لاغارد: يمكن لأوروبا التغلب على رسوم ترامب بالتجارة الداخلية

أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، اليوم الجمعة أن الاتحاد الأوروبي يمتلك القدرة على مواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية المتزايدة، وذلك من خلال إزالة العوائق التجارية الداخلية وتعزيز التكامل الاقتصادي. هذا الأمر يكتسب أهمية خاصة في ظل التحول العالمي نحو سياسات الحماية التجارية، مما يؤثر على نموذج الاتحاد الأوروبي القائم على التصدير. الهدف الرئيسي هو تعزيز التجارة الداخلية وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.
تأثير الرسوم الجمركية والحاجة إلى تعزيز التجارة الداخلية
أشارت لاغارد إلى أن السياسات الحمائية التجارية، بدءًا من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وصولًا إلى سيطرة الصين المتزايدة على المعادن الأرضية النادرة، قد أثرت سلبًا على الاقتصاد الأوروبي. وفقًا لتحليل البنك المركزي الأوروبي، فإن إزالة الحواجز التجارية الداخلية يمكن أن يعوض بشكل كبير عن هذه الآثار السلبية.
وأضافت أن نموذج الاتحاد الأوروبي الاقتصادي، الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات، يواجه تحديات متزايدة بسبب هذه التطورات العالمية. ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي لديه القدرة على تعزيز مكانته التنافسية من خلال التركيز على تعزيز التكامل الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.
هولندا نموذجًا للتكامل التجاري
اعتبرت لاغارد هولندا مثالاً جيدًا على اقتصاد أوروبي منفتح، مشيرة إلى أن تبني نفس مستوى الانفتاح التجاري في جميع دول الاتحاد يمكن أن يقلل الحواجز التجارية الداخلية بنسبة 8% للسلع و9% للخدمات. هذا التحسن في الكفاءة التجارية يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي ويقلل من تأثير الرسوم الجمركية الخارجية.
وذكرت أن تحقيق ربع هذا الهدف فقط سيكون كافيًا لتعويض الأثر الكامل للرسوم الجمركية الأمريكية على النمو. هذا يشير إلى أن هناك إمكانات كبيرة لتحسين الأداء الاقتصادي للاتحاد الأوروبي من خلال اتخاذ خطوات بسيطة نسبيًا.
الإصلاحات الاقتصادية المقترحة
تطرقت لاغارد إلى عدد من الإصلاحات الاقتصادية واسعة النطاق التي يمكن أن تعزز التكامل الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي. تشمل هذه الإصلاحات توحيد ضرائب القيمة المضافة واعتماد قانون للشركات على مستوى الاتحاد. هذه الخطوات ستسهل التجارة عبر الحدود وتقلل من التكاليف على الشركات.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت على أن هذه الإصلاحات ليست بعيدة المنال ولا تتطلب معاهدات جديدة أو إعادة هيكلة جذرية للاتحاد. الأمر يتعلق فقط بالإرادة السياسية لاستخدام الأدوات المتاحة بالفعل. السياسات التجارية الحالية يمكن أن تكون أكثر فعالية مع التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء.
وفي سياق متصل، تشير التقارير إلى أن بعض الدول الأعضاء قد أبدت تحفظات بشأن بعض هذه الإصلاحات، خاصة فيما يتعلق بتوحيد ضرائب القيمة المضافة. ومع ذلك، يرى خبراء الاقتصاد أن الفوائد المحتملة تفوق التحديات، وأن هذه الإصلاحات ضرورية لضمان مستقبل اقتصادي مزدهر للاتحاد الأوروبي.
تأثيرات محتملة على النمو الاقتصادي
من المتوقع أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتعزيز القدرة التنافسية للشركات الأوروبية. كما أنها ستخلق فرص عمل جديدة وتساهم في تحسين مستوى المعيشة في جميع أنحاء الاتحاد. النمو الاقتصادي المستدام يعتمد على التكامل والتعاون بين الدول الأعضاء.
ومع ذلك، هناك بعض المخاطر والتحديات التي يجب أخذها في الاعتبار. على سبيل المثال، قد تواجه بعض الدول صعوبات في التكيف مع الإصلاحات الجديدة، وقد يكون هناك مقاومة من بعض القطاعات الاقتصادية.
الخطوات التالية والتوقعات المستقبلية
من المتوقع أن يناقش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي هذه المقترحات في اجتماعهم القادم في بروكسل. من المرجح أن يكون هناك جدل حول بعض التفاصيل، ولكن من المتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن خطة عمل لتنفيذ هذه الإصلاحات على المدى القصير والمتوسط.
يبقى من غير الواضح ما إذا كانت جميع الدول الأعضاء ستلتزم بالكامل بهذه الخطة، ولكن هناك إجماع متزايد على أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى اتخاذ خطوات جريئة لتعزيز اقتصاده ومواجهة التحديات العالمية. سيراقب المراقبون عن كثب التقدم المحرز في تنفيذ هذه الإصلاحات في الأشهر والسنوات القادمة.





