طلبت السلطات الإيرانية مساعدات دولية عاجلة في محاولة للسيطرة على حرائق الغابات الهائلة التي تجتاح غابات هيركانية شمال البلاد، وهي منطقة ذات أهمية بيئية وتراثية عالمية. اندلع الحريق في بداية شهر نوفمبر واستأنف انتشاره بشدة في منتصف الشهر، مما استدعى طلب المساعدة الخارجية لاحتواء النيران التي تهدد هذه الغابات القديمة.
انتشار خطير لـحرائق الغابات في هيركانية
تعتبر غابات هيركانية، الممتدة على طول بحر قزوين، واحدة من أقدم وأكثر الغابات تنوعًا بيولوجيًا في العالم، حيث يعود تاريخها إلى ما بين 25 و 50 مليون عام. وهي موطن لأكثر من 3200 نوع نباتي، مما يجعلها منطقة ذات قيمة بيئية فريدة. وقد أُدرجت هذه الغابات في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2019، مما يؤكد أهميتها العالمية.
وذكر مسؤولون إيرانيون أن جهود الإطفاء تواجه صعوبات بالغة بسبب الظروف الجوية الصعبة، بما في ذلك موجة جفاف طويلة الأمد تعتبر الأسوأ منذ عقود. هذه الظروف الجافة تزيد من قابلية الغابات للاشتعال وتجعل عملية السيطرة على النيران أكثر تعقيدًا، وفقًا لتقارير محلية.
جهود الإطفاء والمساعدات الدولية
أعلنت منظمة حماية البيئة الإيرانية عن تلقي عرض من تركيا لإرسال طائرتين رش للمياه وطائرة هليكوبتر، بالإضافة إلى فريق متخصص يضم ثمانية أفراد. كما أبدت روسيا استعدادها لتقديم الدعم إذا لزم الأمر، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية.
وفي الوقت نفسه، تتزايد الشكوك حول أسباب الحريق. أشارت وكالة تسنيم إلى احتمال أن يكون الحريق متعمدًا، مرجحة اشتعال النيران من قبل صيادين في منطقة إيليت الصخرية بمحافظة مازندران، وقد أتت النيران على حوالي 8 هكتارات من الغابات حتى الآن.
تداعيات الجفاف وتأثيره على جهود مكافحة الحرائق
تأتي هذه الحرائق في وقت تعاني فيه إيران من أزمة جفاف شديدة، مما أضعف قدرة الغابات على مقاومة الحرائق وزاد من سرعة انتشارها. الجفاف الطويل الأمد أدى إلى ضعف النباتات وزيادة كمية المواد القابلة للاشتعال، مما يجعل جهود الإطفاء أكثر صعوبة.
وتشير التقارير إلى أن هذا الوضع يهدد التنوع البيولوجي الفريد الذي تتميز به غابات هيركانية. بالإضافة إلى الخسائر المباشرة في النباتات والأشجار، قد يؤدي الحريق إلى تدمير موائل الحيوانات النادرة وتهديد بقائها. تعتبر الحفاظ على التنوع البيولوجي هدفًا رئيسيًا لليونسكو، ولهذا فإن الأضرار التي لحقت بالغابات تثير قلقًا بالغًا.
الأهمية البيئية والتحديات المستقبلية
تعتبر غابات هيركانية بمثابة “رئة” للبلاد، حيث تلعب دورًا حيويًا في تنظيم المناخ وتوفير الأكسجين. كما أنها تساهم في الحفاظ على التربة ومنع الفيضانات. وتعد الغابات أيضًا مصدرًا رئيسيًا للمياه، حيث تعمل بمثابة حوض طبيعي لتجميع وتخزين المياه.
الوضع الحالي يبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز جهود الوقاية من الحرائق وإدارة الغابات المستدامة. يجب على السلطات الإيرانية الاستثمار في تدريب فرق الإطفاء وتوفير المعدات اللازمة لمواجهة مثل هذه الكوارث. كذلك، من الضروري تنفيذ برامج توعية للمواطنين حول مخاطر الحرائق وأهمية الحفاظ على الغابات.
من المتوقع أن تستمر جهود الإطفاء خلال الأيام القليلة القادمة، مع التركيز على منع انتشار النيران إلى المناطق المجاورة. سيستمر المسؤولون في تقييم الأضرار الناجمة عن الحرائق وتحديد الخطوات اللازمة لإعادة تأهيل الغابات المتضررة. تبقى الظروف الجوية الجافة بمثابة التحدي الأكبر، وقد يتطلب الأمر أمطارًا غزيرة للسيطرة الكاملة على النيران.
