«التمييز» تؤيد براءة عقيد في «الداخلية» و25 متهماً من تهم استخراج تأشيرات بالرشوة

أصدرت محكمة التمييز الكويتية أمس حكمًا نهائيًا ببراءة جميع المتهمين في القضية المعروفة بـ”قضية الرشوة في الإقامة”، والتي شملت مسؤولًا سابقًا في وزارة الداخلية، وسكرتارية أعضاء في مجلس الأمة، ومقيمين سوريين، وآخرين. وتعتبر هذه القضية من أكبر قضايا الرشوة التي نظرتها المحاكم الكويتية في السنوات الأخيرة، حيث كانت تتضمن اتهامات بتسهيل معاملات الإقامة مقابل مبالغ مالية.
الحكم، الذي صدر يوم أمس، يؤيد أحكامًا سابقة صدرت عن محكمتي أول درجة والاستئناف، مما يضع حدًا لسنوات من الإجراءات القانونية. القضية التي بدأت التحقيقات فيها قبل عدة سنوات، أثارت جدلاً واسعًا حول الرشوة والفساد في المؤسسات الحكومية، وتحديدًا تلك المتعلقة بشؤون الإقامة والعمل.
تفاصيل القضية وأحكام محكمة التمييز حول الرشوة
بدأت القضية بإحالة النيابة العامة لـ 26 شخصًا إلى المحكمة بتهم تتعلق بتلقي الرشوة وتزوير معاملات خاصة بتأشيرات الإقامة. ووفقًا للتحقيقات، كانت المبالغ المالية المتورطة في القضية تصل إلى 2000 دينار كويتي لكل معاملة.
أسندت النيابة إلى المتهمين الأول حتى السابع طلب وأخذ مبالغ مالية مقابل استغلال نفوذهم المفترض لتسهيل إجراءات الحصول على سمات دخول وطلبات التحاق بعائل من مكتب شؤون الإقامة. كما اتهمتهم بتسهيل حصول أجانب على تصاريح إقامة وزيارة مقابل مبالغ مالية.
الاتهامات الموجهة للمتهمين
تضمنت الاتهامات تقليد ختم رسمي – ختم وكيل وزارة الداخلية – بهدف استخدامه في تزوير الأوراق والمعاملات. بالإضافة إلى ذلك، اتهم المتهمون الثامن حتى السادس والعشرين بتقديم المبالغ المالية للمتهمين الأول حتى السابع مقابل تسهيل معاملاتهم.
وذكرت النيابة العامة أن المتهمين من الثامن إلى الرابع والعشرين قد حصلوا بالفعل على تصاريح إقامة وزيارة لذويهم عن طريق دفع مبالغ مالية. وكانت هذه التصاريح موضوع النزاع والتحقيق في القضية.
خلفية القضية وتداعياتها على الشفافية
وقد بدأت هذه القضية تظهر للعلن بعد سلسلة من التحقيقات الداخلية في وزارة الداخلية، والتي كشفت عن وجود شبهات فساد في قسم شؤون الإقامة. وتسببت هذه الشبهات في استياء شعبي كبير وزادت الضغوط على الحكومة لاتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد.
تأتي هذه الأحداث في سياق جهود مستمرة تبذلها الحكومة الكويتية لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في مختلف القطاعات. وقد أطلقت الحكومة العديد من المبادرات والبرامج بهدف تحسين الحوكمة ومكافحة الرشوة، بما في ذلك تطوير الأنظمة الإلكترونية وتقليل الإجراءات اليدوية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أثارت القضية تساؤلات حول فعالية الرقابة الداخلية في وزارة الداخلية، وحاجة إلى تعزيز آليات المساءلة والمحاسبة. وتشير بعض التقارير إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار في تدريب الموظفين وتوعيتهم بأخلاقيات الوظيفة العامة.
ردود الفعل على الحكم
تباينت ردود الفعل على حكم البراءة. في حين أعرب بعض المحامين عن احترامهم لقرار المحكمة، أعرب آخرون عن خيبة أملهم، معتبرين أن الأدلة المقدمة كانت كافية لإدانة المتهمين.
من جهتها، لم تصدر وزارة الداخلية أي بيان رسمي حتى الآن حول الحكم. ومع ذلك، تشير مصادر داخل الوزارة إلى أنهم سيحترمون قرار المحكمة وسيواصلون جهودهم لمكافحة الفساد.
وتراقب الأوساط القانونية والسياسية في الكويت عن كثب تداعيات هذا الحكم، وتأثيره على الجهود المبذولة لمكافحة الرشوة وتعزيز الشفافية. كما يترقب البعض استئنافًا محتملًا من النيابة العامة، على الرغم من أن الحكم نهائي.
الخطوات المستقبلية والتوقعات
من المتوقع أن تراجع النيابة العامة الحكم الصادر عن محكمة التمييز، وتقرر ما إذا كانت ستتقدم بطلب إعادة النظر في القضية. ومع ذلك، فإن فرص نجاح هذا الطلب تعتبر ضئيلة نظرًا لنهائية الحكم.
في غضون ذلك، من المرجح أن تستمر وزارة الداخلية في إجراءاتها الداخلية لمكافحة الفساد، وتعزيز الرقابة على معاملات الإقامة. كما قد تشهد الوزارة تعديلات في هيكلها التنظيمي وإجراءاتها الداخلية بهدف تحسين الحوكمة والشفافية.
من الجدير بالذكر أن قانون مكافحة الرشوة الكويتي يفرض عقوبات مشددة على المتورطين في هذه الجرائم. ويشمل ذلك السجن والغرامات وتجريد المتهمين من أموالهم غير المشروعة.




