذه الزيارة أول زيارة لرئيس وزراء صيني إلى زامبيا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها الصين للعلاقات مع هذا البلد الأفريقي الغني بالنحاس.
تأتي زيارة لي تشيانغ في وقت حرج بالنسبة لزامبيا التي تكافح للتعافي من أزمة مالية كبيرة، وتسعى جاهدة لإعادة هيكلة ديونها. وبكين، بصفتها أكبر دائن رسمي لزامبيا بقروض تقدر بنحو 5.7 مليار دولار، تلعب دوراً حاسماً في دعم الاقتصاد الزامبي. وتسعى الصين إلى تقديم زامبيا كنموذج للدول الأفريقية التي يمكنها تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال التعاون مع الصين، وزيادة الصادرات الصينية من المعدات والآليات المختلفة.
الصين وزامبيا: شراكة استراتيجية في قلب أفريقيا
تعكس زيارة رئيس الوزراء الصيني التنافس المتزايد بين القوى الكبرى، بما في ذلك الصين والغرب، على النفوذ في القارة الأفريقية. وتسعى كل من هذه القوى إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الدول الأفريقية، للاستفادة من مواردها الطبيعية الهائلة وأسواقها الناشئة. تتنافس الصين في الوقت الحالي على مدى النفوذ الاقتصادي في زامبيا.
تعتبر زامبيا نقطة ارتكاز رئيسية في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وتسعى بكين إلى توسيع استثماراتها في البنية التحتية، وخاصة في قطاع السكك الحديدية، مثل خط “تازارا” التاريخي الذي يربط زامبيا بساحل تنزانيا. علاوة على ذلك، تهدف الصين إلى زيادة صادراتها من المعدات الكهربائية والجرارات والآليات الإنشائية إلى زامبيا والأسواق الأفريقية المجاورة.
التحديات والعقبات
على الرغم من التوقعات الإيجابية، تواجه الشراكة الصينية الزامبية بعض التحديات. في فبراير الماضي، أثارت حادثة تسرب حمضي من مصنع نحاس تديره شركة صينية جدلاً واسعاً، وأدت إلى تلويث نهر كافو الحيوي، مما أثار مخاوف بيئية واجتماعية. يتطلب هذا التعاون معالجة تلك المخاوف لضمان استدامة الشراكة.
بالإضافة إلى ذلك، يشهد الاقتصاد الزامبي منافسة متزايدة من قبل الاستثمارات الغربية والأمريكية، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال مشاريع استراتيجية مثل “ممر لوبيتو” الذي يربط زامبيا بأنغولا والكونغو الديمقراطية.
ويتوقع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد الزامبي نمواً بنسبة 6.5% في العام المقبل، وهو ما يتجاوز متوسط النمو الذي حققته البلاد خلال العقدين الماضيين. ومع ذلك، يعتمد تحقيق هذا النمو على استمرار التعاون الاقتصادي مع الصين، وإدارة التحديات البيئية والاجتماعية المرتبطة بالاستثمارات الصينية.
يذكر أن زامبيا نجحت مؤخراً في إعادة هيكلة ديونها البالغة 13.4 مليار دولار، مما يعزز من ثقة المستثمرين ويفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات الأجنبية. ويتميز الاقتصاد الزامبي بثرواته الطبيعية الهائلة، خاصة النحاس، مما يجعله وجهة جذابة للاستثمارات الصينية والأجنبية.
من المتوقع أن تشهد العلاقة بين الصين وزامبيا تطورات إضافية في الفترة المقبلة، حيث من المرجح أن تزيد الاستثمارات الصينية في القطاعات المختلفة، بما في ذلك البنية التحتية والطاقة والتعدين. وستراقب الأوساط الاقتصادية والسياسية عن كثب التطورات في هذا البلد، وتقييم تأثيرها على الاقتصاد الزامبي وعلى ميزان القوى في القارة الأفريقية. ومستقبل التعاون بين البلدين يعتمد على القدرة على التغلب على التحديات الحالية والتعامل مع المنافسة المتزايدة.





