مجموعة العشرين تطالب بحماية توريد المعادن النادرة

دعت مجموعة العشرين إلى تعزيز حماية **المعادن النادرة** الأساسية من الإجراءات التجارية الأحادية، وذلك في خضم مخاوف متزايدة بشأن القيود التي تفرضها بعض الدول على صادراتها من هذه المواد الحيوية. يأتي هذا الإعلان خلال قمة المجموعة المنعقدة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، ويشير إلى اتجاه عالمي نحو تأمين سلاسل الإمداد لهذه الموارد الاستراتيجية.
وقالت قمة المجموعة، التي انطلقت يوم السبت، في مسودة وثيقة مقترحة إنها تسعى إلى ضمان قدرة سلسلة قيمة المعادن الأساسية على الصمود بشكل أفضل في وجه الاضطرابات، سواء كانت ناجمة عن التوترات الجيوسياسية أو التدابير التجارية الأحادية التي تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية، أو الأوبئة والكوارث الطبيعية. يمثل هذا بمثابة إشارة ضمنية إلى القيود التي فرضتها الصين على صادراتها من بعض المعادن.
أهمية **المعادن النادرة** وتحديات سلاسل الإمداد
تكتسب المعادن النادرة أهمية متزايدة في العديد من الصناعات الحديثة، بما في ذلك صناعة التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والدفاع. تُستخدم هذه المعادن في تصنيع مجموعة واسعة من المنتجات، مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، والمركبات الكهربائية، والأسلحة الموجهة. تعتمد العديد من الدول على عدد قليل من الموردين لهذه المعادن، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار والاضطرابات السياسية.
في وقت سابق من هذا العام، فرضت الصين قيودًا على صادرات بعض المعادن النادرة، مما أثار مخاوف في الولايات المتحدة ودول أخرى بشأن تأثير ذلك على سلاسل التوريد العالمية. تعتبر هذه القيود بمثابة سلاح تجاري محتمل، حيث يمكن للصين أن تستخدمها للضغط على الدول الأخرى لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية. زيادة الاعتماد على مصدر واحد تُعد مشكلة كبيرة.
ردود الفعل الدولية والانتقادات
أثارت القيود الصينية على المعادن الأرضية النادرة انتقادات واسعة النطاق من دول في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة. ترى هذه الدول أن القيود تشكل تهديدًا للتجارة الحرة وتقوض الأمن القومي. وقد دعت هذه الدول إلى تنويع مصادر المعادن النادرة وتقليل الاعتماد على الصين.
المفاوضة التجارية الأميركية السابقة ويندي كاتلر، والتي تعمل حاليًا في معهد سياسات مجتمع آسيا، صرحت لوكالة بلومبيرغ أن انتقاد الصين لسياساتها الأحادية المتعلقة بالمعادن النادرة يُعد تحولًا كبيرًا من جانب أعضاء مجموعة العشرين. وأضافت أن هذا يعكس قلقًا عالميًا عميقًا إزاء الإجراءات التي تتخذها بكين لتقويض سلاسل التوريد.
بالإضافة إلى ذلك، صرّح الرئيس الأميركي السابق ترامب الشهر الماضي بأن هدنة تم التوصل إليها مع الرئيس شي جين بينغ ساهمت في عودة الوصول إلى هذه المعادن، ليس فقط لأمريكا، بل للعالم أيضًا. يظهر هذا مدى تعقيد الأوضاع الجيوسياسية التي تؤثر على توفر هذه المواد الهامة.
خطة عمل مجموعة العشرين المقترحة
يحدد مشروع وثيقة القمة خطة عمل طوعية وغير ملزمة تهدف إلى ضمان أن تصبح الموارد المعدنية النادرة محركًا للازدهار والتنمية المستدامة. تتضمن هذه الخطة تطوير تقنيات جديدة لإعادة تدوير المعادن النادرة، وتعزيز التعاون الدولي لضمان الحصول على هذه المعادن بطريقة مسؤولة، والاستثمار في البحث والتطوير لإيجاد بدائل للمعادن النادرة.
تأتي هذه الجهود في ظل اعتراف متزايد بأن المعادن النادرة ضرورية لتمويل التحول نحو اقتصاد أخضر وأكثر استدامة. وتتطلب هذه العملية تعاونًا وثيقًا بين الحكومات والشركات والمؤسسات البحثية لضمان توفر هذه المعادن بطريقة تضمن حماية البيئة وتعزيز التنمية الاقتصادية.
ومع غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ واكتفاءه بإرسال رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ، لا تزال لغة البيان قابلة للتغيير. وبحسب بلومبيرغ، يهدف البيان إلى تضمين تعهد بأن يتم استخدام الموارد المعدنية لتعزيز “الازدهار والتنمية المستدامة”. من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة أبدت اعتراضها على إصدار أي وثيقة ختامية تتفق عليها المجموعة بشكل بالإجماع.
من المتوقع أن يناقش قادة مجموعة العشرين هذه المقترحات بشكل مفصل خلال الأيام القادمة، وأن يتوصلوا إلى اتفاق بشأن خطة عمل محددة. سيراقب المراقبون عن كثب مدى استعداد الدول الأعضاء للالتزام بهذه الخطة وتطبيقها على أرض الواقع. تعتبر هذه القمة فرصة مهمة لتعزيز التعاون الدولي في مجال المعادن النادرة وضمان توفرها بشكل مستدام في المستقبل.





